زعيم طالبان يؤيد تسوية سياسية رغم تعثر المفاوضات

الدوحة – أعلن زعيم حركة طالبان هيبة الله أخوندزاده الأحد أنه "يؤيد بشدة" تسوية سياسية للنزاع في أفغانستان "رغم التقدم والانتصارات العسكرية" التي سجلتها الحركة في الشهرين الأخيرين، وتعثر مفاوضات السلام في العاصمة القطرية.
وقال أخوندزاده "بدل الاعتماد على الأجانب، دعونا نحل مشكلاتنا في ما بيننا وننقذ وطننا من الأزمة السائدة".
وتعد تصريحات زعيم طالبان نادرة في وقت يعقد ممثلو الحركة اجتماعات مع ممثلي الحكومة الأفغانية في قطر، للدفع نحو توقيع اتفاق سلام.
ويؤكد محللون أن احتمالات التوصل إلى تسوية تظل ضئيلة بسبب التقدم الميداني لصالح طالبان.
ويواصل وفدا الحكومة الأفغانية وحركة طالبان لليوم الثاني على التوالي محادثات السلام بينهما في العاصمة القطرية، لإنهاء الحرب المستمرة منذ 20 عاما.
واستؤنفت المحادثات صباح السبت بين وفد طالبان برئاسة نائب زعيم الحركة عبدالغني بردار، ووفد الحكومة بقيادة عبدالله عبدالله، رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية.
وقال عبدالله عبدالله الأحد إن الاجتماعات رفيعة المستوى بين فريقي التفاوض عن طالبان وحكومة كابل استمرت في الدوحة لليوم الثاني.
وأضاف "نتطلع إلى نتيجة إيجابية وبناءة".
ويأتي استئناف المحادثات في وقت تشهد أفغانستان اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية وطالبان في مناطق متفرقة من البلاد.
وفي 12 سبتمبر 2020، انطلقت مفاوضات سلام تاريخية في الدوحة بين الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان"، بوساطة قطرية وبدعم من الولايات المتحدة، لإنهاء 42 عاما من النزاعات المسلحة.
وشنت حركة طالبان هجوما شاملا على القوات الأفغانية في أوائل مايو مستغلة بدء انسحاب القوات الأجنبية، الذي من المقرر أن يكتمل بحلول نهاية أغسطس. وسيطرت الحركة على مناطق ريفية شاسعة، ومعابر حدودية مهمة مع إيران وتركمانستان وطاجيكستان وباكستان.
ولم تعد القوات الأفغانية التي باتت محرومة من الدعم الجوي الأميركي الحيوي، تسيطر سوى على المحاور الكبرى وعواصم الولايات.
ويطوّق المتمردون عواصم بعض الولايات، لكنهم لم يشنّوا مؤخرا أي هجوم كبير ضد هذه المدن، باستثناء عملية قصيرة في يوليو في قلعة نو عاصمة ولاية بدغيس، التي كانوا قد طردوا منها بعد معارك دامت أياما.
ولم يأت زعيم طالبان على ذكر وقف إطلاق نار بمناسبة عيد الأضحى. وكان المتمردون على مرّ السنوات يعلنون أحيانا هدنة بمناسبة أعياد إسلامية.
وعدّد في رسالته سلسلة من التعهدات في حال قيام "إمارة إسلامية" في البلاد. وكانت الإمارة الإسلامية اسم نظام طالبان الذي قاد أفغانستان بين 1996 و2001 وطرده تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، بعد رفضه تسليم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر 2001.
وقال أخوندزاده "نريد علاقات دبلوماسية واقتصادية وسياسية جيدة ووثيقة (…) مع جميع دول العالم بما فيها الولايات المتحدة"، وأضاف "نؤكد لدول الجوار والمنطقة والعالم أن أفغانستان لن تسمح لأي كان بتهديد أمن أي دولة أخرى انطلاقا من أراضيها".
وأكد أخوندزاده للصحافيين "التزامه حيال حرية التعبير ضمن حدود الشريعة والمصالح الوطنية"، معربا عن رغبته في العمل مع منظمات غير حكومية دولية في مجال الصحة.
وكرر أيضا وعده بضمان سلامة الدبلوماسيين والسفارات والقنصليات والمنظمات الإنسانية والمستثمرين الأجانب.
ومنذ أن أعلنت واشنطن العام الماضي الانسحاب النهائي للقوات الأجنبية من أفغانستان بموجب اتفاق مع طالبان، تحاول الحركة إظهار صورة لها أكثر حداثة واعتدالا، خصوصا حيال الخارج.
ويبدو أن طالبان تعمل منذ فترة طويلة تحت قيادة واحدة وفعالة، وتشنّ حملات عسكرية واسعة على الرغم من انتشار شائعات تتحدث عن خلافات بين قادتها.
لكن السؤالين اللذين لا يزالان مطروحين هما: مدى التأثير الذي ستتمتع به قيادة الحركة على القادة الميدانيين؟ وعما إذا ستكون قادرة على جعلهم يحترمون اتفاق سلام محتمل؟
ومقابل تقدم متمردي طالبان الذين اقتربوا مؤخرا من العاصمة كابول، يتزايد القلق في أفغانستان خصوصا في العاصمة وفي صفوف النخبة المثقفة والنساء، من احتمال عودة الحركة إلى الحكم، وهو ما من شأنه أن يهدر تقدما أُحرز على مدى عشرين عاما، رغم أن جزءا كبيرا من سكان الأرياف الأفغانية لا يزال تقليديا إلى حدّ بعيد.