كيف ستتعامل إسرائيل مع الموقف الأميركي من الملف النووي الإيراني

إسرائيل تعارض عودة الولايات المتحدة إلى المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي.
الخميس 2021/09/30
المواقف المعارضة في الاجتماعات المغلقة

تل أبيب - يتعارض الموقف الإسرائيلي السياسي مع العسكري في ما يتعلّق بالموقف الأميركي حيال الملف النووي الإيراني، لكنّ المستوى العسكري الإسرائيلي لا يرى غضاضة في الحل السياسي، طالما أنه يضمن وقف المشروعين النووي والصاروخي الإيراني، مع وقف نشاط طهران في المنطقة.

وأجرت واشنطن خلال الأشهر الماضية مفاوضات مع طهران لاستئناف العمل بالاتفاق النووي وتحسينه، مع الأخذ بالتهديدات التي يمثلها النظام الإيراني عبر صواريخه الباليستية والتدخلات المستمرة في شؤون دول المنطقة عبر دعم الميليشيات.

ويعارض المستوى السياسي في إسرائيل عودة الولايات المتحدة إلى المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، غير أن الحكومة الحالية خلافا لسابقتها تفضل إبداء مواقفها دون ضجيج.

أمنون لورد: الحكومة تنازلت عن سياسة مستقلة على الجبهة النووية الإيرانية

وينظر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى الملف الإيراني على أنه التهديد الأول في منطقة الشرق الأوسط، على خلفية تهديدات طهران المستمرة وانتشار ميليشياتها في عدد من الدول.

وفي حين أن بينيت تجنب في تصريحاته أي إشارة للقبول بعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق مع إيران، فإن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس اعتبر أن بإمكان إسرائيل التعايش مع مثل هكذا اتفاق ولكن بشروط.

ففي إشارة إلى جهود الرئيس بايدن، قال غانتس لمجلة “فورين بوليسي” منتصف الشهر الجاري “النهج الأميركي الحالي متمثل في إعادة البرنامج النووي الإيراني إلى صندوق، سأقبل بذلك”.

ولكنه استدرك بأنه يريد أن تكون لدى الولايات المتحدة “خطة ب” قابلة للتطبيق تتضمن عقوبات اقتصادية ودبلوماسية كاملة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين، عارضا “الخطة ج” الخاصة بإسرائيل التي تتضمن التحرك عسكريا لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.

وأوضح أن الجيش الإسرائيلي يعد وسائل عسكرية لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، إذا وصلت إلى ذلك الحد.

ولم يعقب بينيت على هذه التصريحات بشكل علني، لكن اليمين الإسرائيلي رأى في تصريحات غانتس استسلاما لإيران.

وكتب المحلل أمنون لورد في صحيفة “إسرائيل اليوم” المؤيدة لزعيم المعارضة نتنياهو “تصريح غانتس بأن إسرائيل يمكن أن تتعايش مع اتفاق نووي جديد، يشير إلى أن الحكومة تنازلت عن سياسة مستقلة على الجبهة النووية الإيرانية”.

ورأى لورد أن “هذه تصريحات بائسة، لاسيما في ظل المحادثات مع إيران بشأن مراقبين دوليين لمنشآتها النووية. بشكل عام، وافق الإيرانيون على السماح بتركيب كاميرات في مواقعهم النووية، لكنهم لن يمنحوا الشاشات بطاقات الذاكرة لمشاهدة ما تم تسجيله”.

وتابع “يقوم غانتس وبينيت بشكل أساسي بإبلاغ الأميركيين والعالم بأسره بأن إسرائيل تعود إلى موقف الاعتماد على الولايات المتحدة، حتى بعد الفشل الذريع في أفغانستان وبعد أن أوضح الرئيس الأميركي بايدن أنه ليس على استعداد للقيام بأي عمل ضد إيران”.

ويرى محمد مجادلة الخبير في الشؤون الإسرائيلية والمحلل في القناة الإسرائيلية “12” (خاصة)، أن غانتس إنما عبر بتصريحه عن مواقف الجيش الإسرائيلي.

النووي الإيراني يرعب إسرائيل
النووي الإيراني يرعب إسرائيل

وقال إن المستوى الأمني والسياسي في إسرائيل كان ومازال يؤيد أن يكون هناك اتفاق بين إيران والسداسية الدولية، ولكن أن يكون اتفاقا جيدا وهذا يعني أن يتضمن كل ما يتعلق بالرؤوس الصاروخية وتطوير الصواريخ الباليستية ومنع تخصيب اليورانيوم وهو ما يعتقدون أنه يضمن عدم وصول إيران إلى القنبلة النووية.

وبالتالي، يرى مجادلة أن تصريحات غانتس تأتي من هذا المنطلق “بمعنى أن هذا هو الأقرب للمستوى العسكري والأمني، وليس المستوى السياسي الذي من غير الممكن أن يدلي بمثل هذه التصريحات بشكل علني، لأنه سيتعرض لانتقادات من قبل نتنياهو واليمين الذي يعتبر أن الاتفاق الدولي مع إيران خطأ استراتيجي سيضر بإسرائيل”.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو قد وجّه انتقادات إلى بينيت حول تعامله مع الملف الإيراني. وكتب في تغريدة على تويتر الخميس “هوس بينيت بالتمييز بين نفسه وبيني بأي شكل من الأشكال، يُكلف دولة إسرائيل غاليا في الصراع ضد كورونا، والنضال ضد النووي الإيراني”.

وأضاف “يجب على بينيت قراءة هذه الخطابات بعناية وتعلم كيفية جذب انتباه العالم وتعبئته لصالح دولة إسرائيل”.

وجاءت انتقادات نتنياهو بعد نحو أسبوع من إطلاق بينيت تصريحات رأى فيها نتنياهو “هجوما سخيفا على خطاباته العديدة الناجحة، في الأمم المتحدة”.

وفي اجتماع للحكومة في الثاني عشر من سبتمبر الجاري اعتبر بينيت أن البرنامج النووي الإيراني يشهد أكثر مراحله تقدما و”هذه هي الورثة التي تركتها الحكومة السابقة لهذه الحكومة، لكن هذه هي ولايتنا الآن فنحن ملتزمون وسنتعامل مع هذا البرنامج”.

عاموس هارئيل: إسرائيل تسلّم بالسياسة الأميركية في الملف النووي تدريجيا

ويرى مجادلة أن نتنياهو يتجنب توجيه انتقادات حادة إلى غانتس، لأنه يرى فيه حليفا مستقبليا محتملا، كما أن لدى غانتس سهولة أكبر للإدلاء بمثل هذه التصريحات لأنه يعرف أن نتنياهو بحاجته في حال تشكيله حكومة مستقبلا، ولن يبالغ في انتقاده وغانتس أيضا وزير الأمن، وعادة ما تكون تصريحات وزير الأمن أقرب إلى المستوى العسكري منها إلى المستوى السياسي.

ولا يرى مجادلة أن تصريحات غانتس تمثل المستوى السياسي، ففي داخل الحكومة هناك خلافات حول الموضوع “فالجناح الذي يؤيد عقد اتفاق مع إيران هو جناح وزراء الخارجية يائير لابيد، والدفاع غانتس، والصحة نيسان هوروفيتش، والنقل ميراف ميخائيلي، بمعنى تيار المركز”.

وفي المقابل هناك الجناح الذي يرفض أي اتفاق مع إيران يضم رئيس الوزراء بينيت ووزيري العدل جدعون ساعر، والمالية أفيغدور ليبرمان، على حدّ قول غانتس.

ومع ذلك، فقد أشار إلى أن “هناك اتفاقا بين بينيت وبايدن يقضي بأن تقول إسرائيل موقفها بشأن الاتفاق مع إيران في الغرف المغلقة وليس في وسائل الإعلام”.

وهذا يعني، وفق مجادلة، ألا تقوم الحكومة الحالية بما قام به نتنياهو الذي شن حملة عالمية وداخل الولايات المتحدة ضد الاتفاق مع إيران عام 2015، لأن ذلك يزعزع العلاقة بين الديمقراطيين والجمهوريين وبين الديمقراطيين أنفسهم.

ويقول المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عاموس هارئيل إن السياسة الأميركية  تثير الإحباط، لكن الجانب الإسرائيلي يُسلّم بها بالتدريج.

Thumbnail
6