لبنان يرفع أسعار المحروقات للمرة الثانية في أسبوع

بيروت - قررت وزارة الطاقة اللبنانية الأربعاء رفع أسعار المحروقات بنسبة 16 في المئة، للمرة الثانية في أقل من أسبوع، في سياق مواصلة سياسة رفع الدعم عن استيراد الوقود، في خطوة من شأنها أن تثقل كاهل اللبنانيين الغارقين في انهيار اقتصادي غير مسبوق.
وحدّدت المديرية العامة للنفط سعر عشرين لترا من البنزين 95 أوكتان بـ202.400 ليرة، أي ما يعادل 13 دولارا تقريبا وفق سعر الصرف في السوق السوداء.
وكانت الحكومة اللبنانية رفعت الجمعة الماضي سعر المحروقات بنحو أربعين في المئة، وخفضت الدعم الذي قال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إنه لا يمكن تحمله في الوقت الذي يقدم فيه خططا لمعالجة أزمة مالية مدمرة.
وجاء رفع الأسعار الأربعاء بينما أغلقت أعداد كبيرة من المحطات أبوابها، فيما لم يؤد رفع الأسعار تباعا خلال الأسابيع الماضية إلى حلّ معاناة اللبنانيين الذين ما زالوا ينتظرون لساعات في طوابير طويلة لتعبئة خزانات سياراتهم، من دون أن يوفقوا في أحيان كثيرة.
ومنذ نهاية يونيو، ارتفع سعر 20 لترا من البنزين بمعدل أكثر من ثلاثة أضعاف. ومع السعر المعلن الأربعاء، بات الحد الأدنى للرواتب المحدد بـ675 ألف ليرة يكفي لشراء ستين لترا من البنزين تقريبا، وهي الكمية المطلوبة إجمالا لملء خزان وقود سيارة من الحجم المتوسط، في بلد يعيش نحو 80 في المئة من سكانه تحت خط الفقر.
ومنذ أشهر تعمل السلطات على رفع الدعم تدريجيا عن استيراد سلع رئيسية أبرزها المحروقات مع نضوب احتياطي مصرف لبنان بالدولار، على وقع أزمة اقتصادية غير مسبوقة صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
وقال مصدر في وزارة الطاقة إن الأسعار الجديدة حددت حسب صرف 14 ألف ليرة للدولار مقابل سعر رسمي قدره 1500 ليرة للدولار الواحد، قبل اندلاع الأزمة في عام 2019.
وتم حساب السعر الجديد للوقود وفق سعر منصة (صيرفة) التابعة للبنك المركزي في وقت متأخر الثلاثاء.
لكن هذا السعر لا يزال أقل من سعر الدولار في السوق السوداء الموازية، حيث كان أحد المتعاملين يشتري الدولار بسعر 15400 ليرة ويبيعه بسعر 16 ألف ليرة.
وحتى الآن كان لبنان يدعم سعر البنزين من خلال توفير الدولارات للمستوردين من البنك المركزي بأسعار صرف مدعومة بقوة.
وكان الهدف المعلن للدعم هو مساعدة المستهلكين المتضررين من الانهيار المالي. ويقول البعض إن هذا النظام استنزف احتياطات العملة الصعبة وكان حافزا كبيرا على التهريب والاختزان، مما ساهم في حدوث نقص شديد.
ويشهد لبنان أكبر كساد اقتصادي في التاريخ الحديث، وفقدت العملة المحلية أكثر من 90 في المئة من قيمتها في العامين الماضيين، وسقط أكثر من ثلاثة أرباع السكان في براثن الفقر، وأصيب النظام المصرفي بالشلل. وأدت أزمة العملة الصعبة إلى نقص واردات أساسية من ضمنها الوقود.
وقال ميقاتي في مقابلة الجمعة مع محطة "سي.أن.أن" الأميركية إن الدعم يجب أن يتوقف تماما، مشيرا إلى أنّ 74 في المئة من أموال الدعم خلال العام الفائت "أسيء استخدامها من قبل التجار والفاسدين".
ونقلت وسائل إعلام محلية عن عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس قوله إن زيادة الأسعار "ليست نهائية"، لافتا إلى أنّ رفع الدعم لا يعني اختفاء الطوابير التي تحددها كمية المحروقات المتوفرة في السوق.
وتنعكس أزمة المحروقات على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية. وتراجعت خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية لكافة المناطق، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يوميا.
ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها أيضا إلى التقنين ورفع تعريفاتها بشكل كبير جراء شراء المازوت من السوق السوداء.
ويحصل غالبية اللبنانيين على رواتبهم بالعملة المحلية التي فقدت أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار. وتعهدت الحكومة الجديدة في بيانها الوزاري بـ"استئناف التفاوض الفوري مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتّفاق على خطة دعم".
ومنذ عام يشترط المجتمع الدولي تطبيق إصلاحات بنيوية في قطاعات رئيسة مقابل توفير الدعم المالي.