التكنولوجيا مفتاح العاصمة الإدارية الجديدة في مصر

السلطات تسعى لتكرار تطبيق نفس النموذج التكنولوجي بالعاصمة الجديدة في مشروعات تنموية أخرى بدأ تنفيذها في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي.
الجمعة 2021/09/03
مدينة ليست للفقراء

القاهرة – في قلب العاصمة الإدارية الجديدة يضع العمال اللمسات الأخيرة على مقار حكومية تحاكي هندسة المعابد الفرعونية، ويجاورها مركز إسلامي ومبنيان ضخمان لمجلسي النواب والشيوخ تعلو كل منهما قبة، وهناك مجمع رئاسي مترامي الأطراف.

وتتخلل أعمدة خرسانية خاصة بمشروع قطار مونوريل حي المال والأعمال، حيث يوجد برج أيقوني قيد الإنشاء سيبلغ ارتفاعه عند اكتماله 385 مترا. وبجانب ذلك تظهر ملامح مرحلة أولى من حديقة مساحتها عشرة كيلومترات مربعة ومعالم مسجد عملاق.

وسيستخدم سكان المدينة الجديدة، التي تبنيها مصر على مشارف القاهرة، البطاقات الذكية والتطبيقات الإلكترونية لفتح الأبواب وتسديد المدفوعات وتصفح الإنترنت على شبكة “واي فاي” عامة تبث من أعمدة إنارة ذكية.

قال المسؤولون عن المشروع إن مركزين للتحكم سيتابعان إلكترونيا حالة البنية الأساسية والحالة الأمنية، وإن أسطح المباني ستُغطى بألواح الطاقة الشمسية. وأضافوا أن التعاملات المالية ستكون إلكترونيا وأن المخصص من المساحات الخضراء لكل ساكن سيكون في حدود 15 مترا مربعا. وستراقب شبكة تتألف من ستة آلاف كاميرا على الأقل ما يدور في كل شارع، وستتبع المشاة والمركبات لتنظيم حركة المرور والإبلاغ عن الأنشطة المريبة.

يبدو تصميم “المدينة الذكية” الجديدة عالما جديدا بعيدا كل البعد عن بعض مناطق العاصمة الحالية مترامية الأطراف، حيث تتسبب البنية التحتية المتهالكة في تغطية متذبذبة للإنترنت وشبكات الهاتف، وحيث تتتبّع عيون حراس العقارات في التكتلات السكنية الكثيفة تحركات السكان، ويمكن أن يسبب إنهاء المهام الإدارية الاصطفاف لساعات.

مصريون يرون أن العاصمة الجديدة ستكون موطنا لطبقة مميزة في بلد يعيش فيه ثلث السكان تحت خط الفقر

المدينة التي تُبنى من الصفر في الصحراء صُممت لتستوعب 6.5 مليون ساكن، ومن المتوقع أن تستقبل أول دفعة من موظفي الجهاز الإداري للحكومة هذا العام. وحتى الآن لا يزال يُطلق عليها اسم العاصمة الإدارية الجديدة.

أما موضوع انتقال مركز الثقل من القاهرة إلى العاصمة الجديدة الواقعة على بعد 45 كيلومترا من نهر النيل فأمر غير معلوم؛ فبالنسبة إلى العديد من عامة المصريين، الذين كانت المدينة القديمة الصاخبة محل إقامتهم لأجيال، يجعل الانتقال إلى المدينة الجديدة وتكلفته الأمر مستحيلا. لكن بالنسبة إلى من سينتقلون تلقوا وعودا بالحصول على تطبيق إلكتروني واحد لدفع فواتير الخدمات وتلقي الخدمات المحلية والإبلاغ عن الشكاوى والمشاكل.

يقول المسؤولون إن أنظمة التكنولوجيا المتقدمة ستساعد في ترشيد الاستهلاك وتقليل الهدر في المرافق من خلال اكتشاف التسريبات أو الأعطال ومن خلال تمكين السكان من مراقبة الاستهلاك.

وقال المهندس محمد خليل رئيس قطاع التكنولوجيا في شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، وهي شركة مملوكة للحكومة والجيش وتشرف على بناء المدينة، “المواطن المقيم في العاصمة الإدارية الجديدة سيحصل على جميع خدماته عبر تطبيق موبايل”. وتخطط السلطات لتكرار تطبيق نفس النموذج التكنولوجي في مشروعات تنموية أخرى بدأ تنفيذها في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يعتبر العاصمة الجديدة مشروعا رائدا.

وقال خليل “هذا النموذج يُطبق في كل المدن الجديدة الأربع عشرة التي تنشأ مثل العلمين الجديدة والمنصورة الجديدة… من ضمن أهدافنا التكامل بين المدن”.

ويرى بعض المصريين أن العاصمة الجديدة ستكون موطنا لطبقة نخبوية مميزة في بلد يعيش فيه ما يقرب من ثلث السكان تحت خط الفقر، بينما يرى آخرون أن الاعتماد على التكنولوجيا أمر طال انتظاره.

إجمالي عقود التكنولوجيا والاتصالات الخاصة بالمرحلة الأولى من العاصمة الجديدة يبلغ 640 مليون دولار، وقد يرتفع المبلغ إلى 900 مليون دولار في المراحل اللاحقة

قال طارق حبيب، وهو تاجر يبلغ من العمر 53 عاما، متحدثا في وسط القاهرة حيث تُخلي الحكومة مبنى مجمع التحرير الذي يضم العديد من الهيئات والمصالح الحكومية ويعد رمزا للفوضى البيروقراطية في مصر في العقود الأخيرة “أولا ستوفر وقتا وستوفر مجهودا وستوفر كل الحاجات اللازمة والأوراق والأرشيف…”. وأضاف “مثل هذه الأشياء الجديدة كلها مفيدة جدا للمواطن”.

وقال خليل إن إجمالي عقود التكنولوجيا والاتصالات الخاصة بالمرحلة الأولى من العاصمة الجديدة يبلغ 640 مليون دولار، وقد يرتفع المبلغ إلى 900 مليون دولار في المراحل اللاحقة. ومن بين الشركاء شركات مثل هواوي وأورانج وماستر كارد.

وذكرت شركة هانيويل أن نظاما للمراقبة تنفذه في العاصمة الإدارية سوف “يراقب الحشود والازدحام المروري ويكتشف حوادث السرقة ويلاحظ الأشخاص أو الأشياء المشبوهة ويطلق الإنذارات الآلية في حالات الطوارئ”. وتبني الشركة مركز التحكم والسيطرة الأمني الذي يتبع وزارة الداخلية بالمدينة.

ومع استمرار أعمال البناء لم يتم بعد اختبار مستوى المراقبة أو أي مخاوف تتعلق به. ويقول مسؤولون إن تكنولوجيا المراقبة ستهدف إلى الكشف عن الجرائم وتعزيز السلامة، ويقولون أيضا إن البيانات ستكون محمية بموجب القانون المصري والمعايير الدولية.

وشنت مصر حملة صارمة على المعارضة شملت فرض قيود على أنشطة الإنترنت وعمليات تفتيش وتدقيق أمنية فورية في الشوارع وحظرا فعليا للاحتجاجات وحالة طوارئ ممتدة.

ويمكن لنظام المراقبة أن يسهّل التعرف على المعارضين، لكن ستيفن فلدستين مؤلف كتاب عن القمع الرقمي قال “لا أرى ما سيضيفه هذا النظام أكثر مما يمارسونه بالفعل. وهو أمر مُكْلف للغاية”.

20