طالبان تبدد آمال المجتمع الدولي بأن تكون أكثر اعتدالا

الحركة تلوّح بسحق مناوئيها المناهضين للتراجع عن المكاسب.
الخميس 2021/09/16
لا لغة غير لغة السلاح بالنسبة إلى طالبان

تعكس الخطوات التي بدأت حركة طالبان المتشددة تخطوها تراجعها عن التعهدات التي أطلقتها على غرار تشكيل حكومة تمثل التنوع في أفغانستان واحترام الحقوق وخاصة حقوق النساء وغيرها، ما يبدد آمال المجتمع الدولي الذي كان يراهن على وجه أكثر اعتدالا للحركة مقارنة بذلك الذي ظهرت به إبان حكمها الأول بين 1996 و2001 تاريخ الإطاحة بها بعد غزو الولايات المتحدة للبلاد.

كابول - بدأت حركة طالبان المتشددة التي عادت إلى الحكم في أفغانستان مؤخرا تخطو خطوات نحو تبديد آمال المجتمع الدولي، الذي كان يراهن على أن تكون أكثر اعتدالا.

ويعكس تهديد الحركة بسحق مناوئيها سواء من حركات مقاومة أو غيرهم من المتخوفين على المكاسب التي تمت مراكمتها، تلك الخطوات التي قد تضع طالبان الساعية لانتزاع اعتراف دولي بشرعيتها كسلطة في أفغانستان في مأزق، خاصة أن العديد من القوى ترهن أي دعم واعتراف بأفعال تجسد التعهدات التي أطلقتها الحركة.

وتعهد رئيس أركان جيش طالبان الجديد في أفغانستان قاري فصيح الدين، بسحق المنشقين “الذين يزعزعون استقرار البلاد بالحديث عن المقاومة والحقوق العرقية والديمقراطية”.

ونقلت عدة وسائل إعلام محلية وحسابات مؤيدة لطالبان على الإنترنت عن القائد العسكري الطالباني رفيع المستوى، هذه التصريحات التي أدلى بها خلال حديثه في تجمع في العاصمة كابول الأربعاء.

وقال فصيح الدين، المعروف باسم “فاتح الشمال” بين صفوف طالبان، إن المنشقين يسعون لزعزعة الأمن ودفع البلاد إلى حرب أهلية.

وأضاف أن المشاورات جارية لإنشاء جيش قوي في المستقبل القريب يكون قادرا على الدفاع عن البلاد.

وسيطرت طالبان على كابول الشهر الماضي بعد تفكك جيش قوامه 300 ألف فرد في البلاد. كما استولى المتشددون الإسلاميون على أسلحة وذخائر ومعدات الحكومة السابقة، بما في ذلك الطائرات العسكرية.

وقبل توليها السلطة فعليا قدمت حركة طالبان مجموعة من التعهدات بشأن تشكيل حكومة تمثل التنوع في البلاد، علاوة على احترام الحقوق على غرار حقوق النساء، لكن آمال المجتمع الدولي آخذة في التبدد في ظل ممارسات الحركة في الأيام الأولى لها في الحكم.

قاري فصيح الدين: المشاورات جارية لإنشاء جيش قوي في أفغانستان

وشكلت طالبان حكومة خالية من العنصر النسائي ولم تحظ بتأييد دولي، بل على العكس، إذ فاقمت من الانتقادات لها وجعلت العديد من القوى تشدد من مواقفها، على غرار فرنسا التي أدانت هذه التشكيلة الحكومية والولايات المتحدة التي طالبت باكستان بعدم الاعتراف بها.

وأعربت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه الاثنين عن “خيبة أملها” لافتقار حكومة طالبان في أفغانستان للتنوع، معربة عن قلقها بشأن معاملة النساء والقمع الذي يزداد عنفا ضد الأصوات المعارضة.

وقالت باشليه في افتتاح الدورة الـ48 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف “أشعر بخيبة أمل بسبب عدم شمولية ما يسمى بالحكومة الانتقالية، التي لا تتضمن أي امرأة وتضم عددا ضئيلا من الأعضاء غير البشتون”.

ولم تكتف طالبان بتجاوز التعهدات التي أطلقتها بشأن تشكيل حكومة شاملة، بل تواصل قمع الاحتجاجات المناهضة لها ولحكمها، علاوة على حرمان النساء من العمل والدراسة، إلا وفق ضوابط تحددها هي.

كما هاجمت الحركة وادي بانشير الذي يعد آخر معاقل المقاومة الوطنية المناهضة لها بقيادة أحمد مسعود، في خطوة بعثت برسائل سلبية إلى الأسرة الدولية.

وتم الأربعاء توجيه دعوة لأحمد مسعود، زعيم قوات المقاومة الأفغانية لزيارة البرلمان الأوروبي.

وقال متحدث باسم جبهة المقاومة الوطنية إنه لم يتم اتخاذ قرار بعد بشأن ما إذا كان مسعود سوف يقبل الدعوة.

وبعد استيلاء طالبان السريع على أفغانستان في أغسطس، شكل مسعود، وهو ابن قائد حرب عصابات أفغاني شهير، قوة مقاومة مسلحة ضد طالبان انطلاقا من ولاية بانشير.

ثم شنت طالبان حملة عسكرية مكثفة على بانشير واستولت على مكتب حاكم الولاية ومراكز المقاطعات، ما أجبر مقاتلي مسعود على الاحتماء  بالجبال والمناطق التي يصعب الوصول إليها.

وطلب مسعود في الآونة الأخيرة من المواطنين القيام بانتفاضة ضد طالبان بأي طريقة ممكنة. ولكن منذ استيلاء طالبان على بانشير، صار مكان مسعود غير معروف.

وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي بارت جروثيوس، أثناء حديثه في جلسة للاتحاد الأوروبي الثلاثاء، “إن مسعود يناضل من أجل مستقبل أفضل”.

وأضاف جروثيوس أن مسعود يسير على خطى والده أحمد شاه مسعود الذي عمل معه البرلمان منذ عقدين.

وكان والده قد ساعد في طرد السوفييت من أفغانستان، وحارب في ما بعد طالبان خلال تولي الحركة الحكم في أفغانستان من 1996 إلى 2001.

اقرأ أيضاً: الأزمة الاقتصادية تلاحق طالبان بعد شهر من سيطرتها على كابول

5