التغير المناخي ينذر دول الخليج بحرارة لا تطاق

ظروف إجهاد حراري لا تتوافق مع بقاء الإنسان في المنطقة.
الأربعاء 2021/09/01
استحالة العمل تحت الشمس

يواجه العالم حاليا تقلبات شديدة في أحوال الطقس ما بين فيضانات عارمة وهطول غزير للأمطار وارتفاع قياسي في درجات الحرارة وحرائق غابات، ويلقي هذا الوضع بظلاله على منطقة الخليج التي تواجه موجة من الحرارة لا تطاق بسبب التغير المناخي رغم أنها اعتادت على الصيف الحار.

دبي - يتجول سمير على دراجته النارية تحت لهيب الشمس في دبي، حيث تصل درجات الحرارة في الصيف إلى 45 درجة مئوية. ففي منطقة الخليج المعروفة بصيفها الحار، يهدّد الاحتباس الحراري بجعل الحياة غير محتملة للبشر.

يقول عامل التوصيل الباكستاني الذي يعمل مع تطبيق للتوصيل في دبي “أعمل من التاسعة صباحا حتى الرابعة بعد الظهر في هذا الحر”، مضيفا “تقوم الشركة أو الناس في بعض الأحيان بإعطائنا ماء للشرب ويحق لنا الحصول على استراحة كل ثلاث ساعات”.

وفي العادة، ينتقل المواطنون والمقيمون في دبي خلال فصل الصيف عندما تشتد الحرارة مع الرطوبة العالية، إلى أماكن أخرى، بينما يعتمد الذين يقرّرون البقاء خلال الصيف على التكييف وعلى كتيبة من عمال التوصيل.

ويقول الفاتح الطاهر، وهو أستاذ في مجال الهيدرولوجيا والمناخ في “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا”، “بشكل عام، سيزداد مستوى الإجهاد الحراري بشكل كبير” في العديد من المدن الخليجية.

ووصف تقرير أممي أعدته لجنة علمية تابعة للأمم المتحدة التغيرات التي حدثت للمناخ بأنها غير مسبوقة، معتبرا أن المسؤول عن تغيرات المناخ بشكل مؤكد هم البشر.

ودعا التقرير إلى إجراء تخفيضات جذرية في الانبعاثات من أجل الحفاظ على درجة الحرارة العالمية أقل من الحدود التي نصت عليها في اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015.

وتتضح آثار تغير المناخ بشكل خاص في الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أصبح الجفاف ودرجات الحرارة التي تزيد عن 50 درجة مئوية هي المعيار الآن.

ويرى الطاهر أنه في نهاية القرن، قد تشهد أماكن أخرى في الخليج “ظروف إجهاد حراري لا تتوافق مع بقاء الإنسان”.

تغير المناخ تتضح آثاره في منطقة الخليج،حيث  أصبحت درجات الحرارة التي تزيد عن 50 درجة مئوية  هي المعيار الآن
تغير المناخ تتضح آثاره في منطقة الخليج، حيث أصبحت درجات الحرارة التي تزيد عن 50 درجة مئوية هي المعيار الآن 

وأطلقت الإمارات العربية المتحدة استراتيجية للطاقة 2050 تهدف إلى رفع مساهمة الطاقة النظيفة من 25 في المئة إلى 50 في المئة، وخفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70 في المئة.

ومن جانبه، يرى تنزيد علم مدير “إيرث ماترز” للاستشارة المتخصصة في البيئة ومقرها دبي، أن “هناك المزيد من الاهتمام في الإمارات بهذا الموضوع، ولكن ننتظر أن تقوم الشركات الكبرى بأخذ الموضوع على محمل الجد”. ويأمل في أن يؤدي تقرير خبراء الأمم المتحدة إلى دقّ “ناقوس الخطر”.

واستخدمت الإمارات على مدى السنوات الماضية الطائرات للاستمطار، وقريبا يمكن أن تبدأ في استخدام الطائرات دون طيار للغاية نفسها.

وتوقع تقرير صادر عن خبراء المناخ في الأمم المتحدة أن يرتفع الاحترار العالمي بمعدل 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية قرابة العام 2030، أي قبل عشر سنوات من آخر التقديرات التي وضعت قبل ثلاث سنوات، ما يهدد بحصول كوارث جديدة “غير مسبوقة” في العالم.

وبحسب علم، فإن الشركات “لا تفهم دائما كيف يمكنها التعامل مع زيادة موجات الحر المتزايدة والعواصف والفيضانات والآثار المادية الأخرى” للاحتباس الحراري.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تعقيبا على تقرير خبراء المناخ إنه “إنذار أحمر للبشرية. أجراس الإنذار تصم الآذان: انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الوقود الأحفوري وإزالة الغابات تخنق كوكبنا”.

وفي السنوات الأخيرة، سعت حكومات الخليج التي تعتمد بشكل كبير على استغلال الهيدروكربونات، إلى تغيير خطابها حول البيئة وذلك ضمن مسعاها لتنويع اقتصادها.

وتقوم إمارة أبوظبي ببناء محطة طاقة شمسية تقول إنها ستكون من الأكبر في العالم.

وعلى مدى السنوات الأربعين الماضية وحدها، ارتفع متوسط ​​درجات الحرارة في السعودية بأكثر من درجتين مئويتين، أي 3 أضعاف المتوسط ​​العالمي الحالي.

وأعلنت السعودية، إطلاق عدد من الإصلاحات لتنويع الاقتصاد، كما أعلنت عن عدد من المشاريع البيئية الكبرى مع التركيز أيضا على الطاقة الشمسية.

المبردات لا تطفئ الهجير
المبردات لا تطفئ الهجير

وأصبح محمد عبدالعال منذ تسع سنوات مهتما للغاية بفكرة الطاقة المتجددة. وقام بتأسيس شركة ناشئة متخصصة بالتكنولوجيا “تقوم بتزويد خزانات المياه بحلول للتبريد خلال الفترات الأكثر حرا في الصيف عبر استخدام الطاقة الشمسية فقط”.

ويؤكد عبدالعال أن شركته “القوة الصامتة” شهدت طلبا متزايدا في السعودية والإمارات خلال صيف 2021 الذي كان حارا للغاية.

ويقول “نحن نقوم بالتجهيز لنكون في جميع دول مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2022”.

ويضيف عبدالعال “لدينا ساعات طويلة وقوية لشروق الشمس لإنشاء وإنتاج أجهزة جديدة صديقة للبيئة تعتمد فقط على طاقة نظيفة ومستدامة ومنخفضة التكلفة للمساعدة في حماية بيئتنا، وضمان جودة حياة أفضل لنا ولمستقبل أطفالنا”.

في الكويت، قرّر خالد جمال الفليح تحويل منزله بالكامل ليعمل بالطاقة الشمسية، ويدعو الحكومة إلى اتخاذ “قرارات واضحة” في مواجهة الاحتباس الحراري.

في يونيو، سجلت الكويت درجة حرارة 53.2 درجة مئوية (127.76 درجة فهرنهايت)، بينما سجلت كل من عمان والإمارات والسعودية أكثر من 50 درجة.ويوضح الفليح “اليوم في الكويت، لا يستطيع أي شخص الخروج إلا بعد السادسة مساء وعليه استخدام سيارة مكيفة للذهاب إلى مكان مكيف”.

ويصر الفليح أنه “أصبح من المستحيل” تجنب آثار التغير المناخي، متابعا نحن “في مرحلة حرجة وبحاجة إلى توعية وقرار حكومي واضح”.

20