تحرك برلماني جديد في تونس لسحب الثقة من الغنوشي

تونس - شرعت كتل برلمانية وازنة في تونس الاثنين في تفعيل لائحة سحب الثقة من رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي، على خلفية اتهامه بانتهاج الأسلوب "الدكتاتوري" في إدارة البرلمان.
وقالت البرلمانية نسرين العماري عن كتلة الإصلاح (18 مقعدا)، في تصريح لإذاعة "موزاييك" المحلية، إن "الاجتماع التنسيقي بين كتلتها وكتلتي الديمقراطية وتحيا تونس ونواب غير منتمين، أسفر عن إقرار تكليف نواب مستقلين بإيداع لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي بمكتب الضبط بـ73 إمضاء، إذا لم يتم التوصل إلى جمع 109 إمضاءات وفق ما طالب به المكتب السياسي للتيار الديمقراطي".
وأضافت أنه تقررت أيضا "عودة نواب التيار إلى مكتبهم السياسي للاتفاق حول إمكانية إيداع اللائحة بأقل من 109 إمضاءات مع فتح الباب لاستكمالها في وقت لاحق، قبل موعد الجلسة العامة التي ستخصص للتداول والتصويت على سحب الثقة".
وأشارت العماري إلى أن عدد النواب الموقعين على العريضة بلغ مبدئيا 106، وسيتم إيداع المطلب لدى مكتب الضبط من أجل عرضها للنقاش في جلسة علنية وبتصويت علني.
ويتطلب تمرير لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان إلى الجلسة العامة توقيع 73 نائبا، فيما تتطلب الموافقة عليها تصويت 109 نواب.
وأعلنت هذه الكتل الثلاث الاثنين عن دخولها في اجتماع تنسيقي بهدف الخروج بموقف موحد من التعاطي مع إشغال البرلمان، بعد إعلانها مقاطعة جميع مؤسساته إلى حين إقرار المجلس عقد جلسات حوار مع الحكومة، حول الملفات الآنية الحارقة على غرار الوضعين الصحي الكارثي والاقتصادي المتردي.
وطالبت الكتل بعودة البرلمان إلى سلطة الشعب وتحريره مما يصفونه بدكتاتورية الغنوشي وسياسته في المغالبة والكيل بمكيالين، في التعاطي مع أحداث العنف التي طالت البرلمانية عبير موسي رئيسة كتلة الدستوري الحر خلال جلسة 30 يونيو الماضي.
وأشارت الكتل البرلمانية إلى أن برنامج الجلسات العامة لهذا الأسبوع شهد تغييرات دون العودة إلى الكتل البرلمانية، مما يمثل خرقا للنظام الداخلي للبرلمان.
وقالت البرلمانية ليلى حداد عن الكتلة الديمقراطية (38 مقعدا) في تصريحات لموقع "الصباح نيوز"، إن "الغنوشي يتلاعب بالبرلمان ويأخذه إلى منعطف خطير، مما دفعها إلى التقدم نحو خطوة أشد، وهي محاولة تنحية الغنوشي من منصبه من خلال تمرير لائحة سحب الثقة، وهذا ما يفسر اعتماد الكتلة الديمقراطية مصطلح تفعيل لائحة سحب الثقة".
وفي الفترة الأخيرة، ارتفعت الأصوات داخل البرلمان، المحذّرة من تداعيات استمرار بقاء الغنوشي في منصبه على الأداء البرلماني وعلى مستقبل الاستقرار السياسي في البلاد، كما اتسعت دائرة الغضب الشعبية من ممارساته وتعالت المطالب الداعية إلى ابتعاده من المشهد السياسي، تغليبا للمصلحة العامة ولتمهيد الطريق لحلّ الأزمة السياسية في البلاد.
وسبق وأن واجه الغنوشي خطر الإبعاد من منصبه في يوليو الماضي، عندما تقدمت 4 كتل نيابية بلائحة لسحب الثقة منه، أسقطها البرلمان في جلسة عامة، بعد تصويت 97 عضوا بـ"نعم" بينما عارض اللائحة 16 نائبا، فيما اعتبرت 18 ورقة ملغاة، إذ يعود الفضل في بقاء الغنوشي على رأس البرلمان آنذاك إلى حليفه حزب "قلب تونس".
وفي 26 يناير الماضي أعلنت رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسي، عن لائحة لسحب الثقة من رئيس البرلمان، ودعت بقية الكتل إلى التوقيع عليها.
وقال مراقبون إن مساعي سحب الثقة من الغنوشي لم تفقد زخمها وستتواصل المحاولات في هذا الاتجاه، وإن نجا رئيس البرلمان في مناسبة أولى فلن يستطيع الصمود في مناسبات أخرى.
وتنادي أوساط سياسية في تونس بحل البرلمان وتغيير النظام السياسي، من خلال تغيير الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، إذ تعتبر النظام السياسي الحالي الذي تقتسم فيه الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث (رئاسات الجمهورية والحكومة والبرلمان) سببا في الأزمات السياسية المتواترة التي تعيشها تونس منذ العام 2011، والتي ألقت بثقلها على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وتعطل معالجة القضايا الوطنية والملفات الحارقة.
وتعيش تونس على وقع أزمة دستورية معقدة بسبب رفض الرئيس قيس سعيّد قبول الوزراء الجدد، الذين اختارهم رئيس الحكومة هشام المشيشي (المدعوم من حركة النهضة وقلب تونس) في التعديل الحكومي، لأداء اليمين بعد نيلهم الثقة من البرلمان في 26 يناير الماضي.