رفع دعم الوقود يشعل غضبا شعبيا وسياسيا في لبنان

بيروت - أشعل إعلان المصرف المركزي اللبناني توقفه عن دعم استيراد الوقود غضبا شعبيا وانتقادات حكومية، فيما اعتبر حاكم المصرف رياض سلامة أن هذه الخطوة ضرورية لنقل دعم السلع، التي يستفيد منها التاجر والمحتكر، إلى دعم المواطن مباشرة.
وأعلنت الرئاسة اللبنانية الخميس أن الرئيس ميشال عون استدعى حاكم المصرف المركزي، وذلك بعد ساعات على إعلان المصرف عن القرار الذي ينهي فعليا دعم استيراد الوقود، في وقت تصاعدت وتيرة الاحتجاجات في الشوارع على قرار رفع الدعم.
وأضافت الرئاسة عبر حسابها بموقع تويتر أن الاجتماع سيبحث، بحضور وزيري المالية والطاقة وحاكم مصرف لبنان، في قرار الحاكم رفع الدعم عن المحروقات.
وكان المصرف المركزي أعلن في بيان مساء الأربعاء أنه سيقوم ابتداء من الخميس بتأمين الاعتمادات اللازمة لاستيراد المحروقات وفق سعر صرف الدولار مقابل الليرة في السوق المحلية، والذي يبلغ حاليا في السوق السوداء أكثر من 20 ألف ليرة، مقابل السعر الرسمي الذي يقارب 4 آلاف ليرة.
وشدد المصرف المركزي على أنه سبق وأرسل إلى الحكومة في أغسطس 2020 أنه لا يمكن قانونا المساس بالتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية لديه، وكرر ذلك في كافة الاجتماعات التي عقدها مع المراجع المعنية بسياسة الدعم، موضحا أن المساس بهذه التوظيفات يتطلب تدخلا تشريعيا.
ولفت المصرف إلى أنه رغم إنفاق ما يزيد عن 800 مليون دولار على الوقود الشهر الماضي وارتفاع فاتورة الأدوية عدة مرات، فإن تلك السلع لا تزال غير موجودة في السوق المفتوحة، وتباع بأسعار تفوق قيمتها.
ورأى أنه يجب الانتقال من دعم السلع، التي يستفيد منها التاجر والمحتكر، إلى دعم المواطن مباشرة، وهو "الأمر الذي يحفظ كرامة المواطنين".
ودعا حسان دياب، رئيس حكومة تصريف الأعمال، إلى اجتماع وزاري طارئ لبحث خطوة حاكم المصرف المركزي، بحسب بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء.
ووجه دياب كتابا إلى غازي وزني، وزير المالية بحكومة تصريف الأعمال، يطلب فيه إبلاغ سلامة بأن قراره برفع الدعم عن المحروقات مخالف للقانون الذي صدر عن مجلس النواب بشأن البطاقة التمويلية، ومخالف لسياسة الحكومة بترشيد الدعم.
وكانت حكومة تصريف الأعمال في لبنان أعطت في السابق موافقة استثنائية على تمويل استيراد المحروقات على أساس تسعيرة 3900 ليرة لبنانية، بدلا من 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد.
وعقب الإعلان عن قرار المصرف المركزي وقف دعم الوقود، قطع محتجون طريق تل نحاس - كفركلا جنوبي لبنان، وفق ما أوردته وكالة الأنباء اللبنانية.
وفي الشمال، تجمع متظاهرون أمام قصر المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي في منطقة الميناء بمدينة طرابلس، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وذكرت الوكالة اللبنانية أن المحتجين قطعوا الطريق الرئيسي في المنطقة وأشعلوا شجرة في باحة قصر ميقاتي، ورددوا هتافات مناهضة للسلطة، وسط حضور كثيف لعناصر الجيش اللبناني.
ومنذ أسابيع ينتظر اللبنانيون في طوابير طويلة لعدة ساعات من أجل التزود بالوقود، ومؤخرا أسفرت مشاجرات بالقرب من محطات وقود عن مقتل 3 أشخاص.
واقتحم محتجون معمل إنتاج الطاقة الكهربائية في منطقة الزهراني جنوبي لبنان، احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي، فيما قامت عناصر من الجيش بإخلاء المعمل من المعتصمين عند أحد مداخله.
ويشهد لبنان انقطاعا في التيار الكهربائي يصل إلى أكثر من 20 ساعة يوميا، بسبب النقص الكبير في وقود توليد الطاقة.
ويقول مراقبون إن رفع الدعم عن الوقود سينعكس ارتفاعا في أسعار سلع وخدمات أخرى تعتمد على تلك المادة في الإنتاج، المصانع والأفران والمولدات الكهربائية الخاصة التي تستخدم لسد النقص بالتيار الكهربائي.
ويزيد هذا القرار من معاناة اللبنانيين الذين يرزحون منذ نحو عامين تحت وطأة أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ بلادهم الحديث، ما تسبب في ارتفاع معدلات الفقر، وانهيار القدرة الشرائية لمعظم سكان البلاد.