الرئيس التونسي يعلن وضع أحكام انتقالية ويعدّ قانونا جديدا للانتخابات

تونس - أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد مساء الاثنين أنه سيواصل التدابير الاستثنائية في البلاد وسيضع أحكاما انتقالية ومشروع قانون انتخابي جديد، واصفا التظاهرة التي ضمت العشرات من الأشخاص ضد الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، وسط العاصمة بأنها "مسرحية"، واتهم خصومه ببث الفوضى والفتنة في البلاد.
وقال سعيّد في خطاب بثه التلفزيون الرسمي بمحافظة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية "التدابير الاستثنائية ستتواصل، وقد تمّ وضع أحكام انتقالية وسيتمّ تكليف رئيس حكومة ضمن أحكام انتقالية تستجيب لإرادتكم، وسيتمّ وضع مشروع انتخابي جديد".
ويخول وضع الأحكام الانتقالية للفترة القادمة للرئيس التونسي تنقيح الدستور الحالي مع المحافظة على باب الحقوق والحريات أو إعداد دستور جديد، وهو ما يبدد آمال حركة النهضة الإسلامية في عودة البرلمان المجمد إلى نشاطه، وبالتالي ستبقى الإجراءات الاستثنائية مستمرة إلى حين تنظيم انتخابات جديدة بنظام انتخابي جديد.
وقال سعيّد مخاطبا الجماهير العريضة المؤيدة له "جئتكم من مهد الثورة، حاملا نفس الشعار: الشعب يريد، وليس لعمل مسرحية كما رأيتم منذ يومين، إنها مسرحية، مخرجها معروف وفاشل، ومنفذوها من أسوأ الممثلين".
وكانت محافظة سيدي بوزيد (وسط) منطلقا لاحتجاجات شعبية في السابع عشر من ديسمبر 2010 انتهت بإسقاط نظام زين العابدين بن علي في الرابع عشر من يناير 2011.
وأضاف "جئتكم لأتحدث معكم عن الثورة التي خرجت من سيدي بوزيد وليس على مدارج وضعت للرقص، وزعوا الأموال ورغم ذلك لم ينضم إليهم إلا العشرات، وزعوا الخمور في الخارج ومع ذلك لم يأت إليهم إلا بعض المخمورين مثلهم".
وكانت حركة النهضة الإسلامية وذراعاها ائتلاف الكرامة وحزب قلب تونس نظمت السبت أمام المسرح البلدي بالعاصمة تظاهرة مناهضة للإجراءات الاستثنائية، لكنها فشلت في التعبئة حيث لم يتجاوز عدد المتظاهرين المئتين.
واحتشد المئات من أنصار سعيّد في الشارع ذاته تأييدا لقرارات الرئيس، رافعين شعارات ضد حركة النهضة ومطالبين بحل البرلمان.
وصاحب الاحتجاج انتشار للشرطة، الذي يعتبر الأول منذ إعلان سعيد في الخامس والعشرين من يوليو تفعيل بنود المادة 80 من الدستور التونسي، لإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميد عمل البرلمان برئاسة راشد الغنوشي (زعيم حركة النهضة الإسلامية)، لمدة شهر قابلة للتجديد، وتوليه بنفسه السلطات التنفيذية.
ولاقت تحركات سعيّد شعبية واسعة في بلد يعاني منذ أعوام من الركود الاقتصادي والجمود السياسي، لكنها أثارت مخاوف بشأن الحقوق والنظام الديمقراطي الذي تأسس بعد انتفاضة 2011 التي كانت شرارة انطلاق احتجاجات "الربيع العربي".
وقال سعيّد "الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور ستبقى سارية المفعول، ولن يقدر أحد على افتكاك حريتكم وحقوقكم في الشغل والحرية والكرامة".
ووصف سعيّد الانتقال الديمقراطي الذي شهدته تونس بعد سنة 2011 بالانتقال من فساد إلى فساد ومن سرقة إلى سرقة، مضيفا "كان لا بد من اللجوء إلى الفصل 80 من الدستور وكانت التدابير الاستثنائية يمكن أن تكون أشد، لكني تعاملت معهم بطريقة أخلاقية".
وتابع "صواريخنا القانونية على منصاتها وتكفي إشارة واحدة لتضربهم في أعماق الأعماق".
وأكد سعيّد تمسكه بالطريق الذي سلكه، وسط هتافات "الشعب يريد حل البرلمان"، قائلا "أنا على العهد ولن أتراجع عنه أبدا".
واتهم سعيّد خصومه الذين لم يسمهم بأنهم "يفتعلون الأزمات"، مضيفا أن "الأزمات عندهم أداة من أدوات الحكم".
وأكد أنه "كلما اشتدت الأزمات المفتعلة تزايدت معها الإرادة على تخطيها وتجاوزها، ولا مجال للتراجع أبدا ولا مجال كما يتحدث البعض عن الحيرة أو الارتباك".
وأثار تأخر الرئيس التونسي في إعلان خارطة الطريق حالة من القلق بين الأوساط السياسية، لتتالى الدعوات خلال الأيام الماضية للرئيس سعيّد إلى التعجيل بتعيين رئيس حكومة جديد.
لكن سعيّد أكد أنه تعمد التأخر "للفرز بين الوطنيين الأحرار، ومن باعوا الوطن ومن هم مستعدون لبيعه"، مشددا على أن القضية ليست قضية حكومة وإنما منظومة متكاملة".
ويطالب سعيّد بتصور سياسي مختلف عن السياسات السابقة التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة طيلة العشر سنوات الماضية، والتي لا تختلف عن المتبعة من قبل نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
ويريد الرئيس التونسي تصورا سياسيا يخدم الشعب الذي عانى طويلا من الفقر والتهميش والبطالة وغلاء المعيشة، ويراهن على تغيير هذه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من خلال حكومة جديدة، تتحمل أعباء المسؤولية وتكون قادرة على القطع مع المنوال التنموي والاقتصادي القديم.
ويترقب التونسيون الخطوات القادمة لرئيس الجمهورية بعد حوالي شهرين على إقالة الحكومة وتجميد عمل البرلمان، وتجريد النواب من الحصانة في الخامس والعشرين من يوليو الماضي.
وفي وقت سابق، لمّح سعيّد إلى إمكانية إضافة تعديلات على دستور البلاد المعمول به منذ عام 2014. وأشار إلى وجود مساعٍ لتشكيل حكومة جديدة في أقرب وقت ممكن واختيار وزراء قادرين على تحقيق مطالب الشعب.