القوات الأمنية العراقية تسيطر على فتنة طائفية في ناحية الإسكندرية

مع رفع السلطات الأمنية في محافظة بابل حظر التجوال الذي فرضته على ناحية الإسكندرية يوم السبت بعد نحر شقيقين من عشيرة سنية، إلا أن القلق الأمني ما زال قائما.
بغداد- رفعت حادثة مقتل شقيقين من عشيرة الجنابيين وإصابة ثلاثة آخرين من نفس العائلة السنية، من حدة التوتر الطائفي في ناحية الإسكندرية التابعة لمحافظة بابل جنوب العراق على الرغم من رفع حظر التجوال الذي فرض من قبل السلطات الأمنية على الناحية بعد يومين من فرضه.
ومع أن التصريحات الرسمية الحكومية تؤكد أن الحادثة خلاف عشائري، إلا أن بيانات من قوى سياسية سنية اتهمت عناصر من ميليشيا شيعية بارتكاب الجريمة بدوافع طائفية.
وفرضت قوات أمن محافظة بابل التي تتبعها ناحية الإسكندرية (40 كيلومترا جنوب بغداد) إجراءات حظر التجوال بعد أن قامت عشيرة الجنابيين بقطع الطريق الرابط بين بغداد وبابل حتى القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة.
وتدخلت قوات الأمن العراقية عقب اندلاع الشجار، واضطرت إلى فرض حظر للتجول في منطقة الإسكندرية ببابل، ومن ضمنها قرية العصرية المعروفة أيضا بالحصوة حيث وقعت الجريمة، وكذلك قطعت الطريق بين بغداد وكربلاء المؤدي إلى تلك المنطقة.
وطالب شيوخ عشيرة الجنابيين في محافظة بابل خلال تظاهرة بالقصاص العاجل من مرتكبي “المجزرة”، مهددين بالتصعيد. وتعد عشيرة الجنابيين من كبرى العشائر العراقية المنتشرة في مدن جنوب وشمال العراق لكنها تتمركز أكثر ما بين محافظتي بابل وديالى.

العميد عادل الحسيني: قبضنا على ثلاثة من مرتكبي جريمة قتل الشقيقين
وحيال التوتر المتصاعد وخشية أن يتحول إلى صراع طائفي وقبلي خصوصا أن المتهمين بالقتل ينتمون إلى ميليشيا متنفذة في المنطقة المجاورة لجرف الصخر التي يسيطر عليها الحشد الشعبي بعد تهجير سكانها من العراقيين السنة، أمر الشيخ العام لعشيرة الجنابات منعم رشيد الجنابي مسلحي العشيرة بالانسحاب بشكل كامل.
وأثارت الحادثة التي وقعت في سوق ضمن منطقة الحصوة شمالي محافظة بابل غضباً كبيراً، إذ شهدت مقتل أحد الضحايا “نحراً” أمام أنظار المارة.
وقال أحد الأشقاء المصابين في الحادثة إنّ “مشادة واشتباكا خفيفا بالأيدي وقع بين الطرفين، لكن صاحب متجر عاد وهاجمهم برفقة نحو عشرين شخصاً يحملون السكاكين والسيوف”. فيما قال أحد أفراد عشيرة الجنابيين إنّ “المتهم في الحادثة قتل أحد الشابين بحزّ رقبته بدم بارد وأمام أنظار الناس”.
وأكد المتحدث باسم قيادة شرطة محافظة بابل العميد عادل الحسيني القبض على ثلاثة من مرتكبي جريمة قتل الشقيقين. وأضاف أن “الحادثة وقعت إثر مشاجرة بين طرفين داخل السوق العصرية في ناحية الإسكندرية التابعة لمحافظة بابل، وأدت إلى مقتل الشقيقين الاثنين، وإصابة ثلاثة آخرين من نفس العائلة، وهروب الجناة إلى جهة مجهولة، قبل أن يوجه قائد شر طة المحافظة اللواء علي هلال الشمري باستنفار الجهات الأمنية المسؤولة عن القاطع، وإلقاء القبض على الجناة وإحالتهم إلى الجهات التحقيقية المختصة”.
وأوضح أن “قائد الشرطة وجه باستنفار كافة القطعات الأمنية في المنطقة وفرض حظر للتجوال في الإسكندرية للسيطرة على الموقف”، لافتا إلى أن “الوضع لم يشهد أي مستجدات أخرى”.
وقررت السلطات الأمنية في محافظة بابل الأحد رفع حظر التجوال المفروض بعد الحادثة التي هزت المدينة منذ يومين. وقالت قيادة شرطة بابل في بيان لها إن “حظر التجوال الذي فرض ضمن بلدية الإسكندرية تم رفعه بعد إلقاء القبض على خمسة من المتورطين بحادثة قتل شخصين في سوق القرية العصرية في البلدة”.
إلا أن مصادر داخل العشيرة أشارت إلى أنها لم تتأكد من القبض فعلا على الجناة، والجهة التي تقف خلفهم وعما إذا كانت مرتبطة بالميليشيات الشيعية المسيطرة على المنطقة أم لا.
وأمهلت السبت قبيلة الجنابيين التي ينتمي إليها الضحيتان الحكومة وقوات الأمن ثلاثة أيام لاعتقال المتورطين وإحالتهم إلى القضاء بأسرع وقت ممكن، وبخلافه سيتم مهاجمة جميع منازل المقربين من “الجناة”.
وإثر مقتل الشخصين هاجم المئات من المسلحين السبت منازل ومحال تجارية تعود ملكيتها إلى القبيلة التي ينتمي إليها “الجناة” وأضرموا النيران فيها وسط انتشار لقوات الأمن التي لم تتمكن من ردع المسلحين، وفق شهود عيان.
وتشهد المحافظات الجنوبية اشتباكات متكررة بين القبائل باستخدام الأسلحة المتوسطة والخفيفة، وفي الغالب تعمل الحكومة على فضها عبر التصالح بين الطرفين. ومع رفع حظر التجوال في المدينة تحاول قوات الأمن العراقية احتواء الموقف حيث تخيم أجواء من التوتر على المنطقة منذ الخميس الماضي وسط مخاوف من تفجر النزاع من جديد.
ورفضت مصادر مقربة من الحكومة العراقية تحميل الجريمة غطاء عشائريا أو طائفيا كما يحاول البعض. وأضافت المصادر في تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام الحكومية أن “الوضع رغم حراجته وحساسيته، لكنهم يعملون على الإمساك بزمام الأمور وتهدئة النفوس، ومعالجة المشكلة بالطرق القانونية، وتحت إشراف الجهات الأمنية والحكومية”.
عشيرة الجنابيين تعد من كبرى العشائر العراقية المنتشرة في مدن جنوب وشمال العراق لكنها تتمركز أكثر ما بين محافظتي بابل وديالى.
وتعد ناحية الإسكندرية ضمن ما كان يعرف بـ”المثلث السني” إبان الحرب الطائفية التي شهدها العراق بعد الاحتلال عام 2003 وخصوصا خلال فترتي حكم حزب الدعوة برئاسة إبراهيم الجعفري ونوري المالكي.
وتجاور الإسكندرية منطقة جرف الصخر التي تم تهجير أهلها من العشائر السنية والاستيلاء على أراضيهم الزراعية من قبل ميليشيات متنفذة مرتبطة بفيلق القدس الإيراني.
ويسعى رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمى عبر قرارات ومواقف سياسية لإشاعة مفاهيم وطنية، والتغلب على الخلافات القومية والطائفية، إلا أنه يواجه صعوبة في فرض سلطته على ميليشيات تعلن دون مواربة ولاءها للمرشد الإيراني علي خامنئي.