سباق بين واشنطن وطهران على تزويد لبنان بالوقود

بيروت – أعلنت الإدارة الأميركية استمرار مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا، وذلك بالتزامن مع قرار حزب الله اللجوء إلى إيران للحصول على المازوت.
جاء ذلك في اتصال بين الرئيس ميشال عون والسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا.
وقالت شيا إن بلادها ستدعم "توفير كميات من الغاز المصري إلى الأردن تمكنه من إنتاج كميات إضافية من الكهرباء لوضعها على الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سوريا. كذلك سيتم تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولا إلى شمال لبنان".
ولفتت السفيرة إلى أن "الجانب الأميركي يبذل جهدا كبيرا لإنجاز هذه الإجراءات، وأن المفاوضات جارية مع البنك الدولي لتأمين تمويل ثمن الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز".
ولم يوضّح الرئيس عون مدى السرعة في إنجاز هذا المشروع وهل سيكون أمرا مستعجلا لإخراج لبنان من أزمته أم ضمن المشاريع العامة التي تدعمها واشنطن.
ويأتي القرار الأميركي عقب إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الخميس أن سفينة إيرانية محملة بالمازوت في طريقها إلى لبنان، الذي يشهد أزمة محروقات حادة وانهيارا اقتصاديا متسارعا.
وقال نصرالله في خطاب متلفز "أعطينا الأولوية في السفينة الأولى لمادة المازوت" من أجل "المستشفيات ومصانع الأدوية ومصانع المواد الغذائية وأفران الخبز ومولدات الكهرباء".
ولوح نصرالله بتصعيد عسكري، محذرا إسرائيل والولايات المتحدة من أن حزبه سيعتبر السفينة "أرضا لبنانية"، ما ينذر بردّ منه في حال تعرضها لهجوم، في وقت يشهد لبنان إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية والمعيشية منذ عقود عدة، ما يجعله لا يحتمل أي مغامرة أخرى من مغامرات حزب الله.
وأثار قرار حزب الله ضجة بين الأوساط اللبنانية، فيما حذّر محللون من أن قرارات الحزب الفردية والتي تخدم مصلحة إيران، قد تعرّض لبنان لعقوبات أميركية وتقضي على ما تبقى من البلد الذي يمرّ بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه المعاصر.
وندد رئيس الحكومة اللبناني السابق سعد الحريري بإعلان حزب الله، وقال في سلسلة تغريدات على تويتر "يستطيع حزب الله أن يحصل على تأشيرة تواطؤ مع العهد وأن يغطي نفسه بصمت الفريق الرئاسي، لكنه لن يحصل من أكثرية اللبنانيين على إجازة مرور لتسليم لبنان للسطوة الإيرانية".
واعتبر أن "هذه المواقف ستضاعف من معاناة الناس المعيشية والاقتصادية، وتشق الطريق السريع إلى جهنم".
وأضاف "نعم المواقف التي سمعناها قبل قليل تقول للبنانيين إنهم لا يريدون حكومة. فأي حكومة هذه التي يريدونها أن تفتتح عملها باستقبال السفن الإيرانية والاصطدام مع المجتمع الدولي، في وقت أحوج ما يكون فيه لبنان إلى حكومة تحظى بدعم الأشقاء والأصدقاء".
ويستورد لبنان حاجته من وقود المحروقات (بنزين ومازوت) عبر 7 شركات خاصة، كما تستورد الحكومة نحو 40 في المئة من حاجة الديزل لتوليد الطاقة، في بعض المنشآت الحيوية.
ويعاني لبنان منذ أشهر من شحّ في مادتي البنزين والمازوت، حتى أن بيروت باتت تعيش في ظلام دامس لساعات طوال يوميا.
وتصاعدت أزمة فقدان الوقود في لبنان منذ الحادي عشر من أغسطس الجاري، حين قرر المصرف المركزي وقف دعم استيراد الوقود، حيث كان يؤمن الدولار للمستوردين وفق سعر صرف يبلغ 3900 ليرة.
وكان الهدف من الدعم المحافظة على أسعار المحروقات منخفضة، في ظل تراجع قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، حيث بلغ سعر صرف الدولار الواحد نحو 20 ألف ليرة، بينما سعره الرسمي 1515.
ويتسبب شح الوقود في انقطاع الكهرباء عن منازل المواطنين لساعات طويلة، كما يهدد عمل المستشفيات والأفران، ما يزيد من معاناة البلاد التي ترزح تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها.
وفي وقت سابق الخميس أعلنت إحدى أكبر شركات استيراد الوقود وبيعه في لبنان، توقفها عن العمل وإقفال محطاتها، بسبب نفاد الكميات لديها، وسط تراجع حاد في واردات مشتقات الطاقة.
وقالت شركة "كورال" في بيان إنها للمرة الأولى منذ تأسيسها لن تتمكن من تزويد المحطات بمادة البنزين، اعتبارا من اليوم بسبب نفاد الكميات من خزاناتها.
وذكرت أنها استوردت باخرة محملة بالبنزين، إلا أنها لا تزال عالقة في المياه الإقليمية منذ الحادي عشر من أغسطس الماضي، بسبب عدم قيام الدولة اللبنانية بتأمين مستلزمات تفريغها في السوق المحلية.