توصيات اللجنة الملكية: ديمقراطية تناسب الأردنيين

تفاصيل التحديث السياسي مشاريع خلافات مستقبلية
الاثنين 2021/10/04
ترقب حذر لمآلات توصيات اللجنة الملكية

مع تسلم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لتوصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، ينتظر الأردنيون نقاشات وخلافات شائكة بشأن ما جاء فيها تحت قبة البرلمان للوصول إلى إقرارها. ورغم أنه لم يسبق للبرلمان أن رفض مشاريع قوانين يدعمها العاهل الأردني، لا تزال المخاوف من أن يكون مصير توصيات اللجنة كمثل سابقاتها من اللجان.

عمان - وصفت مصادر سياسية أردنية توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي تسلمها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الأحد بـ”الديمقراطية التي تناسب الأردنيين”، إلا أنها ترى في كثرة التفاصيل التي تضمنها تقرير اللجنة مشاريع لخلافات مستقبلية قد يطول معها تجسيم التوصيات والعمل بها وهو ما يثير مخاوف من أن تلقى نفس مصير ورشات الحوار والإصلاح السابقة التي لم تفعّل.

وأغرقت اللجنة في عرض تفاصيل مشاريع قوانين الأحزاب وطريقة تنظيمها وحيثيات الدوائر الانتخابية وكيفية الاقتراع، إلا أنها أهملت صلاحيات العاهل الأردني في ظل الحكومات البرلمانية، ما أثار تساؤلات بشأن تكوين لجنة ملكية تقدم في نهاية المطاف تفاصيل عامة ولا تتعرض إلى صلاحيات أقطاب السلطة وتضبط اختصاصاتها.

ورأت مصادر أردنية أنه لا يمكن الحديث عن صلاحيات العاهل الأردني ضمن توصيات لجنة التحديث السياسي ما لم تتم المصادقة عليها في البرلمان، الذي سيدعو بدوره إلى تعديلات دستورية تقنن صلاحيات كل سلطة بما في ذلك سلطات العاهل الأردني.

بشر الخصاونة: التوصيات سنسلمها إلى البرلمان للسير في إجراءات إقرارها
بشر الخصاونة: التوصيات سنسلمها إلى البرلمان للسير في إجراءات إقرارها

وأكدت المصادر أن صلاحيات العاهل الأردني يمكن مناقشتها لاحقا في إطار التعديلات الدستورية المطلوبة لمواكبة مفهوم الحكومة البرلمانية التي هي هدف الاصلاح.

وتتشكل الحكومات الأردنية في الوقت الراهن بتكليف من العاهل الأردني وفق الدستور. وينبغي تعديل الدستور لتتشكل الحكومات عن طريق الأحزاب في البرلمان.

وكان الملك عبدالله الثاني قد دعا إلى ذلك ضمنيا في “أوراقه النقاشية” حين تحدّث عن تشكيل الحكومات البرلمانية.

وجاء في رسالة الملك عبدالله الثاني التي وجهها لرئيس لجنة تحديث المنظومة السياسية سمير الرفاعي في العاشر من يونيو الماضي “إنني أضمن أمام الأردنيين والأردنيات كافة، أن نتائج عملكم ستتبناها حكومتي، وتقدمها إلى مجلس الأمة فورا، ودون أي تدخلات أو محاولات للتغيير أو التأثير”.

ورغم ذلك يحتفظ الأردنيون بذكرى سيئة تجاه ورشات الحوار والإصلاح السابقة والتي وضعت على الرف ولم تفعل توصياتها بعدما شغلت الأردنيين وخلقت ديناميكية سياسية واجتماعية أملا في تغيير يلبي تطلعات الأردنيين إلى ديمقراطية تشاركية وأكثر تمثيلية.

وهذه هي اللجنة الملكية الرابعة التي يتم تشكيلها على مدار السنوات الأخيرة، وجميع مخرجات هذه اللجان ما تزال في أدراج الحكومة إلى اليوم.

و أظهر استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية أن 68 في المئة من الأردنيين لا يثقون باللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وتزامن ذلك مع بيان أصدرته 111 شخصية وطنية وصفت فيه مشاريع الإصلاح التي تطرحها الجهات الرسمية بأنها “مفرغة من مضمون الإصلاح”.

وأثارت توقعات الناطق باسم اللجنة الملكية مهند مبيضين بحصول ردات فعل على مخرجات اللجنة تساؤلات حول مصير هذه المخرجات، والعوائق التي قد تقف في طريقها ومدى جدية تنفيذها على أرض الواقع.

وتتطلب كثرة التفاصيل في مقترحات اللجنة الملكية وقتا طويلا للخوض فيها والمصادقة عليها، حيث يقول مراقبون إن مناقشة هذه التوصيات لتفعيلها تنذر بخلافات مستقبلية داخل المنظومة السياسية الحالية.

ومنحت اللجنة على سبيل المثال الأحزاب حصة كبيرة في البرلمان يقول منتقدون إنها لا تعادل وزنها الحقيقي، بينما استهدفت المكون العشائري القوي اجتماعيا في المملكة.

وتعزز توصيات اللجنة إشراك الشباب والمرأة في الحياة السياسية، حيث خفض مشروع القانون سن الترشح إلى 25 عاما، ونص على أن تلتزم القائمة بوجود شاب (أو شابة) على الأقل بعمر لا يتجاوز 35 عاما، ترتيبه (أو ترتيبها) ضمن المرشحين الخمسة الأوائل، وأن تلتزم القائمة المرشحة على مستوى الدائرة العامة بوجود امرأة مرشحة واحدة على الأقل ترتيبها ضمن المرشحين الثلاثة الأوائل، ووجود امرأة مرشحة واحدة على الأقل ترتيبها ضمن المرشحين الثلاثة التالين.

ولضمان التمثيل العادل اشترط القانون على القائمة المرشحة على الدائرة العامة وجود مرشحين فيها موزعين على نصف الدوائر الانتخابية المحلية على مستوى المملكة.

وفي حال أريد تمرير مخرجات اللجنة الملكية بناء على ضمانة العاهل الأردني، يجب أن تتبنى الحكومة التوصيات كمشاريع قوانين، وترسلها إلى ديوان الرأي والتشريع، ثم إلى مجلس النواب لإقرارها، ومن ثم إلى مجلس الأعيان للموافقة عليها، ويوشح بعد ذلك بالإرادة الملكية، ثم يُنشر بالجريدة الرسمية ليصبح قانونا نافذا.

ويرجح سياسيون أردنيون أن يمرر مجلس النواب مخرجات اللجنة الملكية تناغما مع إرادة الملك عبدالله الثاني وحكومته، إذ لم يسبق للبرلمان رفض مبادرات تشريعية يدعمها العاهل الأردني.

وأكد رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة الأحد أن الحكومة ستمتثل للتوجيه الملكي بتحويل مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي تسلمها الملك عبدالله الثاني إلى مجلس الأمة (البرلمان) للسير في إجراءات ومراحل إقرارها.

وشدد الخصاونة على أن هناك “ضمانة من الملك عبدالله الثاني عندما عيّن هذه اللجنة التي أنجزت عملاً دؤوباً وطيباً تستحق عليه الثناء والشكر والتقدير، بأن تقدّم نتاج أعمالها في ما يتعلق تحديداً بمسودة مشروعي قانون الانتخاب وقانون الأحزاب السياسية إلى مجلس الأمة للسير في إجراءات إقراره”.

ولفت إلى أن لدى “النخب السياسية والمجتمع دوراً أساسياً في ترجمة هذه المخرجات إلى واقع ملموس يشهد شحذاً لهممنا التي ستكون دائماً عالية في إطار هذا التأطير البرامجي للعمل السياسي ضمن سياقات جماعية وحزبية برامجية ووطنية تلبي تطلعات واحتياجات المواطنين”.

2