أوروبا ترفض مشروع أردوغان لإعادة فتح فاروشا القبرصية

جوزيب برويل: الاستفزازات التركية الجديدة ستزيد التوترات في الجزيرة وتهدد استئناف المفاوضات.
الثلاثاء 2021/07/20
رفض لخطط أردوغان بتغيير قواعد مفاوضات السلام

بروكسل – أعرب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الثلاثاء عن "قلقه" لإعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مشروعا لإعادة فتح مدينة فاروشا القبرصية التي سبق أن كانت نقطة جذب سياحية، معتبرا أنه "غير مقبول".

وقال بوريل في بيان "يشدد الاتحاد الأوروبي مجددا على ضرورة تفادي الخطوات الأحادية المنافية للقانون الدولي، والاستفزازات الجديدة التي يمكن أن تزيد التوترات في الجزيرة وتهدد استئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى تسوية شاملة للمسألة القبرصية".

ويأتي ذلك بالتزامن مع توجه الرئيس التركي الثلاثاء إلى المدينة القبرصية التي تشكل رمزا لتقسيم قبرص في زيارة تعكس تمسكه بحلّ الدولتين في الجزيرة ومساعيه لترسيخ حضور بلاده في شرق المتوسط.

وقال أردوغان إن محادثات السلام حول مستقبل قبرص المقسمة عرقيًا لا يمكن أن تجري إلا بين "الدولتين" على الجزيرة الواقعة بالبحر المتوسط.

وجدّد، في خطاب ألقاه في العاصمة القبرصية نيقوسيا، موقف تركيا من النزاع الذي يضر بعلاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي واليونان.

وتقع المدينة حاليا في أراضي “جمهورية شمال قبرص التركية” المعلنة من طرف واحد منذ 1983 ولا تعترف بها سوى تركيا.

ولا يروق وضع الجزيرة الحالي للرئيس التركي الذي يدعو إلى التفاوض من أجل حل الأزمة القبرصية على أساس دولتين، فيما يتمسك القبارصة اليونانيون بالحل على أساس نظام الفدرالية.

ويرى أردوغان في اعتماد النظام الفدرالي إضعافا لنفوذ أنقرة في الجزيرة، حيث أكد في وقت سابق أن التفاوض على الأسس القديمة أثبت فشله.

ويشير مراقبون إلى أن حل الدولتين في قبرص يخدم أطماع أردوغان في وضع يده على الغاز شرق المتوسط، أين يخوض صراعا مع أثينا ونيقوسيا بشأن حقوق التنقيب.

وكانت نيقوسيا والاتحاد الأوروبي قد حذرا تركيا قبيل زيارة أردوغان بأنهما "لن يقبلا أبدا وعلى الإطلاق بحلّ الدولتين"، حيث يطالبان باعتماد نظام فدرالي يجنب الجزيرة التقسيم ويضمن لجميع مواطنيها الوحدة.

وأعلنت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، الخميس، إن "الاتحاد الأوروبي لن يوافق على الإطلاق على حل الدولتين بالنسبة لقبرص".

وأضافت فون دير لاين، خلال مؤتمر صحافي، أن "الاتحاد الأوروبي تحدث بصوت واحد بشأن الصراع، وهو صراع مستمر منذ عقود ويمثل عقبة رئيسية أمام مساعي تركيا للانضمام للتكتل".

وتابعت"أريد أن أكرر أننا لن نقبل على الإطلاق حل الدولتين. نحن مصرون على ذلك ومتفقون تماما".

ومنذ 1974 وغزو الجيش التركي للثلث الشمالي من قبرص ردا على انقلاب نفذه جنرالات قبارصة يونانيون بهدف ضمها إلى اليونان، خلت مدينة فاروشا الساحلية من سكانها وأصبحت منطقة عسكرية مطوقة بالأسلاك الشائكة تقع تحت السيطرة المباشرة للجيش التركي.

ويرفض القبارصة اليونانيون، الذين يمثلون الجزيرة دوليا ويدعمهم الاتحاد الأوروبي، اتفاق الدولتين الذي ربما يعني ضمنًا وضعًا سياديًّا لدولة انفصالية يرون أنها غير شرعية.

ويقول الباحث سوزن إن "تركيا تصارع التكتل الجديد الذي تشكل حول قبرص بشأن قضية الغاز”. ويضيف "إنها تشعر بالعزلة ومستعدة لاستخدام كل الوسائل للضغط على قبرص، مثل فاروشا".

ومع إبرام اتفاق أنبوب غاز شرق المتوسط (اليونان وقبرص وإسرائيل) والاتفاقيات الثنائية الأخرى، أصبحت نيقوسيا جزءا من تحالف إقليمي، ما يثير استياء أنقرة كثيرا. وبلغ التوتر بشأن مسألة استكشاف حقول الغاز المحتملة ذروته في أغسطس 2019 بتنظيم تركيا واليونان مناورات عسكرية.

ولفت بيكالي إلى أن ما يجري شبيه بـ"لعبة ورق"، مشيرا إلى أنه “سيكون القبارصة، وخاصة سكان فاروشا السابقين، أكبر الخاسرين”.

ويرى متابعون أن أردوغان يرى في قضية قبرص العالقة متنفسا جديدا لمواصلة التوسع الخارجي بعد أن فرض تدخله المباشر في كل من ناغورني قره باغ وليبيا تغييرا في موازين القوى على الأرض.

ويشير هؤلاء إلى أن الرئيس التركي المحاصر بأزمات داخلية حادة بحاجة إلى جبهة توتر جديدة للتغطية على أزمات الداخل المستفحلة.