الإمارات تحفز اقتصادها بجرعة من المبادرات التنموية

اعتبر مسؤولون وخبراء اقتصاد أن القرارات الجديدة التي اتخذتها الحكومة الإماراتية تعتبر قفزة مهمة نحو ترسيخ خطط الحكومة في ما يتعلق ببناء اقتصاد على أسس صلبة ومستدامة، حيث يشكل مناخ الأعمال حجر الزاوية لخطط التنمية في طريق الابتعاد تدريجيا عن تداعيات الأزمة الصحية.
أبوظبي- كشف مسؤولون حكوميون الأحد أن الإمارات تعتزم إطلاق حزمة من المشاريع التنموية بهدف تعزيز استدامة القطاعات الإنتاجية ورفع التنافسية الاقتصادية ودعم مؤشرات النمو وتوفير المزيد من فرص العمل بحلول 2030، ضمن مبادرات تحفيزية لدعم نمو الاقتصاد.
وتشمل المبادرة الاقتصادية الجديدة التي تضم 50 مشروعا، الاستثمار في التكنولوجيا وجذب استثمارات مباشرة بحجم 550 مليار درهم (150 مليار دولار) في الأعوام التسعة المقبلة، مع استحداث تأشيرتين جديدتين لجذب أعداد من المقيمين والعمالة الماهرة.
كما تتضمن الخطة التي ستشكل مسار الدولة الاستراتيجي خلال العقود الخمسة المقبلة عشرة مبادئ ترسم ملامح تقدم الإمارات إقليميا، الأمر الذي سيوجد منافسة أكبر مع دول المنطقة وخاصة السعودية التي تسعى إلى بلورة خطط التحول الاقتصادي ضمن مسار تنويع الاقتصاد.

سلطان الجابر: سوف يتم استثمار 1.36 مليار دولار في تكنولوجيا الصناعة
وتشمل الوثيقة الحكومية تطوير التفوق الرقمي في مختلف المجالات وصولا إلى دولة ذكية بالكامل، وقبلة للمشاريع السيادية في مجال الرقمنة.
كما تتطرق الخطة إلى تطوير قطاعات صناعية وسياحية، لترسيخ مكانة البلاد كقبلة رئيسة للاستثمار والسياحة في منطقة الشرق الأوسط.
ويأتي الإعلان عن الخطة الاستراتيجية بينما أظهرت بعض المؤشرات تباطؤا اقتصاديا في الدولة الغنية بالنفط، بسبب أسعار الخام المنخفضة وأزمة كورونا، في موازاة تقارير تشير إلى تراجع في سوق العقارات في دبي وتضرر السياحة وبعض الأعمال الأخرى كصناعة الطيران.
وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة سلطان الجابر في مؤتمر صحافي، إن الحكومة ومصرف الإمارات للتنمية سوف يستثمران ضمن المشروعات خمسة مليارات درهم (1.36 مليار دولار) في تكنولوجيا الصناعة والقطاعات التي تعتمد على التكنولوجيا بكثافة.
وأضاف “نتوقع تأثيرات إيجابية كبيرة لبرنامج القيمة الوطنية المضافة على الاقتصاد المحلي، فهو يعزز تنافسيته من خلال دعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة وتسهيل الحصول على التمويل وتعزيز القدرة على جذب الاستثمار ودفع عجلة التنمية”.
ويعد برنامج القيمة الوطنية المضافة أحد دعائم استراتيجية الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، التي تهدف إلى تعزيز تنافسية القطاع محليا وإقليميا وعالميا وتقليل الاعتماد على الواردات في القطاعات والمنتجات ذات الأولوية.

سارة الأميري: نتحرك لضمان أن عددا كبيرا من القطاعات لدينا تنافس عالميا
ويعتبر التحول الرقمي عصب التحول الاقتصادي والاستثماري الذي تعنيه هذه القرارات الخاصة بتحفيز الاستثمار والارتقاء بكل ما يوفر للمستثمرين والموهوبين بيئة مثالية تنعكس على ازدهار الإمارات ومكانتها الاستثمارية عالميا.
ولذلك، أطلقت الحكومة سلسلة مبادرات تحت مسمى برنامج “شبكة الثورة الصناعية الرابعة”، ضمن “مشاريع الخمسين”، والذي يهدف إلى رفع مستوى الإنتاجية الصناعية بنسبة 30 في المئة وإضافة نحو 25 مليار درهم (6.8 مليار دولار) إلى الاقتصاد خلال العشر سنوات القادمة.
ويهدف البرنامج إلى تعزيز تبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في القطاع الصناعي الإماراتي، وتهيئة بيئة أعمال جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين، وتنمية 500 شركة إماراتية مزودة بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة في الإمارات والمنطقة والعالم.
وفضلا عن ذلك، سيتم إنشاء شبكة رواد الصناعة والتي تجمع أكبر 15 شركة محلية وعالمية، وذلك لدعم نقل المعرفة وأفضل الممارسات في تبني التكنولوجيا المتقدمة للقطاع الصناعي.
كما تتضمن المبادرة مؤشر جاهزية الثورة الصناعية الرابعة، والذي يستهدف تقييم أكثر من 200 شركة صناعية في البلد قبل منتصف 2022، ومبادرة “برنامج قيادات الصناعة” الذي يستهدف تدريب أكثر من 100 مدير تنفيذي في قطاع الصناعة.
وأشارت وزيرة الدولة للعلوم المتقدمة سارة الأميري في تصريحات لوكالة رويترز إلى أن “الإمارات على مدى الأعوام الخمسين المقبلة تسعى لأن تصبح لاعبا عالميا في الصناعات المختلفة”.
وأضافت “استهدفنا المنطقة خلال العقود الخمسة الماضية. والآن نتحرك لضمان أن عددا كبيرا من القطاعات لدينا تنافس على المستوى العالمي”.
المبادرة الاقتصادية الجديدة
● إطلاق 50 مشروعا في العديد من القطاعات وبالتركيز على التكنولوجيا
● جذب استثمارات مباشرة بنحو 150 مليار دولار حتى العام 2030
● استحداث تأشيرتين الأولى للعمل الحر والثانية للممولين والعمالة الماهرة
وحتى تدعم هذا المسار، تنوي الإمارات استحداث تأشيرتين جديدتين، الأولى للعمل الحر والثانية للممولين والعمالة الماهرة، لجذب الأجانب ذوي المهارات المطلوبة والإبقاء عليهم. وعادة ما يحصل الأجانب في الإمارات على تأشيرات قابلة للتجديد لسنوات قليلة مرتبطة بالعمل.
وقال مسؤولون إن “التأشيرة الخضراء” الجديدة للعمالة الماهرة تتيح المزيد من المرونة للتكفل بأفراد الأسرة، والمزيد من الوقت للعثور على وظيفة جديدة بعد انتهاء عقد العمل.
وستسمح “التأشيرات الخضراء” الجديدة للمغتربين بالتقدم للعمل دون أن يكفلهم صاحب العمل، وتشمل الأطفال حتى سن الـ25 عاما في تصاريحهم.
وقالت الحكومة أيضا إنها ستسمح للأشخاص الذين فقدوا وظائفهم بالبقاء في البلاد لمدة تصل إلى 180 يوما، وهو ما يمثل دفعة كبيرة حيث كانت معظم التأشيرات مرتبطة بعقود العمل.
وفي العام الماضي توسعت الإمارات في نظام التأشيرة “الذهبية” الذي يمنح إقامة لمدة عشر سنوات ليشمل المزيد من الفئات. وتقول أبوظي إن هذه الخطوة ستعزز النمو الاقتصادي للإمارة بما يصل إلى واحد في المئة.
ومن أجل إعطاء مؤشرات النمو زخما أكبر في السنوات المقبلة، أكد ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، أن الإمارات ستوقع 8 اتفاقيات اقتصادية خلال المرحلة المقبلة، لزيادة حجم الاستثمارات والارتقاء بمستوى العلاقات الاقتصادية.
وتريد الإمارات من وراء هذه الشراكات دعم أجندة التنويع الاقتصادي والنمو المستدام وترسيخ التنافسية في الأسواق العالمية وفتح الأسواق الخارجية أمام الصادرات والاستثمارات الإماراتية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بالإضافة إلى تيسير حركة التجارة.
ومن المتوقع أن توسع هذه الاتفاقيات آفاق الشراكات الاقتصادية للإمارات حتى يتضاعف حجم اقتصادها من نحو 380 مليار دولار حاليا، كما تشير إلى ذلك التقديرات الرسمية، ليصل إلى نحو 820 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
تتضمن المبادرة مؤشر جاهزية الثورة الصناعية الرابعة، والذي يستهدف تقييم أكثر من 200 شركة صناعية في البلد قبل منتصف 2022
وستساهم تلك الشراكات في رفع حجم التبادل التجاري الحالي مع أسواق تلك الدول، والذي يبلغ سبعين مليار دولار بمقدار 10.9 مليار دولار سنويا.
ويستهدف البلد الخليجي أن يكون من بين أكبر 10 وجهات استثمارية عالمية بحلول عام 2030، وذلك بالتركيز على جذب الاستثمارات الأجنبية من دول مثل روسيا وأستراليا والصين والمملكة المتحدة.
وقال وزير الاقتصاد عبدالله بن طوق المري في تصريحات لوكالة بلومبرغ، إن بلاده تسعى لتوفير حوالي 30 ألف وظيفة العام المقبل. وأشار إلى أنه يأمل أن يتجاوز نمو الاقتصاد الإماراتي نحو 4 في المئة بنهاية هذا العام. وتوقع البنك المركزي الإماراتي في تقديرات سابقة أن يحقق الاقتصاد المحلي نموا بنسبة 2.5 في المئة خلال العام الحالي.