تتالي تساقط المدن على يد طالبان يعمق المخاوف من اجتياح العاصمة كابول

كابول - يعمّق تتالي سقوط المدن الأفغانية على يدي طالبان الأحد إثر المعارك المتواصلة مع القوات الأفغانية، المخاوف من اجتياح العاصمة على أيدي مقاتلي الحركة التي أخذت تعزز من سيطرتها على مناطق واسعة في البلاد، منذ بدء الانسحاب الأميركي في الأشهر الأخيرة.
وسيطرت حركة طالبان على عاصمتي ولايتين إضافيتين الأحد، في وقت تحقق تقدّما في معركتها لانتزاع المزيد من المدن الأفغانية، بعدما اجتاح عناصرها معظم مناطق الريف في الشهور الأخيرة.
وسقطت مدينة ساري بول الواقعة في شمال غرب أفغانستان بدورها بأيدي حركة طالبان، التي استولت بذلك على رابع عاصمة ولاية خلال 3 أيام.
وقال محمد حسين مجاهد زاده، عضو مجلس ولاية ساري بول، إن "طالبان حاصرت كتيبة عسكرية على مشارف المدينة"، مؤكدا أن "كل الأجزاء الأخرى للمدينة أصبحت تحت سيطرة طالبان".
وقبلها بقليل، سيطرت حركة طالبان على مدينة قندوز الكبيرة في شمال أفغانستان، التي كانت ثالث عاصمة ولاية يستولي عليها المتمردون خلال 48 ساعة.
وأكدت طالبان في بيان "بعد قتال شرس سيطر المجاهدون بفضل الله على عاصمة (الولاية) قندوز"، وأضافت "سيطر المجاهدون أيضا على مدينة ساري بول بما في ذلك المباني الحكومية وكافة المنشآت فيها".
وتعتبر قندوز جائزة كبرى لأنها تقع عند بوابة الأقاليم الشمالية الغنية بالمعادن وآسيا الوسطى، ولطالما كانت هدفا بالنسبة لطالبان التي اجتاح مقاتلوها المدينة في 2015 ومرة أخرى في 2016، لكن من دون أن ينجحوا يوما في السيطرة عليها لمدة طويلة.
واكتسب هجوم لطالبان قوة دفع في الأيام الأخيرة، بعد أن دفعت الحركة بقواتها في أنحاء أفغانستان، في أعقاب إعلان الولايات المتحدة أنها ستنهي وجودها العسكري في البلاد بحلول نهاية أغسطس.
وقال متحدث باسم قوات الأمن الأفغانية إن "قتالا ضاريا يدور" في قندوز، وتقاتل قوات الأمن دفاعا عن المدينة.
لكن عبدالرحمن والي، عضو المجلس الإقليمي في قندوز، قال إن مقاتلي طالبان سيطروا على المباني الحكومية الرئيسية بالمدينة التي يقطنها 270 ألف نسمة، وهو ما يثير مخاوف من أن تكون قندوز أحدث مدينة تسقط في أيدي مقاتلي الحركة.
وأضاف والي "اندلعت اشتباكات عنيفة بعد ظهر السبت، جميع المقار الحكومية تحت سيطرة طالبان، قاعدة الجيش والمطار فقط تحت سيطرة قوات الأمن الأفغانية وتقاوم طالبان منهما".
وأكد ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان، أن الحركة استولت على الإقليم تقريبا وتقترب من المطار.
وقال روح الله أحمدزاي، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، على فيسبوك إن قوات خاصة موجودة في قندوز وتجري "عمليات تطهير" في المدينة، لاستعادة المكاتب الإعلامية التي استولت عليها طالبان.
وفي ساري بول قال محمد نور رحماني، عضو المجلس التشريعي في إقليم ساري بول، "استولت طالبان على المقار الحكومية ودار الحاكم وقيادة الشرطة ومجمع الإدارة الوطنية للأمن".
وقالت باروينا عظيمي، الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة في ساري بول، إن مسؤولي الحكومة والقوات المتبقية انسحبوا إلى ثكنات تقع على بعد نحو ثلاثة كيلومترات من المدينة.
وأفاد عضو في مجلس الولاية يدعى محمد حسين مجاهد زاده بأن طالبان "حاصرت" المجمّع.
وتعد قدرة كابول على السيطرة على شمال البلاد حاسمة بالنسبة لاستمرارية الحكومة على الأمد الطويل.
ولطالما اعتبر شمال أفغانستان معقلا مناهضا لطالبان، شهد مقاومة كانت الأشد لحكم الحركة في تسعينات القرن الماضي.
ولا تزال المنطقة تؤوي العديد من الميليشيات، فيما تعد أرضا خصبة لتجنيد عناصر القوات المسلحة.
وأفاد المستشار لدى مجموعة الأزمات الدولية إبراهيم ثوريال بأن "السيطرة على قندوز مهمة للغاية، إذ إنها ستخفف الضغط عن عدد كبير من قوات طالبان، ليكون من الممكن حشدها في أجزاء أخرى من الشمال".
وانتشرت تسجيلات مصورة تظهر المعارك نهاية الأسبوع، تضمنت مشاهد لإطلاق سراح العديد من السجناء في المدن التي تمت سيطرة عليها.
وتستهدف طالبان السجون عادة لإطلاق سراح المقاتلين المحتجزين وبالتالي تعزيز صفوفها.
وسيطرت الحركة الجمعة على أول عاصمة ولاية في أفغانستان هي زرنج في نيمروز عند الحدود مع إيران، وانتزعت في اليوم التالي شبرغان في ولاية جوزجان الشمالية.
وأفادت تقارير بوقوع معارك على أطراف هرات (غرب) ولشكركاه وقندهار (جنوب).
وشكّلت وتيرة التقدّم الذي حققته طالبان مفاجأة للقوات الحكومية، لكن عناصر الحكومة تلقوا دفعة إلى الأمام في وقت متأخر السبت، بعدما قصفت مقاتلات أميركية مواقع طالبان في شبرغان.
وصرحت المتحدثة باسم القيادة المركزية ماجور نيكول فيرارا في واشنطن، "نفّذت القوات الأميركية عدة ضربات جوية دفاعا عن شركائنا الأفغان في الأيام الأخيرة".
وتعد شبرغان معقلا لأمير الحرب السابق عبدالرشيد دوستم، الذي أشارت تقارير إلى أن عناصر ميليشياته انسحبوا إلى جانب القوات الحكومية باتّجاه المطار.
وأشرف دوستم على إحدى أكبر الميليشيات في الشمال واكتسب سمعة كشخصية يهابها كثيرون، عندما قاتل طالبان في تسعينات القرن الماضي، فيما اتّهمت قواته بارتكاب مجازر بحق الآلاف من سجناء الحرب المنتمين إلى المتمّردين.
ومن شأن أي تراجع لمقاتلين أن يقلّص آمال الحكومة في قدرة الميليشيات على مساندة جيش البلاد الذي يعاني من ضغط شديد.
ولم تدل الحكومة بالكثير من التصريحات بشأن سقوط عواصم الولايات، باستثناء تعهّدها باستعادتها.
وكان هذا رد فعلها المعهود على معظم المكاسب التي حققتها طالبان في الأسابيع الأخيرة، رغم أن القوات الحكومية فشلت بدرجة كبيرة في الإيفاء بتعهّداتها باستعادة العشرات من المناطق والمراكز الحدودية.
ومن المقرر استكمال انسحاب القوات الأجنبية بحلول نهاية الشهر الجاري، قبيل الذكرى الـ20 على هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، والتي أدت إلى الاجتياح الذي أطاح بطالبان.