أكثر من 60 نائبا في البرلمان التونسي يطعنون في اتفاقية قطر

الطعون تشمل إخلالات إجرائية صاحبت الاتفاقية من إمضائها إلى حدود إحالتها على الجلسة العامة.
الأربعاء 2021/07/07
البت في دستورية الاتفاقية وصحة الإجراءات المتبعة

تونس - تواجه اتفاقية الصندوق القطري للتنمية بتونس التي صادق عليها البرلمان مؤخرا، طعونا قانونية من أكثر 60 نائبا بالبرلمان التونسي، بسبب وجود عدة إخلالات.

وسيكون مشروع القانون المتعلّق بالموافقة على اتفاقية المقر بين الحكومة التونسية وصندوق قطر للتنمية، حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس، أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين للبت في دستوريته وصحة الإجراءات المتبعة، بداية من إمضاء الاتفاقية إلى حين عرضها على الجلسة العامة للمصادقة عليها.

وأعلنت الكتلة الديمقراطية بالبرلمان التونسي الأربعاء، أنها قدمت عريضة طعن أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بشأن اتفاقية الصندوق القطري للتنمية.

وتمكنت الكتلة الديمقراطية (38 مقعدا) إلى حدود مساء الثلاثاء من تجميع أكثر من 35 إمضاء من نواب الكتلة وغيرهم لمساندة عريضة الطعن.

ولم تطعن الكتلة الديمقراطية في فحوى الاتفاقية، تخوفا من تعلل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بعدم الاختصاص في البت في الاتفاقيات، حيث ركزت طعنها على إخلالات إجرائية صاحبت مسار الاتفاقية من إمضائها إلى حدود عرضها على الجلسة العامة.

ولفتت البرلمانية سامية عبو، النائبة عن الكتلة الديمقراطية، خلال مؤتمر صحافي الأربعاء، إلى أن الطعون ارتكزت على نقطتين.

يتمثل أول الإخلالات الإجرائية في إمضاء الاتفاقية، حيث أمضاها من الجانب التونسي وزير الاستثمار والتعاون الدولي الأسبق زياد العذاري دون امتلاكه تفويضا في الغرض من الدولة التونسية، فيما كان ممثل الطرف القطري مدير صندوق قطر للتنمية، وهو ما يمثل إخلالا باعتبار أن الأنسب قانونيا هو أن يكون الجانب القطري ممثلا في عضو في الحكومة القطرية أو يكون الصندوق في حد ذاته منظمة دولية ليمثله رسميا مديره.

ويتعلق الإخلال الثاني، وهو إجرائي أيضا، بإحداث مقر للصندوق القطري، وهو لا يدخل في باب الإجراءات الاستثنائية التي يعمل بها البرلمان ولا علاقة له بالصبغة المعاشية أو الوبائية وبسير مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى أنه لم يتم عرض الاتفاقية على خلية الأزمة للبت في عرضها على أشغال الجلسة العامة بأغلبية الثلثين.

وينص القرار المتعلق بالإجراءات الاستثنائية على أن الأولويات التشريعية للجلسة العامة ومشاريع القوانين التي تحال عليها خلال فترة العمل بالإجراءات الاستثنائية، هي التي تشمل القوانين ذات الصبغة المعاشية أو المتعلقة بتمويل الميزانية والاقتصاد وذات العلاقة بالحالة الوبائية، وتلك التي تخصّ استمرارية عمل أجهزة الدولة وقدرتها على القيام بمهامها.

وتستوجب إحالة أي مشروع قانون خارج تلك الأولويات التشريعية على الجلسة العامة ضرورة موافقة ثلثي خلية الأزمة البرلمانية، المتركبة من أعضاء مكتب مجلس نواب الشعب ورؤساء الكتل البرلمانية ورئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية وممثل عن غير المنتمين إلى الكتل بصفة ملاحظ لا يحقّ له التصويت، وهو ما لم يقع اتباعه في إحالة مشروع القانون المتعلّق بفتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس على الجلسة العامة والمصادقة عليه.

واعتبرت عبو أن المصادقة التي تمت في مجلس نواب الشعب لم تكن موافقة على معاهدة، لذلك تم الطعن على هذا الأساس.

وأعلنت الكتلة الديمقراطية في وقت سابق الأربعاء مقاطعتها مشاريع القوانين الحكومية والتوجه إلى الطعن فيها متى استوجب الأمر ذلك، إلى حين قبول رئيس الحكومة هشام المشيشي الحضور إلى البرلمان في جلسات للمساءلة والحوار، حول كل المستجدات الوطنية الصحية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية.

وكان ثلاثون نائبا تقدموا بطعن إلى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، للمطالبة بالتصريح بعدم دستورية مشروع القانون المتعلق بالمصادقة على اتفاقية مقر بين الحكومة التونسية وصندوق قطر للتنمية، حول فتح مكتب للصندوق بتونس، لمخالفته الفصول 1 و10 و20 و65 من الدستور.

وانتقد هؤلاء النواب، وفق بلاغ صادر الثلاثاء عن الحزب الدستوري الحر (16 مقعدا)، "اعتماد أسلوب المرور بالقوة" الذي انتهجه رئيس البرلمان راشد الغنوشي، في خضم الاعتداءات الجسدية واللفظية بالعنف على البرلمانية عبير موسي رئيسة الكتلة ودون نقاش أو تداول من النواب، وفق نص البلاغ.

وتستعد كتلة الحزب الدستوري الحر بدورها لتقديم عريضة الطعن على المشروع نفسه، بعد أن تمكنت من تجميع ثلاثين إمضاء في عريضة الطعن، حيث من المقرر أن ترسلها إلى الهيئة الوقتية لمراقبة مشاريع دستورية القوانين في غضون الساعات القليلة القادمة.

وترى عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، في تصريحات سابقة أن "اتفاقية إسناد مقر لصندوق قطر للتنمية هي عبارة عن عقد إذعان لا يحترم السيادة الوطنية ومصلحة الاقتصاد التونسي".

وأوضحت أن "الاتفاقية ستعيد تونس إلى مربع الدولة الراعية لتبييض الأموال والتهرب الضريبي، وأن صمت النواب، يعتبر مشاركة في الجريمة، وإفساح المجال لاستعمار تونس".

وكانت كتلة الدستوري الحر عملت على منع تمرير هذه الاتفاقية على الجلسة العامة، عن طريق محاولة استصدار قرار قضائي بإيقاف أشغال الجلسة العامة المخصصة للتصويت عليها، والاحتجاج والاعتصام في قاعتي الجلسات العامة بقصر باردو ومجلس المستشارين.

وصادق البرلمان مساء 30 يونيو الماضي على مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالموافقة على اتفاقية مقر بين الحكومة التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب بالبلاد، بموافقة 122 نائبا وفي أجواء مشحونة.

وشهدت الجلسة المسائية مشاهد من العنف الجسدي واللفظي من قبل النائبين الصحبي صمارة (مستقيل من كتلة ائتلاف الكرامة) وسيف الدين مخلوف (رئيس كتلة ائتلاف الكرامة) في حق رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر، بينما كانت بصدد الاحتجاج على تمرير مشروع القانون المتعلق بهذه الاتفاقية.