الرئيس التونسي يجدّد تمسكه بـ"خارطة طريق" الشعب

تونس – أطلق الرئيس التونسي قيس سعيّد تصريحات وانتقادات حادّة موجهة للأطراف السياسية الرافضة لقراراته والمطالبة بوضع خارطة طريق للمرحلة القادمة، والتي تتهمه أيضا بالخضوع لضغوطات خارجية.
وقال سعيّد في فيديو نشر على صفحة رئاسة الجمهورية التونسية على فيسبوك مساء الخميس، إن "خارطة الطريق هي من المفاهيم التي تأتينا من الخارج"، مؤكدا أن "خارطة الطريق الوحيدة التي أسلكها وسأسلكها بثبات وعزم هي الخارطة التي وضعها الشعب التونسي"، دون أن يوضح ماهيتها.
وفي الثالث من أغسطس الجاري أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل أنه وضع "خارطة طريق" للخروج من الوضع الراهن في البلاد، سيعرضها على أعضاء الهيئة الإدارية التابعة له دون المصادقة عليها إلى حين تشكيل حكومة.
جاء ذلك خلال استقبال سعيّد لوزير الشؤون الاجتماعية محمّد الطرابلسي، والمكلفة بتسيير وزارة الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار سهام البوغديري نمصية.
واستنكر الرئيس التونسي الحديث عن أن الإجراءات التي اتخذها في الخامس والعشرين من يوليو تعدّ انقلابا، قائلا "هذا الاجتماع دليل على استمرارية الدولة التونسية (...) الدولة مستمرة وهناك وطنيون يعملون داخل الإدارة ويعملون باسم الدولة التونسية، هم يريدون تغييب الدولة لتبقى حفنة من الأشخاص تنهب الشعب التونسي ولا مجال لهؤلاء في المستقبل".
وأعاد سعيّد التأكيد على أن "هناك حكومة (الآن) تعمل ودولة تعمل ولا عودة إلى الوراء وسيأخذ الشعب حقه كاملا".
وأكد أنه "سيتم في الأيام القليلة القادمة الإعلان عن تركيبة الحكومة الجديدة".
وتطالب أحزاب تونسية منها حركة النهضة الإسلامية الرئيس سعيّد بالإسراع في تكليف رئيس حكومة كفاءات.
وشهدت الأشهر الماضية خلافات سياسية حادة بين سعيّد وحركة النهضة ورئيس الحكومة هشام المشيشي، حيث رفض الرئيس التونسي تعيينات حزبية وتحويرا حكوميا تحوم حول عدد من الأسماء المرشحة إليه شبهات فساد.
وبلغت التجاذبات السياسية مرحلة من الجمود إلى حين الخامس والعشرين من يوليو الماضي، بإعلان سعيّد إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوما قابلة للتمديد، ورفع الحصانة عن النواب، استنادا إلى الفصل 80 من الدستور التونسي.
ومنذ إعلانه تلك التدابير في البلاد، أجرى الرئيس سعيّد حملة إقالات واسعة شملت مستشارين في الحكومة المقالة ووزراء وولاة ومسؤولين في مؤسسات الدولة.
كما دفع بتعيينات في عدة مناصب، من بينها تعيينات أعلنها مستشاره الأمني السابق في الرئاسة والوزير المكلف بإدارة وزارة الداخلية، والتي شملت عدة مدراء لأجهزة أمنية حساسة.
وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع على خطوة قيس سعيّد المفاجئة التي حظيت بتأييد شعبي واسع، لم يعيّن حتى الآن رئيسا للحكومة ولم يعلن خططه لإدارة المرحلة المقبلة، مثيرا بذلك تساؤلات حول المسار الديمقراطي الذي سلكته البلاد منذ ثورة 2011.
ويلمح سعيّد بشكل خاص إلى نظام الحكم الذي ينوي تعديله مع ترديده مرارا بأنه لن يعود إلى الوراء، ورفضه الجلوس إلى حوار مع خصومه السياسيين في البرلمان.
وقال "من يعتقد أنه سيغالطني أو سيؤثر بأي طريقة كانت، سيصطدم بحائط سميك".
وحدّد سعيد 30 يوما مدة التدابير الاستثنائية التي توشك على الانتهاء، ولكن من المرجح وفق خبراء أن يمددها ويبدأ بإصلاحات سياسية متوقعة.
وتابع في كلمته الخميس "هناك جائحة سياسية لابد من وضع حد لها".
وترجح الأوساط السياسية أن يمدّد الرئيس تلك الفترة والذهاب إلى ترتيبات لتغيير النظام السياسي الحالي، الذي فجر أزمة صلاحيات بين رئاسة الحكومة ورئاسة الدولة، وكثيرا ما ردد سعيّد في تصريحاته ضرورة مراجعة الشرعية.