تبّون عازم على مواصلة برنامجه السياسي رغم المعارضة الواسعة

الرئيس الجزائري يعفو عن معتقلين من الحراك الشعبي المعارض للنظام.
الاثنين 2021/07/05
تجاهل لمطالب الشارع

الجزائر – أكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عزمه على مواصلة تنفيذ برنامجه السياسي، بعد الانتخابات التشريعية التي اعتبرها "خطوة هامة"، رغم أن ثلاثة من كل أربعة ناخبين قاطعوها.

وقال تبون في خطاب بثته وسائل الإعلام الرسمية الأحد عشية الذكرى الـ59 لاستقلال البلاد، إنه واثق من أن "إجراء الانتخابات التشريعية المسبقة خطوة هامة على طريق استكمال مسار سديد، لا محيد عنه، فتح الآفاق الواعدة أمام الشعب وفق القواعد الديمقراطية الحقة".

وأضاف "أوفينا منذ أقل من شهر بكل عزم، في الثاني عشر من شهر يونيو الماضي، بخطوة هامة في إطار المسعى الوطني التقويمي الشامل (…) سواء تعلّق الأمر بإعادة الثقة والمصداقية لمؤسسات الدولة أو بالتحديات الجمة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي".

وشهدت الانتخابات التشريعية نسبة عزوف عن التصويت غير مسبوقة (77 في المئة)، في البلد الذي يعيش مأزقا سياسيا منذ بدء الحراك عام 2019.

ورفض نشطاء الحراك الاحتجاجي الانتخابات، فيما دعا جزء من المعارضة إلى مقاطعتها، لكن الرئيس أعلن قبل الاقتراع أنه غير مهتم بنسبة المشاركة.

وفي الأسابيع التي سبقت الانتخابات المبكرة، خرج متظاهرو الحراك في الجزائر العاصمة وفي الكثير من المدن الكبرى احتجاجا على "خارطة طريق النظام"، التي قرّرت تنظيم الانتخابات دون مراعاة لمطالب الحركة الاحتجاجية.

ويبدو تبون عازما على مواصلة برنامجه السياسي رغم الانقسامات داخل النخبة الحاكمة، لكنه يتجاهل مطالب الشارع المنادي بإقامة دولة قانون وبدء انتقال ديمقراطي وتكريس استقلال القضاء.

ويتمسّك تبون، الذي تعارضه نسبة كبرى من المجتمع الجزائري وفي مقدمته الحراك الشعبي، منذ توليه الرئاسة في ديسمبر 2019، بتنفيذ تصوراته للمرحلة المقبلة في الجزائر، متجاهلا الأصوات المعارضة ومطالبها بالقطع مع سياسة تكبيل الأفواه وتقييد حرية الرأي.

ويبدو أن السلطة غير مكترثة بالشرعية الشعبية المفقودة، بعد مقاطعة نحو 80 في المئة من الجزائريين للانتخابات النيابية الأخيرة.

ومن المنتظر أن يبدأ المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) الجديد أعماله نهاية الأسبوع، وقد حاز أغلبية مقاعده حزب جبهة التحرير الوطني ومستقلون مؤيدون لتبون.

والأسبوع الماضي، فاجأ الرئيس الجزائري الطبقة السياسية، وفي مقدمتها الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بتعيين أيمن بن عبدالرحمن، وهو تكنوقراطي متخصّص في القطاع المالي، على رأس الحكومة الجديدة، في رسالة رأى محللون أنها تعطي انطباعا بأن أولوية السلطة في الظرف الراهن هي الجبهتان الاقتصادية والاجتماعية، رغم التعقيدات التي تمر بها البلاد منذ أكثر من عامين في المجال السياسي، وتوسّع القطيعة بين الشارع والنظام القائم.

ولا يتوانى الرئيس الجزائري في كل مناسبة عن استحضار سيناريو المؤامرة، التي تستهدف أمن بلاده ووحدتها ووجود جهات داخلية وخارجية تقف خلفه، في مسعى لتبرير قمعه للتحركات الاحتجاجية في البلاد.

وحذر تبون في خطابه الأحد "كل من تسوّل له نفسه التطاول على الجزائر القوية بشعبها وجيشها".

وأمر بالإفراج عن 18 شخصا معتقلا على خلفية الدعوة أو المشاركة في تظاهرات الحراك الاحتجاجي.

ويوجد حاليا أكثر من 300 شخص وراء القضبان، على خلفية الحراك وقضايا الحريات الفردية، وفق "اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين".

وأوقف أغلب هؤلاء في الأسابيع السابقة للانتخابات التشريعية التي نظمت في 12 يونيو الماضي.

وعملت السلطات على إنهاء الحراك الاحتجاجي عمليا من خلال منع التظاهرات، كما كثّفت الملاحقات القضائية ضد نشطاء ومعارضين سياسيين وجامعيين وصحافيين.

ولجأت أكثر من 80 منظمة غير حكومية جزائرية ودولية مؤخرا إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، للاحتجاج على ما اعتبرته تصعيدا للقمع من جانب السلطات الجزائرية وتجريمها المستمر للحريات الأساسية.