"بينترست" تسجل سبقا على المنصات المنافسة بحظر إعلانات إنقاص الوزن

حصر الإعلانات لصورة المرأة في الغواية له تداعيات نفسية ومجتمعية.
السبت 2021/07/03
"بينترست" تتحمل مسؤولية اجتماعية بالخروج عن إطار التنميط للجسد المثالي

حظرت منصة “بينترست” الاجتماعية المحتويات التي تضم أي نص أو صورة أو شهادة عن إنقاص الوزن ومنتجات الحمية الغذائية في مبادرة فريدة من نوعها لإبراز تنوع الأجساد أياً كان شكلها أو حجمها، في الوقت الذي تحاصر فيه المنصات الاجتماعية مستخدميها بإعلانات الشكل المثالي والمرأة “الموديل”.

باريس – أعلنت شبكة التواصل الاجتماعي “بينترست” التي ينشر المستخدمون فيها صوراً لاهتماماتهم حظر كل الإعلانات المتعلقة بإنقاص الوزن، وبررت المنصة قرارها بالأضرار البدنية والنفسية التي تسببها هذه الإعلانات للمستخدمين وسط جدل متزايد حول دور الإعلانات في تكريس صورة نمطية لم تعد مقبولة في القرن الحادي والعشرين.

وأوضحت المنصة التي يتابعها 475 مليون مستخدم نشط شهريا في العالم في بيان أصدرته الخميس أنها بادرت إلى “تحديث سياساتها الإعلانية اعتبارًا من الأول من يوليو 2021 لجهة حظر كل الإعلانات التي تحتوي على نصوص أو صور متعلقة بإنقاص الوزن”.

وأضافت أن “الإعلانات التي تروّج للعادات وأنماط الحياة الصحية أو منتجات وخدمات اللياقة البدنية هي وحدها التي ستبقى مسموحة، ما دامت لا تتمحور حول إنقاص الوزن”.

وتركز الشبكة الاجتماعية بشكل كبير على مفهوم نمط حياة الشخص، ما يسمح للمشترك بها بمشاركة ذوقه واهتماماته مع الآخرين، واكتشاف الأشخاص المتشابهين معه في التفكير. وربط الأشخاص في العالم من خلال الأشياء “التي يجدونها ممتعة”.

ويشير عدد من المحللين إلى أن المنصة تلقى قبولا بين النساء بشكل كبير، وأنهن يشكلن النسبة الأكبر من مستخدميها، لذلك يعتبر من المهم أن تساهم مع المنصات الاجتماعية الأخرى في الحد من الإعلانات المبالغة في استخدام الجمال لتقديم المنتجات، كما حذرت الكثير من النساء من كابوس يدفع بعض المتلقيات لهذه الإعلانات نحو الجراحة التجميلية مثلا على الرغم من مخاطرها المحتملة أو تناول أدوية خطيرة تؤثر على صحتهن البدنية والنفسية.

وشمل الحظر المحتويات التي تضم أي نص أو صورة أو شهادة عن إنقاص الوزن ومنتجات الحمية الغذائية وتلك “التي يتم ارتداؤها أو وضعها على الجلد والتي يزعم المعلنون عنها أنها تتيح إنقاص الوزن”.

كذلك منعت أي محتوى “يمتدح أنواعاً معينة من الأجسام أو ينتقدها” وأي إشارة إلى “مؤشر كتلة الجسم ‘بي.إم.آي’ أو مؤشرات مماثلة”.

ونقل البيان عن المسؤولة في “بينترست” سارة بروما قولها إنها “خطوة مهمة لإعطاء الأولوية للصحة النفسية والجسدية” لمستخدمي الشبكة، حيث “يشعرون بالحرية ليكونوا على طبيعتهم على بينترست”. وأكدت أن الهدف يتمثل في إبراز “تنوع الأجساد، أياً كان شكلها أو حجمها”.

ورحب متابعون بخطوة “بينترست” بتحمل مسؤولية اجتماعية ودعم نموذج حياة يخرج عن إطار التنميط للجسد المثالي.

وتعتمد الكثير من الإعلانات التجارية الطريق الأسهل لتقديم المنتجات بشكل يعتبرونه مغريا. ووسط العدد الهائل من اللوحات الإعلانية في التلفزيونات والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، لا يخلو بعضها من إثارة الجدل، سواء في البلدان الغربية أو العربية بسبب المشاهد أو الشعارات التي يرى فيها العديد من الناس حطا من مكانة المرأة أو تلك التي تكرس صورا نمطية.

وتستخدم الإعلانات المرأة كأداة لترويج المنتجات حتى المخصصة للرجال أو الأطفال، من المواد الغذائية إلى ملابس الرجال وعطورهم مرورا بالصابون وحفاضات الأطفال.

سارة بروما:

هدف منصة "بينترست" يتمثل في إبراز تنوع الأجساد، أياً كان شكلها أو حجمها

وحتى عندما يتعلق الأمر بمنتجات تستهلكها المرأة فهي تظهر فيها بصورة تغوي الرجل أو على الأقل تلك التي تسعى لإرضائه أو شد انتباهه.

ويبرر البعض بأن أنوثة المرأة جزء من كيانها، لكن الملاحظ هو التركيز على هذا الجانب تحديدا في المرأة وحصر صورتها في إطار الغواية والإيحاء الجنسي أحيانا كثيرة.

وقال نضال البشراوي صاحب وكالة لعارضات الأزياء في لبنان إن “عين المشاهد هي التي ترى (…) وهو بحاجة لرؤية صورة جميلة”، متسائلا “أين المشكلة إذا استعملت المرأة جمالها بالمكان الصحيح؟ الجمال شيء أساسي بهذه المهنة”.

غير أن إظهار المرأة في الإعلانات بصورة الحسناء الفاتنة له تداعياته النفسية والمجتمعية كما قالت نيكولا، طالبة بريطانية تحضر بحثا في مجال علم النفس السلوكي.

وأضافت “مقاييس الجمال عبر التاريخ تغيرت بتغير المجتمعات والمفاهيم، والمقاييس الجديدة في البلدان الغربية منذ القرن الـ20 فرضها مصممو الأزياء (…) فأصبحت حلم كل الشابات وخصوصا من لم تنصفهن الطبيعة أو من يعانين من عقد جسدية قد تكون مجرد وهم في خيالهن”.

وتشارك المرأة نفسها في الوصلات واللوحات الإعلانية وتنفذ ما يطلب منها لإظهار أنوثتها واستغلالها في ترويج الإعلانات. وهن يدخلن هذا المجال عبر مسابقات “كاستينغ” لاختيار الأنسب لهذا المنتج أو ذاك من وجهة نظر خبراء الإعلانات وعروض الأزياء.

Thumbnail

ويتطلب العمل في الإعلانات من المرأة “الموديل” تنفيذ ما يطلب منها لإظهار المنتج على أنه الأفضل والأجدر بالنسبة إلى المستهلك الهدف، وفي أحيان كثيرة لا تعرف العارضة عن المنتج الذي تروج له أكثر من شكله، فهي لم تجرب المنتج ولم تستخدمه ولكن عليها أن تقنع الزبون المحتمل بإخراج نقوده من جيبه وشراء منتج يجهله.

وتحدثت الصحافية الكويتية مشاعل بشير عن صورة المرأة في الإعلانات الخليجية التي تصورها “ربة بيت محجبة ومحافظة”، بينما تركز الإعلانات في لبنان على “المرأة الفاتنة جنسيا”.

وتستغرب من إعلانات الفوط الصحية النسائية التي “تُظهر نساء سعيدات بملابس بيضاء، غير أن النساء العربيات لا يعشقن بالضرورة اللون الأبيض إلى هذه الدرجة، ولا تغمرهن السعادة أثناء الدورة الشهرية أصلا”.

ويظل جسد المرأة ملكا لها وليس لأحد أن يستخدمه لأغراض تجارية بحتة من دون أي اعتبار لفكرها وما وصل إليه من إنجازات في تحقيق ذاتها وإعالة أسرتها ومساهمتها في المجتمع بشكل لم يعد يمكن تجاهله.

لكن المعلنين لا يهمهم سوى المبيعات والأرباح والنساء في أغلبية الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي وأغلفة المجلات في عصرنا الحالي رشيقات بأسنان ناصعة البياض وشعر هفهاف وهذا خادع، وينعكس سلبا على ثقة النساء عموما بأنفسهن وقبولهن لأجسادهن.

18