أصول صندوق الأجيال الكويتي تحقق نموا يفوق الأهداف

رأى خبراء ومحللون أن تحقيق صندوق الأجيال القادمة الكويتي نموا في أصوله يفوق الأهداف يرسم بارقة تفاؤل أمام البلد الخليجي لتجاوز البعض من محنه الاقتصادية والمالية جراء تراجع الإيرادات النفطية. لكن الأمر سيبقى مرتبطا بمدى جدية الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاح الذي لا يزال عالقا في متاهة التجاذبات السياسية.
الكويت – أكد وزير المالية الكويتي خليفة حمادة الخميس أن أداء صندوق احتياطي الأجيال “كان الأفضل في تاريخه”، حيث حقق نموا في أصوله بواقع 33 في المئة في السنة المالية المنتهية في 31 مارس الماضي.
وتستقطع الكويت حاليا بحكم القانون ما لا يقل عن 10 في المئة سنويا من إيراداتها لصالح الصندوق الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار، أقدم صندوق سيادي في العالم وأحد أكبر الصناديق السيادية العالمية مع حصص في الموانئ والمطارات واستثمارات في الطاقة حول العالم.
ويعد الصندوق أداة تسهم في تحقيق الاستقرار للاقتصاد المحلي، فهو مستودع الاحتياطات العامة التي تكون متاحة لسداد احتياجات الدولة عند الضرورة. ويقوم كذلك بأداء دور أمين الخزانة ويسهم في تحقيق الاستقرار المالي للبلد الخليجي.
وقال الوزير في بيان نشره حساب وزارة المالية على تويتر إن “صندوق احتياطي الأجيال القادمة، الذي تم إنشاؤه في عام 1976 بتحويل 50 في المئة من العوائد النفطية، تفوّق على نظرائه من الصناديق السيادية العالمية التي تفصح عن أدائها”.
وأوضح أن النمو الذي حققه الصندوق خلال السنوات الخمس الماضية فاق إجمالي الإيرادات النفطية لنفس الفترة وحقق نتائج تفوق الأهداف الموضوعة في استراتيجية الصندوق.

خليفة حمادة: نمو الصندوق خلال 5 سنوات فاق إجمالي الإيرادات النفطية
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن الكويت سجلت إجمالي إيرادات نفطية على مدى السنوات الخمس الماضية بنحو 66.7 مليار دينار (221.3 مليار دولار).
وفي حين لم يكشف حمادة عن حجم الزيادة في الأصول ذكر مصدر حكومي، طلب عدم نشر اسمه، لرويترز أن “النمو تحقق في أصول الصندوق التي زادت بأكثر من 150 مليار دولار في السنة المالية الماضية”. وأضاف أن “الصندوق السيادي لكونه مغلقا ولا يوزع أرباحا يقوم باستثمار العوائد التي يحققها بشكل تلقائي عبر شراء أصول”.
وتضررت الكويت، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، كثيرا من جراء الجائحة واستمرار تراجع أسعار النفط، المصدر الرئيسي لأكثر من 90 في المئة من الإيرادات، مما قد يجبر الحكومة على اللجوء إلى تسييل أصول سيادية لسد عجز الميزانية.
ويواجه البلد الخليجي الغنيّ بالنفط مخاطر سيولة على المدى القصير، وهو ما يعود أساسا إلى غياب تفويض برلماني للحكومة للاقتراض من الخارج.
وأدت خلافات وأزمات متكررة بين الحكومة ومجلس الأمة (البرلمان) إلى عدة تعديلات حكومية وحل البرلمان، مما أعاق إصلاحات اقتصادية تحتاج إليها البلاد بشدة.
ورغم وجاهة العوامل المباشرة التي أدت إلى هذه الأزمة في الكويت يُرجع أغلب المحللين السياسيين والاقتصاديين أسبابها الحقيقية إلى أخطاء متراكمة وعمليات هدر وسوء تصرّف في الموارد، تواصلت لفترة زمنية طويلة وحرمت البلد من استثمار مبالغ طائلة أتت من عوائد النفط في سنوات الوفرة.
ويرى خبراء أن التهاون الرئيسي، المتمثّل في عدم تنويع الموارد والارتهان للنفط واتباع سياسة اجتماعية مبالغ في سخائها لعقود عبر الإكثار من تقديم المنح للمواطنين، شجّع على التواكل وجعل المواطنين مجرّد عبء على الدولة بدل أن يكونوا مساهمين في صنع ثروتها.
وأوضح حمادة أن القفزة التي حققتها الأسهم الأميركية خلال السنة المالية الماضية كانت أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع عوائد صندوق احتياطي الأجيال القادمة.
وقال “لدينا ثقل في الولايات المتحدة ولدينا ثقل كبير في الأسهم الأميركية، أكثر من 50 في المئة من أصولنا كانت أسهما. كان هذا جيدا جدا بالنسبة إلينا”.

وبحسب وكالة التصنيف الائتماني فيتش بلغت أصول الصندوق، الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار الكويتية، أكثر من 580 مليار دولار في نهاية العام الماضي.
لكن المصدر الذي تحدث إلى رويترز قال إن “أصول الصندوق كانت أقل من ذلك في بداية السنة المالية الماضية”، ملمحا إلى أنها كانت أعلى بقليل من 500 مليار دولار دون أن يذكر رقما محددا.
وأشار إلى أنه “في بداية السنة المالية شهدت الأسواق نزولا كبيرا، وبدأنا من قاعدة منخفضة وكان لدينا نقد، تم استخدامه لشراء أصول في أسواق صعدت 50 في المئة”.
ويتكون صندوق الأجيال القادمة من استثمارات تتم خارج الكويت على أساس استراتيجية معتمدة لتوزيع الأصول في فئات أصول مختلفة.
وتستند عملية توزيع الأصول في هيئة الاستثمار الكويتية إلى مساهمات الناتج المحلي الإجمالي العالمي والرسملة السوقية، فضلا عن عوامل مختلفة أخرى كقوانين الاستثمار بما في ذلك الأنظمة الضريبية وإمكانات النمو المستقبلية.
150 مليار دولار
قيمة الزيادة في أصول صندوق الأجيال القادمة، بحسب مصادر حكومية
وتُستثنى من هذه القاعدة البلدان التي ينحرف الترجيح فيها بسبب وجود ملكيات جوهرية، كما هو الحال في عملاق النفط البريطاني بي.بي وشركة ديملر لصناعة السيارات.
وأظهرت بيانات حديثة، نشرتها إدارة الإحصاء الحكومية على موقعها الإلكتروني الشهر الماضي، أن الاقتصاد الكويتي انكمش بشكل غير مسبوق في نهاية 2020 جراء قيود الإغلاق وتراجع أسعار النفط.
وأشارت الأرقام إلى أن نمو اقتصاد البلد الخليجي تراجع في 2020 بواقع 8.9 في المئة على أساس سنوي ليبلغ بالأسعار الثابتة حوالي 36 مليار دينار (118.8 مليار دولار) مقارنة مع 39.5 مليار دينار (130 مليار دولار) في العام السابق.
ووضع صندوق النقد الدولي الاقتصاد الكويتي تحت المجهر، وحث الكويتيين على تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية لتقليص “اعتماد سياسات الحكومة على ارتفاع أسعار النفط وانخفاضها”.
وكان جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد قد قال في فبراير الماضي إن “الكويت لديها مستوى مرتفع من المصدات، لكنها بحاجة إلى تسريع الإصلاحات”.