حاكم مصرف لبنان يؤشر إلى خط أحمر لا يزيله إلا قانون

رياض سلامة: من غير المقبول أن نستورد 820 مليون دولار للمحروقات ولا نرى لا مازوت ولا بنزين ولا كهرباء.
السبت 2021/08/14
جبران باسيل حاكم البلد

بيروت - كشف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة السبت أن جميع السلطات اللبنانية على علم بقرار رفع الدعم عن المحروقات، مشيرا إلى أن الاحتياطي الإلزامي وصل إلى "الخط الأحمر" ويحتاج إلى إصدار قانون يسمح باستخدامه لتمويل دعم الوقود.

وفور إعلان سلامة رفع الدعم، استنفر السياسيون اللبنانيون للوقوف في وجه قرار حاكم المصرف المركزي معتبرين أنه يتعارض مع السياسات التي يطبقها البرلمان والحكومة، في موقف يظهر انزعاجهم من هذه الخطوة التي ستجعلهم في مواجهة مباشرة مع الشارع اللبناني الغاضب.

وقال سلامة في مقابلة مع صوت إذاعة "لبنان الحر" المحلية إن الجميع كان على علم بقرار رفع الدعم عن المحروقات من الحكومة إلى مجلس النواب إلى رئاسة الجمهورية، مضيفا أن ما يصوره البعض أن الحاكم اتخذ القرار منفردا غير صحيح، إنما المجلس المركزي هو الذي يقرر السياسات، وأنا ملزم بقرارات المجلس المركزي.

وكان البنك المركزي أعلن الأربعاء توقفه كليا عن دعم استيراد المحروقات، وقال إنه سيشرع بتأمين الاعتمادات اللازمة لاستيراده وفق سعر الدولار بالسوق. ويصرف الدولار في السوق الموازية بنحو 20 ألف ليرة، مقابل 1510 ليرات السعر الرسمي.

واعتبر الرئيس ميشال عون في بيان الخميس، أن قرار سلامة "خارج اختصاصه"، محذراً من تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة تنعكس على الصعد كافة.

وفي اليوم التالي، رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب، دعوة الرئيس عون لانعقاد مجلس الوزراء استثنائي المعالجة أزمة المحروقات.

 وفي ما يخص الاحتياطي الإلزامي، قال سلامة "نسمع تحليلات وأرقاما كثيرة ولكن من دون طرح حلول، ونشير إلى أنه ما زال لدينا 14 مليار دولار من الاحتياطي إضافة إلى 20 مليار دولار كموجودات خارجية". 

وأكد سلامة في المقابلة أن "لا دولارات كافية للدعم في لبنان، لذا البديل السريع إما بإقرار القانون الذي يسمح للمركزي باستخدام الاحتياطي الإلزامي لتمويل الدعم أو بتشكيل حكومة لها رؤية ونظرة تبدأ بالمشروع الإصلاحي بالبلد".

وأضاف "وصل الاحتياطي الإلزامي الموجود لدى المصرف المركزي إلى الخط الأحمر وهو مضطر اليوم أن يوقف تمويل هذه الاعتمادات وإعطاء البديل الذي لن يحدث إلا بتشريع البرلمان ليسمح لمصرف لبنان باستخدام التوظيفات الإلزامية لتمويل استيراد المحروقات وهذا يمكن أن يحدث سريعا".

والاحتياطي النقدي الإلزامي هو مقدار الأموال التي تحتفظ بها البنوك في البنك المركزي دون فائدة لضمان قدرته على الوفاء بالالتزامات في حالة السحب المفاجئ على الودائع إذا طلبت منه.

صورة

ورأى سلامة أنه "من غير المقبول أن ندفع 820 مليون دولار للمحروقات ولا نرى لا مازوت ولا بنزين ولا كهرباء، هذا هو الذل بحد ذاته بحق اللبنانيين وليست المواقف المتخذة من قبلنا".

 ودفع حاكم مصرف لبنان المركزي ببراءة ذمته المالية وسط مزاعم فساد، قائلا "لست مستفيدا أو مستعملا قرشا من مصرف لبنان وضميري مرتاح".

وتزامنا مع تصريحات سلامة تشهد عدة بلدات لبنانية السبت احتجاجات شعبية حاشدة، منددة بقرار رفع الدعم عن المحروقات، حيث قطع المحتجون عدة طرقات، كما قام مجهولون بإطلاق النيران على عدد من السيارات المتراصة أمام محطة للوقود في منطقة البازورية (جنوب)، ما أدى إلى إصابة عدد منها، وفق وكالة الأنباء الرسمية.

وفي محاولة لتهدئة الشارع اللبناني، قال سلامة "اقترحنا رفع الدعم تدريجيا، لم نخرج من السوق"، معلقا على حالة الغضب العارم التي لاحقت قرار رفع الدعم عن المحروقات بقوله "غلطنا عندما صدقنا أنه ستكون هناك إصلاحات".

ورداً على تصريحات النائب جبران باسيل، قال سلامة "أنا حاكم المصرف المركزي ولكن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حاكم البلد".

وكان باسيل هاجم سلامة في تصريحات بثها التلفزيون قائلا" الحاكم هو حاكم البنك المركزي، هو منو حاكم الجمهورية اللبنانية ولا له وحده يتصرف بقرارات استراتيجية ومصيرية بتمس بأمن البلد وأمنه الاجتماعي.

وكتب على تويتر واصفا التحرك بأنه "انقلاب جديد" ودعا حزبه والشعب إلى الاستعداد للاحتشاد.

وعمد عدد من المحتجين المنتمين إلى حزب "التيار الوطني الحر"، الذي أسسه عون قبل سنوات، ويرأسه حاليا صهره باسيل مساء الجمعة إلى محاولة اقتحام منزل سلامة، لكن رجال قوات الجيش والأمن تمكنوا من تفريق المحتجين واتخاذ إجراءات مشددة لحماية المكان.

وفي نفس المقابلة أكد سلامة أن "بيع الدولار سيكون من خلال منصة صيرفة وسندخل عليها عمليات التبادل لضبط الاسعار"، مؤكداً أن "المصرف المركزي هدفه تمويل لبنان وليس أي بلد آخر".

ويحتاج لبنان بشدة إلى مساعدات عاجلة تنقذ الاقتصاد من الانهيار لكن المانحين الدوليين يشترطون تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات.

وبسبب الأزمة الاقتصادية، يشهد لبنان منذ أشهر شحا في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، بسبب عدم توافر النقد الأجنبي الذي كان يؤمنه المصرف المركزي من أجل دعم استيراد تلك المواد.