المقاومة الأفغانية تسعى للتفاوض مع طالبان ولا تستبعد الحرب

كابول - أكد أحمد مسعود، قائد آخر منطقة متبقية خارج سيطرة طالبان، أنه لن يسلم المناطق الواقعة تحت إمرته للحركة التي سيطرت الأسبوع الماضي على الحكم، محذرا من أنه "لا مفر من الحرب إذا رفضت طالبان الحوار".
وتتهيّأ قوات تابعة للحكومة الأفغانية السابقة، تحوّلت إلى حركة مقاومة تحت اسم "جبهة المقاومة الوطنية" في وادي بانشير شديد التحصين الواقع شمال شرق كابول، لـ"نزاع طويل الأمد"، من دون استبعاد إمكان التفاوض مع طالبان.
وقال نجل أحمد شاه مسعود، الذي كان أحد القادة الرئيسيين لمقاومة الاحتلال السوفيتي لأفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، "نريد من طالبان أن تدرك أن السبيل الوحيد للمضي قدما هو المفاوضات... لا نريد اندلاع حرب".
وأضاف مسعود الذي أطلق مقاومة شبيهة بمقاومة والده لحكم طالبان من معقله في وادي بانشير "تصدينا للاتحاد السوفيتي وقادرون على التصدي لطالبان، معتبرا أنه ليست لديه مشكلة في حكومة تشارك فيها طالبان وأن أفغانستان بحاجة إلى حكومة شاملة، لكنه لفت إلى أنه "إذا حاولت طالبان فرض فكرها فإن ذلك مخالف للشريعة".
وأكد أن مؤيديه مستعدون للقتال إذا حاولت طالبان غزو إقليمهم، مبيّنا أن لديه خليطا من القوات من وحدات الجيش النظامي وقوات خاصة وفصائل محلية تحت إمرته.
ومنذ أن استولت طالبان على السلطة في أفغانستان إثر هجوم خاطف سيطرت خلاله على العاصمة كابول، توجّه الآلاف من الأشخاص إلى بانشير بهدف الانضمام إلى حركة المقاومة وإيجاد ملاذ آمن لمتابعة حياتهم، وفق المتحدث علي ميسم نظري.
وصرح نظري بأن "أحمد مسعود يحشد قوة مقاتلة عددها تسعة آلاف عنصر جاهزة لخوض نزاع، وفي حال رفضت حركة طالبان التفاوض فستواجه مقاومة في مختلف أنحاء البلاد".
وشدد نظري، وهو مسؤول العلاقات الخارجية في الجبهة، على أن "شروط إبرام اتفاق سلام مع طالبان هي اعتماد اللا مركزية، أي اعتماد نظام يضمن العدالة الاجتماعية، والمساواة، والحقوق والحرية للجميع".
وفي حين تسيطر طالبان على الغالبية العظمى من مناطق أفغانستان، يحرص نظري على تسليط الضوء على تقارير تفيد بتشكيل مجموعات محلية في بعض المناطق لمقاومة طالبان، وتواصلها مع جبهة المقاومة الوطنية بقيادة مسعود.
وقال نظري إن "هذه الأمور لم تحصل بأوامر من مسعود"، إلا أنه أكد وجود روابط بين هذه المجموعات والجبهة.
وشدد على أن حركة طالبان منتشرة في مساحات شاسعة تتخطى قدراتها و"لا يمكنها التواجد في كل الأماكن في الوقت نفسه. مواردها محدودة. لا تحظى بتأييد لدى الغالبية".
لكنّه أكد أن مواقف مسعود تختلف عن مواقف نائب الرئيس السابق أمر الله صالح، المتحصّن بدوره في الوادي، والذي تعهّد الأسبوع الماضي بقيادة انتفاضة ضد طالبان.
وقال نظري إن "صالح في بانشير قرر البقاء في البلاد وعدم الهرب". وأشار إلى أن صالح مناهض بشدة لباكستان، وهو في هذا الموقف على خلاف مع مسعود الذي يسعى إلى إقامة علاقات جيدة مع جارة أفغانستان الداعمة لطالبان.
وأوضح المتحدث أن "صالح مناهض لطالبان ومناهض لباكستان، وهذا يعني أنه ليس جزءا من هذه الحركة.. هو متواجد في بانشير وهو يحظى بالاحترام".
وشدد نظري على أن الهدف حاليا هو الدفاع عن بانشير وشعبها، مضيفا "إن وقع عدوان وإن هاجمنا أحد فسندافع عن أنفسنا لأن معركتنا دفاعية صرفة".
وبالإضافة إلى القوة التابعة لمسعود، يتواجد في بانشير أكثر من ألف نازح من مختلف أنحاء أفغانستان، تدفّقوا على الوادي بحثا عن ملاذ آمن، وفق نظري.
وقال "نشهد تحوّل بانشير إلى منطقة آمنة لكل المجموعات التي تشعر بأنها مهدّدة في مناطق أخرى".
وأوضح أن المنطقة تشهد تدفّقا لمثقفين ونشطاء في الدفاع عن حقوق النساء والإنسان، وسياسيين "يشعرون بأنهم عرضة لتهديدات طالبان".
ويرى نظري أن مسعود مصمم على الوقوف إلى جانب سكان الوادي ومواصلة مسيرة والده، وكان مسعود طلب من الولايات المتحدة تزويده بالأسلحة في مقالة نشرتها صحيفة واشنطن بوست الخميس.
وقال المتحدث إن "الحرب مجرّد نتيجة ثانوية للنزاع في أفغانستان. سبب النزاع هو أن أفغانستان بلد يتألف من أقليات إثنية... ولا يمكن لإثنية واحدة أن تهيمن على السياسة وأن يبقى حضور الإثنيات الأخرى هامشيا".
وشدد نظري على أن المقاومة التي يقودها مسعود وغيره في مختلف أنحاء أفغانستان تكتسي أهمية كبرى على صعيد تحقيق هذا التغيير، مضيفا أن "بانشير لطالما كانت منارة للأمل".