تصميمات رديئة لعملات ورقية جديدة تصدم المصريين

العملتان الجديدتان حافظتا على رموز وأشكال تنتمي إلى الحضارة الفرعونية، كانت الحكومات المصرية المتعاقبة قد اعتمدتها في أزمنة مختلفة.
الثلاثاء 2021/08/03
استياء شعبي من العملات الجديدة

القاهرة – تداول مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لعملة ورقية من فئتي عشرين جنيها وعشرة جنيهات تعكس شكلا لا يتناسب مع الصورة التي يريد النظام المصري رسمها من خلال رؤيته للجمهورية الجديدة.

وجاءت التصميمات التي وزعها البنك المركزي المصري على وسائل الإعلام الأحد استثنائية في رداءة التصميمات ولا تقاس بما كان سائدا من عملات ورقية وفضية في عهود سابقة، ما جعل مقارنة العملات المصرية تتضمّن إسقاطات ثقافية واجتماعية.

وأصابت الصدمة قطاعا من الجمهور المصري لا يزال يرى أن الجنيه (العملة الرسمية) وما يحويه من رسومات متنوعة رمز للدولة من زاويتي التقدم والتخلف.

ويقول حسن محمود، شاب مصري يعمل في أحد البنوك، “كنت أعتقد أن الجمهورية الجديدة التي بشرتنا بها وسائل الإعلام مؤخرا ستظهر قسماتها في بعض العملات، وعندما رأيت الصور الجديدة شعرت بخيبة الأمل”.

النظام المصري يحرص على أن تجمع مكونات الجمهورية الجديدة بين الأصالة والمعاصرة والطموح كدلالة على أن الدولة التي يجري بناء الكثير من معالمها حاليا نابعة من خصوصية معينة

وأضاف محمود لـ”العرب” أن “خيبة الأمل تأتي من شعوره بأن الحكومة لم تدرك قبل أن يطرح البنك المركزي العملات الجديدة، ولو على سبيل البروفة، ضرورة أن تسند الأمر إلى فنانين محترفين، وأخشى أن تدور التعديلات المنتظرة في السياق نفسه”.

ويحرص النظام المصري على أن تجمع مكونات الجمهورية الجديدة بين الأصالة والمعاصرة والطموح كدلالة على أن الدولة التي يجري بناء الكثير من معالمها حاليا نابعة من خصوصية معينة.

وأوضح الخبير في الاقتصاد السياسي كريم العمدة لـ”العرب” أن “التوجه نحو تغيير شكل العملة يرتبط بالجمهورية الجديدة التي تتطلب ترسيم معالم مغايرة بشأن العملة على مستوى الحداثة والعراقة والتصميم والواجهة، وهذا أمر تراه الحكومة مطلوبا كنوع من الاحتفاء والتأكيد على تطوير كل شيء، بما في ذلك العملة الرسمية”.

ومنذ أن طرح البنك المركزي صورا لفئتي العشرين والعشرة جنيهات لقياس مدى قبول أو رفض المواطنين للتصميمات لم تتوقف التعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي وبدا صوت الرافضين أعلى عندما وجدوا مسجد محمد علي الشهير على فئة العشرين جنيها محاطا بألوان قوس قزح التي تشبه علم المثليين، وطالبوا بضرورة تغيير هذا التصميم الذي يرمز إلى الدولة في نهاية الأمر.

ونفت مصادر في البنك المركزي التشابه، معتبرة أن العلامة المميزة “هولوجرام” التي تحتوي على ألوان الطيف الرئيسية من العناصر التصميمية على العملة فئة العشرين جنيها وضعت بغرض تأمينها.

وقالت مصادر اقتصادية لـ”العرب” إن “البنك المركزي يعتزم الاستجابة لتحفظات المواطنين وسيقوم بتغيير ألوان الطيف التي أثارت الالتباس بصورة لا تجعلها شبيهة بأيّ علامات تثير الشبهات حول العملة الجديدة، وتعديل بعض التصميمات”.

وأضافت أن طرح نموذج العملات الورقية هدفه التعرف على مدى قبول ورفض الرأي العام لشكلها الجديد وتحسينها، وقد تم التعامل بعناية مع التعليقات الجادة.

وتتولى مطبعة البنك المركزي المصري الجديدة، التي يقع مقرها في العاصمة الإدارية، طباعة العملات المصرية الأكثر تداولًا من فئتي العشرة جنيهات والعشرين جنيها.

وتحمل فئة العشرة جنيهات صورة مسجد الفتاح العليم، وهو من أبرز معالم العاصمة الإدارية الجديدة ويقع في مدخلها وافتتحه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منذ عامين على مساحة 106 أفدنة ويسع 17 ألف مصل.

أما فئة العشرين جنيهًا فتحمل صورة لمسجد محمد علي، وهو أحد المساجد الأثرية في القاهرة، وأنشأه والي مصر محمد علي باشا في النصف الأول من القرن التاسع عشر.

وحافظت العملتان على رموز وأشكال تنتمي إلى الحضارة الفرعونية، كانت الحكومات المصرية المتعاقبة قد اعتمدتها في أزمنة مختلفة.

صدمة الألوان
صدمة الألوان

وكان البنك المركزي المصري أصدر من قبل عملات نقدية من فئة المئة جنيه والخمسين جنيها والعشرين جنيها، وسيتم تداولها أيضا مع العملات الجديدة ومنح المواطنين فترة سماح طويلة لاستبدالها بإشراف البنك المركزي.

وتصنع النقود الجديدة من مادة “البوليمر” المعروفة بالنقود البلاستيكية، والتي تتميز بالمرونة والقوة والسمك الأقل وتقاوم المياه وتتيح عمرا أطول بمقدار خمسة أضعاف الفئات الحالية المصنوعة من القطن.

ويقول خبراء إن هذه النقود تصنع من مواد تتناسب مع المناخ السائد والظروف البيئية والثقافية والمستوى الاقتصادي والاجتماعي والحضاري، وإنها صنعت على مر العصور من الجلود ثم الأصواف ثم المعادن بمختلف أنواعها ثم الورق القطني ثم البلاستيك.

وأشار كريم العمدة لـ”العرب” إلى أن العملة البلاستيكية يصعب تزويرها أو التلاعب بها والكتابة عليها وتشويه ملامحها كما يحدث من قبل بعض المصريين الذين يدونون عليها الذكريات والمواقف الحياتية ويتم تداولها فيصبح شكلها غير مريح.

وتتراوح عمليات التأمين الخاصة بالنقود الورقية بين وضع علامة مائية في جميع الفئات، وبين وضع شرائط خفية وعناصر متغيرة بصريا تمنع التقليد، وقد جرى وضع علامة موحدة لكل فئة لتأكيد التباين.

وحذر البنك المركزي المصري من عدم إلغاء العملة فئة الجنيه الورقي بعد أن لوحظ ترويج شائعات على منصات التواصل الاجتماعي تحدثت عن منع تداول الجنيه ضمن التعاملات المصرفية وعزوف مواطنين عن التعامل به في المواصلات العامة.

Thumbnail
1