أمنية أميركية أخيرة قبل الرحيل: أفغانستان إلى حرب أهلية

واصلت حركة طالبان تقدمها الإثنين بعد أن استولت على سادس عاصمة ولاية إثر معارك طاحنة مع القوات الأفغانية المنهكة أصلا وذلك في وقت تصاعدت فيه التحذيرات من إمكانية اندلاع حرب أهلية في البلاد، حيث شدد السفير الأميركي السابق في أفغانستان راين كروكر على أن وقوع حرب أهلية طويلة الأمد يبقى الأقرب من سيطرة طالبان السريعة على الحكم في البلاد.
كابول - شهدت أفغانستان معارك طاحنة الاثنين خلال محاولات حركة طالبان السيطرة على المزيد من عواصم الولايات في مواجهة القوات الحكومية وسط تصاعد التكهنات بشأن انزلاق البلاد نحو حرب أهلية مع اقتراب إتمام الانسحاب الأميركي.
وشنت قوات خاصة أفغانية هجوما مضادا في محاولة للتصدي لمقاتلي طالبان الذين اجتاحوا مدينة قندوز الشمالية الأحد، وفرّ السكان من الصراع بعد أن تحدثوا عن أصوات إطلاق نار وانفجارات لا تنقطع بعد أن سقطت سادس عاصمة ولاية بيد المتمردين.
وكانت قندوز واحدة من ثلاث عواصم إقليمية سيطر عليها المقاتلون في شمال البلاد مطلع الأسبوع بعد أن اكتسب هجومهم زخما في أعقاب إعلان واشنطن أنها ستنهي مهمتها العسكرية في أفغانستان بحلول نهاية شهر أغسطس.
وحذر متحدث باسم طالبان الولايات المتحدة الأحد من التدخل بعد ضربات جوية أميركية لدعم القوات الحكومية الأفغانية.
وفي الغرب قرب الحدود مع إيران، قال مسؤولون أمنيون إن قتالا عنيفا يجري على مشارف مدينة هرات. وقال عارف جلالي رئيس مستشفى هرات زونال إن 36 شخصا قُتلوا وأصيب 220 في القتال على مدى 11 يوما مضت مضيفا أن أكثر من نصف المصابين من المدنيين وهناك نساء وأطفال بين القتلى.

راين كروكر: لا أرى أي ظرف يستدعي نشر القوات الأميركية بأفغانستان
وفي إقليم هلمند الجنوبي، معقل طالبان، تحدث مسؤولون أمنيون عن انفجار مدو في لشكركاه عاصمة الإقليم صباح الاثنين.
وسيطر المقاتلون على العشرات من الأحياء والمعابر الحدودية في الأشهر الأخيرة وفرضوا ضغوطا على عدة عواصم إقليمية منها هرات وقندهار في الجنوب مع انسحاب القوات الأجنبية.
وقالت الميجر نيكول فيرارا المتحدثة باسم القيادة المركزية للجيش الأميركي لشبكة سي. إن. إن الإخبارية الأحد “القوات الأميركية وجهت عدة ضربات جوية دفاعا عن شركائنا الأفغان في الأيام القليلة الماضية” لكنها لم تذكر إلى أين وجهت الضربات.
وتأتي هذه التطورات في وقت تصاعدت فيه التحذيرات من إمكانية اندلاع حرب أهلية في أفغانستان لاسيما على لسان مسؤولين أميركيين سابقين.
وقال سفير واشنطن السابق في كابول راين كروكر إن وقوع حرب أهلية طويلة في أفغانستان هو أكثر ترجيحا من استيلاء سريع لطالبان على السلطة. وأوضح كروكر لبرنامج “ذيس ويك” على قناة “إيه.بي.سي” أن “حربا أهلية طويلة هي النتيجة الأكثر احتمالا من استيلاء سريع لطالبان على البلاد بكاملها. إنهم يتصرفون بذكاء كبير في هذا الصدد. هم لا يشنون ضربات كبيرة على كابول”.
وتابع أن مقاتلي طالبان “يفعلون ما يفعلونه بشكل جزئي من أجل إشاعة مناخ من الخوف والذعر. وهم ينجحون في ذلك بشكل رائع”.
وتبدو هذه التصريحات الأميركية وكأنها تمهد لاندلاع حرب أهلية في أفغانستان والتخلي عن الحكومة في كابول حيث لم يتردد كروكر في القول إنه لا يرى أي ظرف يستدعي من الولايات المتحدة إعادة نشر قواتها في البلاد.
وأضاف “الرئيس جو بايدن أوضح ذلك. سنخرج وسنبقى خارجا”.
ويأتي ذلك في وقت يتدهور فيه الوضع الإنساني سريعا في أفغانستان حيث قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) الاثنين إن سبعة وعشرين طفلا على الأقل قُتلوا وأصيب 136 في ثلاثة أقاليم في أفغانستان خلال الأيام الثلاثة الماضية مع تصاعد العنف هناك.
وقال إرفيه لودوفيك دي ليس ممثل يونيسف في أفغانستان في بيان “يونيسف مصدومة من التصعيد السريع للانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في أفغانستان.. الأعمال الوحشية تتزايد يوما بعد يوم”.
وفي قندوز، هجرت أسر عديدة تشعر باليأس وتضم أطفالا ونساء حوامل منازلها في المدينة على أمل الوصول إلى كابول الآمنة نسبيا والتي تبعد 315 كيلومترا باتجاه الجنوب وهي مسافة عادة ما تستغرق نحو عشر ساعات بالسيارة.
وترك رجال الشرطة نقاط التفتيش على الطرق المحيطة بالمدينة.وكان غلام رسول، وهو مهندس، يحاول تأجير حافلة لنقل أسرته للعاصمة عندما دوى صوت إطلاق النار في شوارع بلدته.
وقال رسول “ربما نضطر للسير إلى كابول لكننا لسنا واثقين من أننا لن نُقتل على الطريق.. الاشتباكات على الأرض لا تتوقف ولا لعشر دقائق”.
وأضاف “من الأفضل أن نترك هذه المدينة إلى أن يتحدد هل ستحكمها حكومة أفغانستان أم طالبان”.
وقال هو وعدد من السكان ومسؤول أمني إن القوات الخاصة الحكومية أطلقت عملية لإخراج المقاتلين من المدينة.