تكليف سيدة بتشكيل الحكومة في سابقة تونسية

الرئيس التونسي يؤكد أن فترة عمل الحكومة الجديدة ستمتد حتى نهاية التدابير الاستثنائية.
الأربعاء 2021/09/29
تكريم للمرأة التونسية واعتراف بقدراتها

تونس - كلّف الرئيس التونسي قيس سعيّد الأربعاء في سابقة في تاريخ البلاد امرأة هي نجلاء بودن، بتشكيل حكومة جديدة، إثر إقالته رئيس الوزراء السابق وتعليقه أعمال البرلمان وتوليه السلطات منذ أكثر من شهرين.

وأعلن بيان للرئاسة التونسية الأربعاء أن الرئيس قيس سعيّد كلف السيدة نجلاء بودن رمضان بتشكيل حكومة جديدة للبلاد، "على أن يتم ذلك في أقرب الآجال".

وذكرت رئاسة الحكومة أن هذا التكليف تم "عملا بأحكام الأمر الرئاسي عـدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في الثاني والعشرين من سبتمبر 2021 المتعلّق بتدابير استثنائية وخاصة على الفصل 16 منه".

 وقال الرئيس سعيّد في خطاب تكليف بودن إن "فترة عمل الحكومة الجديدة ستمتد حتى نهاية التدابير الاستثنائية".

وأشار سعيد إلى أن تعيين امرأة رئيسة للوزراء هو تكريم وشرف للمرأة التونسية وهو أمر تاريخي يحصل لأول مرة في تونس.

وأوضح أن "المرأة قادرة على القيادة بنفس القدر من النجاح ومن الرؤية الواضحة كالرجل تماما".

ودعا الرئيس التونسي نجلاء بودن إلى الإسراع باقتراح أعضاء الحكومة في الساعات أو الأيام القليلة القادمة، مبرزا أن "الوقت حان للعمل الجدي بعد أن أضاعوا الوقت (في إشارة إلى البرلمان) في الشجار وتحولت العديد من المؤسسات إلى حلبات يسيل فيها الدماء".

وأعرب سعيّد عن أمله في أن يكون الفريق الحكومي متجانسا، مؤكدا أن "يعمل أولا على مقاومة الفساد، وهي عملية أساسية، ثم الاستجابة لمطالب التونسيين والتونسيات وحقوقهم الطبيعية في التعليم والصحة والنقل وفي الحياة الكريمة".

ويرى مراقبون أن تعيين أول سيدة على رأس الحكومة يقطع النظرة الدونية للمرأة التي رسخها الفكر الإخواني في تونس، الذين كشفوا في أكثر من مناسبة عداءهم للمرأة وعدم إيمانهم بالحريات العامة.

وكان النائب محمد العفاس عن كتلة ائتلاف الكرامة في البرلمان المجمد هاجم المرأة التونسية ووصفها بنعوت جارحة منتقدا حريتها وتمسكها بمجلة الأحوال الشخصية الضامنة لحقوقها وحرياتها.

ونجلاء بودن هي أول امرأة تتولى منصب رئيس حكومة في تاريخ تونس، وهي من الكفاءات المستقلة في الإدارة التونسية.

وبودن (59 عاما) أستاذة بالتعليم العالي في المدرسة الوطنية للمهندسين، ومتخصصة في علوم الجيولوجيا، وتشغل خطة مكلفة بتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

وتولت بودن في السابق منصب مديرة عامة مكلفة بالجودة بوزارة التعليم العالي في عام 2011، كما تولت مهمة بديوان وزير التعليم العالي السابق شهاب بودن عام 2015.

وتضغط أحزاب ومنظمات وطنية، يتقدمها الاتحاد العام التونسي للشغل وشركاء تونس في الخارج، من أجل تشكيل حكومة، بعد فراغ استمر منذ الخامس والعشرين من يوليو الماضي، بعد إقالة رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي ضمن حزمة من التدابير الاستثنائية شملت أيضا تجميد البرلمان.

وستكون رئيسة الحكومة أمام أولويات عاجلة لإنعاش الاقتصاد المتعثر ومكافحة الفساد، إلى جانب إصلاحات واسعة في الإدارة والاقتصاد.

وستكون الحكومة الجديدة مسؤولة أمام الرئيس قيس سعيّد الذي وضع نظاما مؤقتا للسلطات، تمهيدا لوضع إصلاحات سياسية ستشمل تعديل الدستور ونظام الحكم والقانون الانتخابي.

وفي 25 يوليو الماضي أعلن سعيّد تدابير استثنائية جمّد بموجبها عمل البرلمان وأقال رئيس الحكومة هشام المشيشي وتولّى بنفسه السلطة في البلاد.

واستند سعيّد في قراراته على الفصل 80 من دستور 2014 الذي يخوّل رئيس الدولة اتّخاذ "تدابير استثنائية" إذا ما كان هناك "خطر داهم" يتهدّد البلاد.

ولقيت قرارات سعيّد ترحيباً واسعاً من شريحة واسعة من التونسيين وقد خرج كثيرون منهم للاحتفال ولا سيّما بعد فرض منع السفر أو الإقامة الجبرية على العديد من الشخصيات والسياسيين ورجال الأعمال فضلاً عن توقيف وملاحقة نواب في البرلمان قضائياً بعد أن رُفعت عنهم الحصانة النيابية.

والأسبوع الماضي أصدر سعيّد قرارات عزّز فيها صلاحياته على حساب الحكومة ومنح نفسه صلاحية إصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، ما يزيد إمكانية انتقال البلاد نحو نظام رئاسي عبر "تعديل دستور" 2014.