"جبهة الاستفتاء" تحشد لتغيير النظام السياسي في تونس

أصحاب المبادرة يدخلون في نقاشات غير مباشرة مع الرئيس قيس سعيّد.
الاثنين 2021/06/28
مبادرة لحلحلة الأزمة السياسية

تونس - أعلن ائتلاف صمود في تونس الاثنين عن تشكيل "جبهة الاستفتاء" للدفع باتجاه تنظيم استفتاء شعبي على تعديل النظام السياسي والقانون الانتخابي في البلاد، في ظل حالة الانسداد الحالية، وهو ما يتماشى مع نفس الأفكار التي يطرحها رئيس الجمهورية قيس سعيّد.

وتضم "جبهة الاستفتاء" منظمات عدة وأحزابا سياسية بينها "حركة مشروع تونس" بزعامة محسن مرزوق، وحزب "بني وطني" بزعامة سعيد العايدي، ومنظمات على غرار "تنسيقية اعتصام باردو"  و"الرابطة التونسية للمواطنة"، إضافة إلى شخصيات وطنية بينها شوقي الطبيب الرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد، وكمال الجندوبي الرئيس السابق لهيئة الانتخابات، والصادق بالعيد أستاذ القانون الدستوري، والمنجي الحامدي وزير الخارجية السابق.

وكشف حسام الحامي منسق ائتلاف صمود خلال مؤتمر صحافي الاثنين أن فكرة ''جبهة الاستفتاء'' ليست فكرة وليدة اللحظة، وإنّما تمّت الدعوة إليها منذ فترة بعد أن ازدحمت الساحة السياسية بمشهد متعثّر ومتشنّج، بالإضافة إلى الضبابية الكبرى على رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الدولة ورئيس الحكومة) من أجل تنافس على السلطة. 

وأوضح "أن هذه المبادرة تأتي بعد رفض الأغلبية الحالية لكل مبادرات الإصلاح، إضافة إلى تفاقم أزمة النظام السياسي في تونس والتي من مظاهرها عجز البرلمان عن إيجاد أغلبيات مستقرة قادرة على الحكم واتخاذ القرار".

وأضاف أن "إنقاذ البلاد يمر حتما بفرض مراجعات عميقة للنظام السياسي ولمنظومة الانتخابات بالرجوع إلى الشعب التونسي، الصاحب الأصلي للسيادة عبر آلية للاستفتاء الشعبي، وبالتعبئة العامة لكل القوى الوطنية الرافضة لانهيار الدولة والمتمسكة بالانتقال الديمقراطي".

وأعلن الحامي عن تركيز خيمة في شارع الحبيب بورقيبة مع إمكانية الإمضاء على الاستفتاء إلكترونيا، بالتوازي مع مواصلة النقاشات. ونفى وجود النية لتحويل "جبهة الاستفتاء" إلى جبهة انتخابية.

وكشف منسق ائتلاف صمود عن وجود نقاشات غير مباشرة مع الرئيس سعيّد، نظرا للتقارب في التوجهات المطروحة، ولكن لا وجود لنقاش مباشر.

وتتماشى هذه المبادرة مع أجندة سعيّد الذي كشف الأسبوع الماضي  عن تبنيه فكرة تغيير النظام السياسي والقانون الانتخابي، إلى جانب تنقيح الدستور الذي قال إنه "قام على وضع الأقفال في كل مكان".

ويعتبر سعيّد أن الدستور الحالي "قائم على التعطيل، أنا أعطلك وأنت تعطلني، ونحن غير مستعدين أن نجعل حق الشعب التونسي محل مقايضة أو مساومة".

ومنذ 2015 يطالب عدد من أساتذة القانون الدستوري والناشطين السياسيين والمثقفين بضرورة تغيير النظام السياسي الحالي، وهو نظام برلماني معدّل، يمنح البرلمان صلاحيات واسعة في مراقبة الحكومة واختيار رئيسها، ويوزع السلطة التنفيذية بين رئيس الحكومة ورئيس الدولة بدرجة أقل.

وتقول قيادات بارزة في الحكم أو المعارضة إن "النظام الانتخابي المعتمد حاليا يحول دون تشكل أغلبية واضحة داخل البرلمان، تمكن الفائزين في الانتخابات التشريعية من تشكيل حكومات مستقرة".

واعتبر الصحبي بن فرج، أحد مؤسسي حركة ''وطن عادل'' في تصريح لإذاعة "موزاييك" المحلية، أن "تكوين جبهة الاستفتاء التي تم الإعلان عنها الاثنين للرجوع إلى الشعب لإيجاد حلول للأزمة التي تمر بها تونس منذ سنوات وتفاقمت مؤخرا، هو نتيجة الفشل في الوصول إلى حل نظرا لتمسك كل طرف في السلطة بموقفه وبموقعه، وهو ما جعل الأطراف الخارجية تتدخل في الشأن الداخلي".

وقال بن فرج إن "الدستور الحالي لا يمكّن من الحسم في الصراع القائم إلا بالاستفتاء، والذي يجب اللجوء إليه لإخراج البلاد من الأزمة، وبالتالي يعول على الضغط الشعبي الذي أثبت نجاعته في كل الأزمات التي مرت بها بلادنا".

 ويرى محللون ومراقبون أن هذه الجبهة ضرورية لإيقاف النزيف الذي تعيشه البلاد، لكنها لن تنجح دون مساندة الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو الحصن الأخير الباقي للتونسيين في ظل ضعف الأحزاب.

وقال الناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري "لم يحدد الاتحاد موقفه من المبادرة، ويجري المزيد من الحوار والنقاش، لكنه يعتقد أن الاستفتاء قد تكون له نتائج عكسية ليست في صالح الاستقرار السياسي".

وتعيش تونس أزمة سياسية معقدة منذ أكثر من ستة أشهر وترجمتها القطيعة بين الرؤساء الثلاثة والمناكفات السياسية بين رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة)، بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 يناير الماضي.

ورغم تصديق البرلمان على التعديل، فإن سعيّد يرفض دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبرا أن التعديل شابته خروقات، وتتعلق بأسماء عدد من الوزراء شبهات فساد، وهو ما يرفضه المشيشي.

وامتنع الرئيس سعيّد عن إمضاء تعديلات في قانون المحكمة الدستورية بعد مصادقة البرلمان عليها بأغلبية معززة، وسط اتهامات متبادلة بين الطرفين.