طالبان تعزز مواقعها في ظل اقتراب موعد مغادرة القوات الأميركية

قندهار (أفغانستان) – عززت طالبان مواقعها في أفغانستان بعد أن سيطر مقاتلوها الأحد على إقليم بانجواي ذي الأهمية الاستراتيجية في ولاية قندهار الجنوبية، معقل الحركة السابق، بعد معارك ليلية مع القوات الأفغانية، وتزامنا مع اقتراب الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من البلد.
ويعدّ إقليم بانجواي خامس منطقة في ولاية قندهار تسقط في أيدي المتمرّدين في الأسابيع الأخيرة، ويقع على مسافة حوالي 15 كلم من مدينة قندهار، عاصمة الولاية، وكان لفترة طويلة بؤرة لطالبان، وشهد على مر السنين معارك بين المتمردين وقوات الحلف الأطلسي.
ومنذ أن باشرت واشنطن في الأول من مايو سحب قواتها من أفغانستان بعد حرب استمرت عشرين عاما، كثّفت طالبان هجماتها على القوات الأفغانية للسيطرة على مناطق ريفية عبر البلاد.
وتأتي السيطرة على بانجواي بعد يومين على انسحاب القوات الأميركية والأطلسية من قاعدة باغرام، أكبر قاعدة للتحالف في أفغانستان على مسافة 50 كلم شمال كابول، والتي شكلت مركزا للعمليات ضد المتمردين خلال العقدين الماضيين.
وقال حاكم منطقة بانجواي هاستي محمد إن معارك جرت بين طالبان والقوات الأفغانية خلال الليل، وإن القوات غادرت المنطقة في نهاية المطاف.
وأفادت وكالة فرانس برس بأن طالبان سيطرت على مركز الشرطة في المنطقة ومبنى الإدارة المحلية.
وأكد رئيس مجلس ولاية قندهار جان خاكريوال سقوط بانجواي، متهما القوات الأفغانية التي كانت موجودة "بأعداد كافية" بأنها "تعمدت الانسحاب".
وقندهار هي مهد حركة طالبان التي سيطرت على السلطة في أفغانستان في 1996، فأقامت نظاما إسلاميا متشددا قبل أن يطيحها ائتلاف عسكري بقيادة الولايات المتحدة عام 2001، بعد اعتداءات 11 سبتمبر من العام نفسه.
وقُتل أكثر من 3500 جندي أجنبي في الحرب التي استمرت نحو 20 عاما، وحصدت أرواح أكثر من ألف مدني منذ عام 2009 وفقا لسجلات الأمم المتحدة.
ومع انسحاب القوات الأميركية من قاعدتها العسكرية الرئيسية في أفغانستان الجمعة، في إشارة رمزية إلى إنهاء أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة، عبّر الناس الذين يعيشون بالقرب من القاعدة وفي كابول المجاورة عن شعورهم بالأسف على ما فات، وبدأوا يتأهبون لما هو آت.
وفرت العشرات من العائلات من منازلها في الإقليم بعدما سيطرت طالبان عليه. وقال أحد السكان ويدعى غيران "أطلق عناصر طالبان النار على سيارتنا بينما كنت أهرب مع عائلتي. أصابت خمس رصاصات على الأقل سيارتي".
وأضاف الشاهد الذي هرب إلى مدينة قندهار أن "عناصر طالبان متمركزون في أعلى الجبال ويطلقون النار على أي سيارات متحرّكة. طالبان لا ترغب في السلام".
ومنذ أسابيع تدور معارك ضارية في عدد من الولايات الأفغانية، وتؤكد طالبان السيطرة على مئة إقليم من أصل حوالي 400 في البلد.
وتنفي السلطات الأفغانية سقوط هذا العدد من الأقاليم، لكنها تقر بأن القوات الحكومية انسحبت من بعض الأقاليم، فيما من الصعب التثبت من الوضع على الأرض بشكل مستقل.
ويخشى المراقبون أن يعاني الجيش الأفغاني صعوبات في مواجهة طالبان، بعد انسحاب القوات الأجنبية من باغرام وقريبا من أفغانستان بالكامل.
وتحمل القاعدة أهمية عسكرية ورمزية كبيرة، إذ كانت القوات الأجنبية التي تمركزت فيها في الماضي توفر دعما جويا أساسيا في الحرب على المتمرّدين.
وأكدت السلطات الأفغانية التي سيطرت على قاعدة باغرام الجوية أنها ستستخدمها لمحاربة الإرهاب، وأعادت تفعيل نظام الرادارات فيها.
لكن قائد شرطة الحدود في المنطقة أسدالله قال إن قوة الشرطة كانت تقاتل المتمرّدين وحيدة، مؤكدا أن "الجيش والقوات الخاصة التي تملك معدات عسكرية أفضل لا يقاتلان إطلاقا".
ويشير خبراء إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى خسارة قوات الحكومة العشرات من المناطق، هو غياب الغطاء الجوي الأميركي في الأسابيع الأخيرة.
لكن وزير الداخلية الأفغاني عبدالستار ميرزاكوال أوضح أن سلاح الجو الأفغاني مستعد لهزم طالبان، وقال لشبكة "تولو نيوز" المحلية "سنقف في وجههم بكل قوتنا.. نستعد لهجمات قريبا".
وأشار إلى أن "المدن خط أحمر بالنسبة إلينا"، مشددا على أن قوات الأمن ستدافع بشراسة عن المراكز الحضرية في البلاد. وشنّت القوات الأفغانية هجمات على المتمردين خلال الـ24 ساعة الماضية، أسفرت عن مقتل 143 عنصرا من حركة طالبان وإصابة 121، في عدة ولايات، وفق تغريدة لوزارة الدفاع الأفغانية.