أدوات الدين المصرية تواجه مخاطر فقدان جاذبية المستثمرين

القاهرة - تتابع مصر بكثير من الاهتمام تداعيات خفض التسيير الكمي المحتمل في الولايات المتحدة على أدوات الدين التي تصدرها، لاسيما وأنها استطاعت أن تكون من أهم الوجهات التي يقصدها مستثمرو الأسواق الناشئة منذ تعويم عملتها قبل خمس سنوات.
ويرجح محللون أن تواجه أدوات الدين المصرية ضغوطا حال قرر الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) رفع أسعار الفائدة، إذ تصبح العوائد الحقيقية أقل جاذبية من الأصول الخالية من المخاطر مثل السندات الأميركية.
ومع ذلك، أكد وزير المالية محمد معيط في مقابلة مع وكالة بلومبرغ قدرة بلاده على التأقلم أو التصدي إذا بدأ الاحتياطي الأميركي في تقليص حزم التحفيز لمواجهة تفشي كورونا، ما يمثل مخاطرة لأن ذلك قد يقوض جاذبية أدوات الدين التي تطرحها مصر بين المستثمرين.

محمد معيط: تقلبات الأسواق الناشئة والجائحة أدتا إلى نزوح 20 مليار دولار
وتتمتع مصر بالكثير من الخبرة في إدارة الأزمات خلال الآونة الأخيرة، بعد أن أدى النقص الحاد في توافر الدولار إلى خفض قيمة العملة وإجراء إصلاحات شاملة في عام 2016 بدعم من برنامج صندوق النقد الدولي والحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، كما حصلت على قرض آخر من الصندوق للمساعدة في مواجهة الوباء.
وقال معيط “نراقب عن كثب كيف يمكن لقرار مجلس الاحتياطي الفدرالي أن يؤثر على تكلفة الاقتراض”، مضيفا “نأخذ في الاعتبار تجربتنا مع مثل هذا الوضع”.
وخلال السنوات الماضية جلبت أدوات الدين المرتفعة العائد إلى مصر أعدادا كبيرة من المشترين الأجانب والعملة الصعبة التي تحتاج إليها البلاد بشدة، لكن بثمن باهظ.
وتعتمد القاهرة على الاستيراد وتعول على التدفقات الدولارية لتمويل عجز ميزان المعاملات الجارية في ظل غياب تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر بوتيرة كافية.
ولكن نتيجة التقلبات بالأسواق الناشئة وتأثير جائحة كوفيد - 19 تدفقت أكثر من 20 مليار دولار خارج البلاد على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وساعد دعم صندوق النقد على جذب المستثمرين الذين يفضلون سعر الفائدة الحقيقي الذي يعتبر من أعلى المعدلات بين أكثر من 50 اقتصادا رئيسيا تتبعها بلومبرغ. وبينما قام المستثمرون بضخ المليارات من الدولارات في سوق الدين المحلي، إلا أن جاذبية الاستثمارات في أدوات الدين المصرية كانت لها تكلفة.
وحذرت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية في تقرير صدر قبل فترة وجيزة من أن اعتماد مصر على الاقتراض قد أثقل كاهلها بعبء خدمة ديون معوق يعد من أثقل الأعباء بين جميع الدول التي تقوم بتصنيفها.
وذكر خبراء الوكالة أن السلطات المصرية بحاجة إلى الحصول على المزيد من التمويل من بيع حصص من أسهم الشركات، إذا أرادت البلاد مواجهة الزيادة المحتملة في أسعار الفائدة العالمية.
وواصلت حيازات المستثمرين الأجانب من الأذون والسندات المصرية بالعملة المحلية ارتفاعها للشهر الخامس عشر تواليا بنهاية يوليو الماضي لتصل إلى 33 مليار دولار من أدنى مستوى عند نحو 10 مليارات دولار في يونيو 2020.
وتمثل هذه الحيازات 13 في المئة من إجمالي إصدارات الديون المصرية. وتعد المستويات الحالية أعلى من ذروة ما قبل الجائحة، التي بلغت حوالي 28 مليار دولار في فبراير العام الماضي.
أدوات الدين المصرية تواجه ضغوطا حال قرر الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) رفع أسعار الفائدة، إذ تصبح العوائد الحقيقية أقل جاذبية من الأصول الخالية من المخاطر
وكانت تلك التدفقات مدعومة بالسيولة الدولية القوية، وأسعار الفائدة الحقيقية المرتفعة، وبيئة الاقتصاد الكلي الأكثر مرونة في مصر مقارنة بالعديد من البلدان الحاصلة على نفس درجة التصنيف الائتماني.
وقلل معيط من شأن مخاوف ارتفاع الديون وفوائدها. وقال إن “الحكومة تعمل باجتهاد على كبح نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في زمن الجائحة”.
وشكلت خدمة الدين حوالي 36 في المئة من إجمالي مصروفات الميزانية حتى يونيو 2021، انخفاضا من 40 في المئة بمقارنة سنوية، فيما تستهدف الحكومة خفضها إلى 32 في المئة بنهاية يونيو المقبل.
وتعمل القاهرة أيضا على تحسين بيئة الاستثمار وتريد أن ترى تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المشاريع التي يمكن أن تكون جزءا من النمو الاقتصادي، مما يساعد على توفير فرص العمل وتعزيز الصادرات.
وتتوقع ستاندرد آند بورز بأن تسهم احتياطيات العملة الأجنبية في مصر بالتخفيف من تأثير التدفقات الرأسمالية للخارج الناتجة عن ارتفاع أسعار الفائدة العالمية في الأسواق المتقدمة.
ورجح خبراؤها أن يسحب المستثمرون الأجانب استثماراتهم من الأوراق المالية للحكومة المصرية إذ بدأت أسعار الفائدة الأميركية في الارتفاع بشكل حاد.