اتحاد الشغل في تونس ينتقد حصر التغييرات الدستورية بيد قيس سعيّد

الإسلاميون يرفضون المساس بدستور 2014 "الملغم" باعتباره من إعدادهم.
الجمعة 2021/09/24
حالة استثنائية تعيشها تونس

تونس ـ ميّز الاتحاد العام التونسي للشغل موقفه عن موقف حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي، بأن انتقد حصر التغييرات الدستورية التي يعتزم الرئيس قيس سعيّد إجراءها، بأن تكون بيد الرئيس فيما عبر الإسلاميون عن رفضهم المساس بالدستور الذي قاموا بإعداده.

ورفض الاتحاد احتكار الرئيس التعديل معتبرا الأمر خطرا على الديمقراطية وعلى التشاركية، وشدد على أنّ "لا حلّ للخروج من الأزمة الراهنة غير التشاور والتشارك والحوار على قاعدة المبادئ الوطنية وسيادة تونس وخدمة شعبها والتجرّد من المصالح الذاتية والفئوية".

والاتحاد التونسي للشغل، الذي يضم مليون عضو، لاعب رئيسي مؤثر في الساحة التونسية، وكان قد رحّب بتحرك الرئيس سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو، لكنه دعاه إلى العمل في إطار الدستور.

ونبّه الاتحاد من "مخاطر تجميع السلطات في يد رئيس الدولة في غياب الهياكل الدستورية التعديلية"، وهو يرى أن "الدستور منطلق ومرجع رئيسي في انتظار استفتاء واع على تعديله يكون نتاج حوار واسع".

وجددت أكبر منظمة نقابية في البلاد المطالبة بالتسريع في تشكيل حكومة بكامل الصلاحيات، قادرة على مجابهة تعقيدات الوضع القائم في البلاد حاليا، والذي زادته الحالة الاستثنائية تعقيدا وتأزّما.

ودعا زعيم النهضة الإسلامية راشد الغنوشي إلى "النضال السلمي" ضد "الحكم الفردي المطلق"، مضيفا أنه "لم يعد هناك من مجال اليوم إلاّ النضال، نحن حركة مدنية ونضالنا سلمي".

ويواجه تمسك النهضة بضرورة إعادة البرلمان إلى عمله، رفضا من الرئيس التونسي، الذي أكد في أكثر من مناسبة "ألاّ مجال للعودة إلى الوراء ولا حوار إلا مع الصادقين".

وتعيش حركة النهضة حالة من الارتباك السياسي، خاصة بعد الاتهامات الرئاسية الأخيرة بشأن الاغتيالات، والتي ضربت في الصميم الصورة التي تريد أن تقدّمها عن نفسها كحركة سياسية تؤمن بالديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة.

وأقرّ الغنوشي بمسؤوليات حزبه عن الأزمة السياسية في البلاد قبل إعلان قيس سعيّد عن مجموعة في الإجراءات يوم الخامس والعشرين من يوليو الماضي، أتبعها بتعديلات دستورية (وقع تضمينها بالرائد الرسمي). وقال رئيس الحركة "نتحمّل بالتأكيد المسؤولية، النهضة لم تكن في الحكم، ولكن دعمنا الحكومة رغم مآخذنا عليها قبل الخامس والعشرين من يوليو".

النهضة تتخفى وراء الدفاع عن الديمقراطية في مواجهة قيس سعيد
النهضة تتخفى وراء الدفاع عن الديمقراطية في مواجهة قيس سعيّد

ويرى مراقبون أن اعتراف النهضة بمسؤوليتها عن الأزمة التي تعيشها تونس يهدف إلى امتصاص حالة الغضب الشعبي والسياسي المتزايدة على الحركة، وتحميلها مسؤولية الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد، والمطالبة بفتح ملفات قضائية لتحديد المتسبّبين في الفساد والاغتيالات.

وأبدى الغنوشي استعداد الحركة لإجراء إصلاحات على دستور 2014، وقال "نحتاج إلى البرلمان من أجل تطوير الدستور، نحتاج إلى حوار وطني للاتفاق على الجوانب التي تحتاج إلى تطوير".

وأكد رئيس حركة النهضة أن حزبه "قطعا سيشارك" في انتخابات إن اتخذ قرار بإجرائها.

وتأتي تصريحات الغنوشي غداة إصدار الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي أعلن قبل شهرين تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وتولي السلطات في البلاد، الأربعاء أمرا عزّز عبره صلاحياته في الدستور على حساب الحكومة والبرلمان.

ويرى خبراء أن الرئيس سعيّد يسعى لإرساء نظام سياسي جديد، يشكل بديلا عن النظام البرلماني الذي نص عليه دستور 2014.

وينص دستور البلاد على أن النظام السياسي برلماني ويعطي صلاحيات واسعة للسلطة التشريعية على حساب السلطة التنفيذية، ما تسبب في خلافات كبيرة بين السلطات خلال السنوات الأخيرة وصلت إلى حد تعطل الدولة.

ويواجه الرئيس التونسي مطالب متزايدة من قبل أحزاب سياسية ومنظمات وطنية، وضغوطا من الرأي العام الداخلي والأطراف الدولية، تدعوه إلى الكشف عن خطته للمرحلة المقبلة وتحذّره من مخاطر تعطل بعض المؤسسات الحكومية.