"قطرة ماء" معرض جزائري يحتفي بجماليات الرسم بالأكواريل

معرض "قطرة ماء" يقدم أعمالا تتراوح بين تجسيد الطبيعة الصامتة وفن البورتريه ورسم المناظر الطبيعية والأثرية.
السبت 2021/07/10
الألوان المائية مدرسة عالمية لها أصولها وتقنياتها

الجزائر- تتواصل إلى غاية السادس والعشرين من يوليو الجاري فعاليات المعرض الجماعي “قطرة ماء” الذي يحتضنه غاليري “فرانتز فانون” بديوان رياض الفتح بالجزائر العاصمة، وذلك بمشاركة 30 فنانا قدّموا 148 لوحة في ثيمات فنية متنوّعة.

ويقول مدير الغاليري عمر خيثر إنّ خصوصية هذا المعرض تكمن في أنه جمع أعمالا متنوّعة تمثّل فنانين جزائريين من أجيال مختلفة، وهي أعمال تعتمد على الألوان المائية، ومن هنا استمدّ المعرض عنوانه “قطرة ماء”.

ويضيف خيثر الذي أشرف على تنظيم المعرض بأن اقتصار الأعمال المعروضة على لوحات “الأكواريل”، أملته فكرة أنّ الرسم بالألوان المائية يُعبّر عن مدرسة عالمية لها أصولها وتقنياتها، كما أنّ هناك فنانين مختصّين في الرسم بالألوان المائية حقّقوا نجاحات باهرة في مجال الفن التشكيلي.

ناريمان مزغيش: أهتم كثيرا بالتفاصيل

ويؤكّد خيثر أنّ هذا المعرض، فضلا عن كونه جاء التفاتة لمدرسة الرسم بالألوان المائية، يُمثّل أيضا فرصة لدعم الفنانين المشاركين، خاصة أنه يفتح أمامهم فرصة التواصل مع عشّاق الفنون البصرية، ويسمح لهم ببيع أعمالهم.

ويرى مدير الغاليري الحاضن للأعمال أنّ تنوّع مواضيع اللوحات التي تتراوح بين تجسيد الطبيعة الصامتة، وفن البورتريه، ورسم المناظر الطبيعية والأثرية، تمثّل مواضيع تستهوي الجمهور لأنّها تُعبّر عن جزء من الحياة، وتمنح الزوّار فرصة إعادة اكتشاف هذه المواضيع، لكن وفق زوايا نظر لا يُجيد التعبير عنها سوى الفنانين.

ومن بين الفنانين الحاضرين في المعرض والذين اختصوّا في الرسم بالألوان المائية، يبرز اسم الفنان سليم بوهالي ابن مدينة القنطرة عاصمة محافظة بسكرة (شمال شرق الجزائر)، حيث يرسم القنطرة وضواحيها من باب اهتمامه بتراث بلده، باحثا في موضوع الهندسة المعمارية الأصيلة، محاولا التنبيه إلى خطر الضياع الذي يتهدّد هذا التراث في كامل أرجاء الجزائر.

وهو يرى أنّ العمران وجه من أوجه الهوية الثقافية الجزائرية، وجب تطويره وتجسيده على أرض الواقع عوض استيراد نماذج من العمران لا تمثّل هوية بلده، وعن ذلك يقول “البناء ليس مجرد سكن بل هو ثقافة وتقاليد ونمط اجتماعي يتلاءم مع طبيعة المنطقة، ويؤلمني ما أشاهده حاليا في بعض المناطق، حيث وصل الانفصام إلى درجة البناء على الطريقة التقليدية الآسيوية”.

وحين يرسم بوهالي القنطرة، يستعمل الألوان الحارة المستمدة من جوّ المنطقة، وهي التي تبعد عن العاصمة الجزائر 400 كلم، وبالتالي فإن جوّها بمناخين صحراوي وتلي بمعنى أن شمالها مكسو بالثلج وجنوبها مكسو بالرمال، وبالتالي استحقت اسم قنطرة، لأنّها تجمع بين مناخين وبيئتين مختلفتين.

وصقل بوهالي موهبته بالتكوين، حيث درس أصول الفن بمدرسة الفنون الجميلة بباتنة وكان ضمن الدفعة الأولى التي تخرجت منها سنة 1990، وتخصّص حينها في الهندسة الداخلية (ديكور)، لكنه بقي ملتزما بالفن التشكيلي الذي فتح عينيه عليه في سن مبكرة، عندما كان ينجذب وهو طفل لكل ما هو ألوان.

عمر خيثر: المعرض فرصة لدعم الفنانين المشاركين

وحب الفن تولّد لدى الفنان الجزائري أيضا باحتكاكه مع الفنانين البارزين منذ بداية شبابه حين كان يزور مدينة باتنة ليلتقي هناك بشريف مرزوقي وبوغرارة عبدالعالي، كما احتك أكثر بالفنان حسين هوارة المتحصّل على العديد من الجوائز الدولية، والذي ينحدر هو أيضا من القنطرة، فكان بوهالي يعمل معه في بعض المشاريع وهو لا يزال طالبا عنده في ورشته للفنون التشكيلية وأيضا بورشة الفخار.

ومع مرور الأيام، احتاج الفنان إلى أن تكون له شخصيته الفنية المستقلة عن باقي الفنانين، فراح ينمّي ميولاته الفنية ويبحث عن التميّز من خلال تقنيات خاصة أساسها الأكواريل ليهتدي إلى هويته الفنية المستقلة، ومن ثمة شارك في العديد من المعارض الجماعية والفردية بالجزائر وخارجها.

وإن كانت جل لوحات سليم بوهالي الحاضرة في المعرض تجسّد عمران مدينته القنطرة وتنوّع تضاريسها الخلاّبة، فإن الفنانة ناريمان مزغيش قدّمت في معرض “قطرة ماء” لوحات جسّدت فيها رحلاتها إلى قسنطينة وغرداية وأيضا الجزائر العاصمة، وهي المدن الثلاث التي تعرّفت عليها عن قرب، وانبهرت بجمالها وتميّز عمرانها، فرسمت لوحات عنها بتقنية الأكواريل بإخلاص متقن لكل تفاصيلها.

وفي ذلك تقول “أحب أن أكون وفية حينما أعيد رسم صورة التقطتها لمعلم بهرني جماله وعراقته، لهذا أهتم كثيرا بالتفاصيل، وهو ما يظهر جليا في أعمالي”.

وتعلّمت الفنانة العصامية أصول الرسم من ملاحظاتها الدقيقة لأعمال الفنانين العالميين، حيث كانت تُعيد رسوماتهم بشكل دقيق، كما كسبت بعض المعلومات من الإنترنت، لتجد نفسها فنانة مختصة في رسم الأكواريل، بعد تجربة خاضتها مع العديد من التقنيات.

وتحصّلت مزغيش في بداية ممارستها الفنية على عدة جوائز خاصة بفن آخر، وهو الشريط المرسوم، حيث حصلت في العام 2009 على جائزة الأمل الدراسي، وفي سنة 2013 على جائزة أفضل موهبة شابة بمناسبة المهرجان الدولي للشريط المرسوم، إلاّ أنها لم تواصل في مسارها هذا، واختارت تأليف كتب مزوّدة برسوماتها تعرّف من خلالها بتراث الجزائر، لتنشرها في دار “داليمان” التي ترأسها مُحافظة مهرجان الشريط المرسوم دليلة ناجم.

وعكفت مزغيش منذ عشرية على تأليف دفاتر الرحلات، حيث كانت البداية من الجزائر العاصمة، مزوّدة كتابها بصور للوحاتها عن البهجة، علاوة على شروحات وتعريفات بلغات مختلفة، تلاه دفتر ثان عن قسنطينة، وتستعدّ لإصدار دفتر ثالث عن غرداية، وهي المدن الثلاث التي تعرّفت عليها عن قرب، وانبهرت بجمالها وتميّز عمرانها، فرسمت لوحات عنها بتقنية الأكواريل التي تعشقها.

الألوان المائية.. مدرسة عالمية لها أصولها وتقنياتها
الألوان المائية.. مدرسة عالمية لها أصولها وتقنياتها

 

15