البرلمان الموريتاني ينتخب أعضاء المحكمة المختصة بمحاكمة الرؤساء

محكمة العدل السامية من المنتظر أن تنظر في قضية محمد ولد عبدالعزيز بفساد مالي ينفيه.
الثلاثاء 2021/07/20
تفعيل المحكمة لمحاكمة ولد عبدالعزيز

نواكشوط - انتخب نواب "الجمعية الوطنية" الموريتانية (البرلمان)، خلال جلسة عامة الثلاثاء، أعضاء "محكمة العدل السامية" التي يخولها القانون محاكمة الرئيس والوزراء.

وتتكون المحكمة من 9 قضاة، تم انتخابهم من بين نواب البرلمان (157 نائبا)، وهي الجهة القضائية المعنية بمحاكمة رئيس البلاد والوزير الأول والوزراء، في حال اتهام أي منهم بالخيانة العظمى.

وتضم تشكيلة المحكمة المنتخبة 6 قضاة من الكتلة البرلمانية لحزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، بحسب النظام النسبي، فيما تم تمثيل كتل برلمانية أخرى بثلاثة أعضاء في المحكمة، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.

وأعضاء المحكمة عن الحزب الحاكم هم: حبيب جاه، وجمال ولد اليدالي، وانيد عبدالرحمن، وإسحاق ولد أحمد مسكة، ولالة بنت امبارك، وخطاري حمادي، إضافة إلى أباب ولد بنيوك عن كتلة الميزان (موالاة)، وآمادي ولد سيدي المختار عن حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (إسلامي / معارض)، والعيد ولد أمبارك عن حزبي تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم (معارضة).

ومن المقرر أن ينتخب أعضاء المحكمة رئيسا لها من بينهم، خلال 10 أيام.

وتمثل محكمة العدل السامية أحد أبرز المطالب التي طرحت من قبل القوى السياسية منذ انتخاب البرلمان الجديد، وتم الإلحاح في تشكيلها بعد تشكل أول فريق برلماني للتحقيق في قضايا الفساد منذ بداية التحول الديمقراطي بالبلد.

وصدر أول قانون أنشأ محكمة العدل السامية في موريتانيا سنة 1959، وظلت هذه المحكمة دون وجود مطلقاً بعد ذلك، ورغم أن دستور 1991 نص على وجودها كهيئة دستورية فإنها ظلت كذلك معطلة ولم يصدر أي قانون ينشئها حتى سنة 2007 في عهد الرئيس الأسبق سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله، حيث تقدمت حكومته بمشروع القانون المنشئ والمنظم لهذه المحكمة، واكتملت مصادقة الجمعية الوطنية عليه في ربيع 2008.

وبعد انقلاب 2008 دخلت المحكمة في سبات طويل رغم تشكيلها حيث ظلت بلا مقر وبلا موازنة مما حولها إلى هيئة موجودة في شكل أعضائها فقط، دون أي وجود عملي لغاية انتهاء دورة البرلمان سنة 2013.

وأثناء الحوار الوطني الذي نظم عامي 2016 و2017، قدم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم) مقترحاً إلى المتحاورين يقضي من خلال التعديلات الدستورية التي كانت مرتقبة، بإلغاء هذه الهيئة وتحويل صلاحياتها إلى القضاء العادي، أو تحويل المجلس الدستوري إلى محكمة دستورية بغرفتين، إحداهما غرفة تختص بالمطابقة والانتخابات، والثانية غرفة جزائية تسند إليها مهام محكمة العدل السامية، غير أن أي شيء من تلك المقترحات لم ير النور لتبقى المحكمة على حالها، والتي زادها تعقيداً إلغاء غرفة الشيوخ وتحول البرلمان إلى غرفة واحدة، حيث إن المحكمة مشكلة من نواب وشيوخ، ويلزم أن يعدل نظامها لتشكل من أعضاء غرفة النواب وحدها.

ومن المتوقع أن تنظر المحكمة في قضية الرئيس السابق، محمد ولد عبدالعزيز (2009-2019) الذي يقبع في السجن وآخرين من أركان حكمه، حيث يواجهون اتهامات فساد مالي، بينها غسل أموال ومنح امتيازات غير مبررة في صفقات حكومية. وهو ما ينفي المتهمون صحته.

ووفق مراقبين، فإن محاكمة ولد عبدالعزيز تأتي ضمن صراع مع الرئيس الحالي، محمد ولد الشيخ الغزواني، بسبب محاولة الرئيس السابق الاحتفاظ بنفوذ في دوائر صنع القرار، رغم انتهاء رئاسته.

ودعم ولد عبدالعزيز، في الانتخابات الرئاسية عام 2019، ولد الشيخ الغزواني، الذي شارك معه في انقلاب عسكري عام 2008، أطاح بـ"سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله"، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلد العربي.

ومطلع أغسطس 2019، بدأ الغزواني ولاية رئاسية من 5 سنوات، إثر فوزه بنسبة 52 بالمئة في تلك الانتخابات.