لبنان لا يحتمل عرقلة تشكيل حكومة جديدة

رؤساء وزراء سابقون: مصيبة انفجار عكار هي أحد مظاهر سقوط الدولة اللبنانية وتلاشيها.
الاثنين 2021/08/16
مسار حكومي شائك

بيروت - وجه رؤساء وزراء سابقون، بمن فيهم نجيب ميقاتي رئيس الوزراء المكلف، تحذيرات للرئيس ميشال عون من مغبة التأخير في تسهيل ولادة حكومة لبنانية جديدة.

وحمّل هؤلاء رئيس الجمهورية اللبنانية مسؤولية وضع العراقيل أمام تشكيل حكومة جديدة تكون مهمتها الأساسية الخروج من الأزمات المتفاقمة السياسية والاقتصادية.

وتوقعت مصادر سياسية أن يؤدي هذا الموقف المتشدد إلى مواصلة عون عرقلته لتشكيل الحكومة التي كان ميقاتي يتوقع الإعلان عن ولادتها الثلاثاء.

وترى المصادر أن الأمور ستتفاقم في ملف التشكيل الحكومي، خاصة بعد تبادل الاتهامات بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر الذي يقوده جبران باسيل، لاسيما في ضوء التطورات الميدانية والحريق الدامي الذي حصل في صهريج للوقود شمال البلاد.

ودعا بيان صادر عن رؤساء وزراء سابقين فؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام، بالإضافة إلى نجيب ميقاتي، إلى “فك العقد” التي لا تزال تحول دون تشكيل الحكومة حتى الآن.

واعتبر هؤلاء أن مصيبة انفجار عكار هي أحد مظاهر سقوط الدولة اللبنانية وتلاشيها، داعين في الوقت نفسه إلى وجوب أن يبادر عون وكل الأطراف السياسية الفاعلة فورا إلى فك تلك العقد أمام ولادة حكومة جديدة.

وقال بيان رؤساء الوزراء السابقون “لقد نفد صبر اللبنانيين وهم لن يستطيعوا بعد تحمل هذا الانهيار الكبير الحاصل للدولة اللبنانية في دورها وفي سلطتها”.

ويزيد التأخير في الإعلان عن تشكيل الحكومة الوضع سوءا في بلد يعاني منذ نحو عامين من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، ما أدى إلى انهيار مالي ومعيشي وارتفاع معدلات الفقر وشح الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى.

رؤساء وزراء سابقون يحذرون من نفاد صبر اللبنانيين بعد الانهيار الكبير الحاصل للدولة اللبنانية في سلطتها

وفي السادس والعشرين من يوليو الماضي كلف عون رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة بعد فشل الحريري في الحصول على توافقات مع عون حول شكل الحكومة وطبيعة عملها. واستمر التعطيل في ملف التشكيل الحكومي أثناء تكليف الحريري نحو تسعة أشهر.

ولا تزال المشاورات قائمة بين عون وميقاتي من أجل الاتفاق على تشكيل الحكومة.

ودخل حزب الله الذي يعد داعما أساسيا للرئيس اللبناني والتيار الوطني الحر على خط التصريحات الداعية إلى الإسراع في تشكيل الحكومة بعد مأساة عكار.

وقال الحزب في بيان إنه “يأمل أن تشكل هذه المأساة الوطنية دافعا قويا لتسريع تشكيل حكومة تكون المدخل لإخراج اللبنانيين من الأزمات الخطيرة التي تعصف بهم”.

وينظر إلى حكومة ميقاتي المنتظرة على أنها ستكون أمام تحديات أولية على صعيد مهمتها وتتعلق بالقيام بإصلاحات عميقة يتطلبها الحصول على تمويلات خارجية للمساعدة على النهوض بالاقتصاد المتدهور، بالإضافة إلى معالجة تداعيات رفع الدعم عن مواد أساسية.

وترى بعض القراءات للمشهد اللبناني أن المرور من عقدة الرئيس عون، الذي صرح قبل يومين بأن الدخان الأبيض قد اقترب بشأن ولادة حكومة جديدة، لن يكون أمرا سهلا على ميقاتي الذي يعرف أكثر من غيره صعوبة الحصول على تنازلات حول شكل الحكومة والمحاصصة السياسية.

وكان الحريري قد اعتذر في الخامس عشر من يوليو الماضي عن عدم تشكيل الحكومة بعدما حالت الخلافات السياسية الحادة مع رئيس الجمهورية دون إتمامه المهمة. وقضى الحريري وعون الأشهر الماضية يتبادلان الاتهامات بالتعطيل جراء الخلاف على الحصص وتسمية الوزراء وشكل الحكومة.

وكلف ميقاتي يوم السادس والعشرين من يوليو الماضي بتشكيل حكومة جديدة، ومنذ ذلك التاريخ ينتظر لبنان ولادة الحكومة والخروج من عقدة التأليف التي يضعها عون أمامها.

Thumbnail

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي رعت بلاده مبادرات للخروج من الأزمات اللبنانية، قد عبر في تصريحات سابقة عن أسفه لأنه “يبدو أن المسؤولين اللبنانيين يراهنون على اهتراء الوضع”، معتبرا ذلك “خطأ تاريخيا وأخلاقيا”.

ويأتي التعطيل على مستوى التشكيل الحكومي في وقت أعلن فيه مصرف لبنان قرار أنه لن يمنح خطوطا ائتمانية سوى بسعر السوق السوداء لاستيراد المحروقات، ما أثار حالة من الغضب والذعر في البلاد ومخاوف من ارتفاع الأسعار ونقص الإمدادات.

وانتشر الجيش يوم السبت الماضي في محطات الوقود بعد رفض محافظ المصرف المركزي إعادة الدعم. وقتل فجر الأحد ما لا يقل عن 28 شخصا وجرح نحو ثمانين آخرين نتيجة انفجار صهريج في عكار شمال البلاد.

وبسبب أزمة المحروقات وغياب الصيانة والبنى التحتية تراجعت تدريجياً خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير الطاقة، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً.

ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها أيضاً إلى التقنين ورفع تعرفتها بشكل كبير جراء شراء المازوت من السوق السوداء.

ويحمّل لبنانيون الطبقة الحاكمة مسؤولية الانهيار الاقتصادي وما مرّ عليهم خلال العامين الماضيين من أزمات، على رأسها انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس من العام الماضي، والذي تبين أنه ناتج عن احتراق كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم مخزنة لسبع سنوات في المرفأ بعلم مسؤولين سياسيين وأمنيين وعسكريين عديدين، إلا أنهم لم يحركوا ساكناً.

ومنذ استقالة حكومة حسان دياب بعد انفجار المرفأ تَحُولُ الخلافات بين القوى السياسية دون تشكيل حكومة يشترط المجتمع الدولي أن تنفذ إصلاحات جذرية مقابل تقديم الدعم المالي لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية.

وجراء الأزمة الاقتصادية الحادة، التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، بات 78 في المئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة.

2