هوس زيادة المتابعين على يوتيوب يصل إلى مراسم الدفن في المغرب

انتقادات لاذعة لزوجين قاما بنشر مقطع فيديو على قناتهما في يوتيوب يوثق مراسم دفن ابنتهما.
الخميس 2021/07/01
بحث مستمر عن تصدر الترند

الرباط - شغل نجما يوتيوب مغربيان مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بعدما أقدما على تصوير مراسم دفن ابنتهما حديثة الولادة.

وعبر قناتهما في يوتيوب “سارة حمزة” التي يتابعها 166 ألف شخص، نشر الزوجان حمزة وسارة مقطع فيديو لمراسم الدفن، لتحصد 730 ألف مشاهدة.

ويُظهر الفيديو الصادم تناوب سارة وزوجها حمزة على تصوير بعضهما البعض داخل المصحة والسيارة والمقبرة ثم لاحقا في منزلهما، وهما يتحدثان عن خطوات تشييع جثمان المولودة.

لكن تبقى إحدى أكثر اللقطات إثارة للجدل هي استعراض الأب للمشاهدين جثة الرضيعة الملفوفة في كفن وهو داخل سيارة في طريقه إلى المقبرة. وفي هذه الأخيرة واصل تصوير عملية الدفن، ليلتحق بعد ذلك بمعية زوجته بمنزلهما لتناول “الرفيسة”، وهي أكلة شعبية مغربية.

وتعرض الزوجان إلى انتقادات لاذعة واتهامات مُتعددة، بينها استغلال حدث إنساني لتحقيق الشهرة وحصد التعاطف والمشاهدات.

وقبل أسبوع نشر الزوجان مقاطع فيديو تُوثق لحظات ولادة الزوجة المُبكرة على غرار العديد من الفيديوهات السابقة التي توثق لمجموعة من اللحظات في حياتهما اليومية.

وفي أعقاب ولادتها المُبكرة تسببت مُضاعفات صحية في وفاة الرضيعة، ليقوما بتصوير ثلاثة مقاطع فيديو، وثق مقطعان منها عملية الدفن.

وما زاد من حدة الانتقادات قيام الزوجين بتفعيل خاصية الإعلانات في مقاطع الفيديو الثلاثة.

وكتب صحافي مغربي:

Ridouane Erramdani

شفت (رأيت) البيع والشراء والبحث عن البوز (الإثارة) حتى شفت، ولكن ما عمرني تخيّلت كوبل (زوجين) يدير vlog على الموت ديال بنتهم (موت ابنتهما).

بزاف على (كثير من) الجشع وقلة الإنسانية.

واعتبرت صفحة:

مرصد القنيطرة بريس/marsad kenitra press

البشاعة هي الطريقة التي يمكن بها وصف فيديو مراسم الدفن (…) وعلى ما يبدو فالربح المادي من يوتيوب كان الهاجس الأكبر لصاحبي قناة “سارة حمزة” على يوتيوب، حيث لم يباليا بقدسية الشيء والتجربة التي يمران بها بقدر ما يهمهما عدد المشاهدات والربح الذي سيجنيانه من ذلك.

ويثير محتوى يوتيوب جدلا واسعا في المغرب. وتحصد القنوات الملايين من المتابعين ويحقق أصحابها شهرة منقطعة النظير.

وينشر مغاربة آراءهم حول الموضوع على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، إذ قالت الإعلامية إيمان أغوتان في تصريح صحافي إن ترند يوتيوب في المغرب بات “واحداً من عناوين البؤس في هذا البلد”.

وتزداد الانتقادات الموجهة إلى المحتوى على يوتيوب باعتباره يكرّس صورة سيئة عن المغرب والمغاربة.

وكتبت الإعلامية فاطمة بوغنبور على فيسبوك:

Fatima Boughanbour

تقاس حرارة الأمم بتوجه النخبة. ومن معايير هذه النخبة في هذا الزمن المعرفة التكنولوجية. لذا إن أردت معرفة مستوى رقي أو انحطاط شعب، إنجازاته وإخفاقاته، وضوحه وتناقضاته وخط سيره وحلم نومه وصحوه وأهدافه وذوقه، تفحص خانة الطوندونس (الترند) في موقع يوتيوب تجد الجواب الشافي والكافي.

وضمن هاشتاغ “#باراكا_من_التفاهة (كفى تفاهة)”، دعا مغردون إلى الإبلاغ عن القنوات غير اللائقة بهدف دفع يوتيوب إلى إغلاقها.

وكشفت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات المغربية أن عدد المشتركين في الإنترنت قد ارتفع مع نهاية سبتمبر 2019 إلى 26.2 مليوناً.

ووفقا لمعطيات التي تضمنها تقرير “global digital overview” لسنة 2020، فإن مستخدمي الإنترنت المغاربة المتراوحة أعمارهم بين 16 و64 عاما، يقضون يوميا ثلاث ساعات و31 دقيقة في تصفح الإنترنت عبر الهواتف المحمولة، وهو ما يفوق المعدل العالمي المحدد في ثلاث ساعات و22 دقيقة.

وبموازاة ذلك يكشف التقرير أن المغاربة يقضون ساعتين و25 دقيقة في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي يوميا، وهو المعدل الذي يفوق بقليل المعدل العالمي للوقت الذي يقضيه مستعملو “النت” على مواقع التواصل الاجتماعي، والمحدد في ساعتين و24 دقيقة.

قنوات يوتيوب في المغرب تحصد الملايين من المتابعين ويحقق أصحابها شهرة منقطعة النظير

وكان تقرير يعود للسنة الماضية قد كشف عن تصدر “واتساب” قائمة المنصات الأكثر استخداما من طرف مستخدمي الإنترنت في المغرب بنسبة 81 في المئة، يليه فيسبوك بـ76 في المئة ثم يوتيوب بـ60 في المئة.

وسبق أن أعلنت المديرية العامة للضرائب في المغرب التي تتكلف بتنفيذ السياسة الجبائية حسب توجيهات وزارة الاقتصاد والمالية، مساعيها لمحاسبة المؤثّرين على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن حقّقوا ثراءً كبيراً من يوتيوب.

وقالت مواقع إعلامية إن المسؤولين بمديرية الضرائب تأكدوا من أن أغلب هؤلاء “المؤثرين” يشترطون “الكاش” (نقدا) لتفادي أي دليل على تعاملاتهم المالية التي تبلغ الملايين من الدراهم، وبالتالي تفادي أي محاسبة مالية.

وأفادت نفس المعلومات أن المديرية العامة للضرائب في المغرب فتحت دراسة داخلية لمتابعة الثّغرات التي يستغلّها هؤلاء “المؤثرون” للتهرب الضريبي على الدخل، وأيضاً للتهرب من المُساءلة حول مصدر الأموال التي يتعقبها القانون المغربي إذا ما بدا على شخص ما ثراء مفاجئ دون معرفة المصدر.

يذكر أنه رغم التشكيات فإن منصات التواصل الاجتماعي في المغرب تشكل فضاء واسعا لنقل مشاكل المغاربة وكشْف وقائع فساد أخلاقي واجتماعي دفع السلطات للتحرك والتفاعل، ما جعلها تشكل “سلطة خامسة”، وفق معلقين.

19