غياب الرئاسات الثلاث عن أزمة كورونا يثير قلق التونسيين

تونس تشهد وضعا صحيا صعبا في ظل غياب الإمكانات واستفحال الوباء في بعض مناطقها.
الأحد 2021/06/27
انشغال عن نداء الشعب

تونس – أثار غياب الرئاسات الثلاث في تونس (رئاسة الجمهورية - الحكومة - البرلمان) عن الظهور الإعلامي بشأن أزمة كورونا، موجة سخرية وغضب في آن واحد وسط تساؤلات عن القرارت الفعالة لمواجهة استفحال الوباء.

وتشهد تونس موجة حادة لفايروس كورونا، حيث سجّلت خلال اليومين الماضيين أعلى حصيلة إصابات يومية منذ بداية انتشار الجائحة في البلاد مارس 2020.

وأحصت وزارة الصحة التونسية السبت 4664 إصابة جديدة بفايروس كورونا المستجد  و90 حالة وفاة.

وتعكس الحصيلة غير المسبوقة الوضع الوبائي المتدهور في أكثر من ولاية في تونس، التي أعلنت الدخول في حجر صحي شامل بدءا من الأحد.

 ولليوم الثالث على التوالي تتجاوز الحصيلة اليومية معدل 3500 إصابة بالفايروس.

وتعاني المستشفيات في أغلب أنحاء البلاد من ضغط شديد ونسبة إشغال تجاوزت طاقة الاستيعاب القصوى، وفق بيانات وزارة الصحة.

وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية بين الرئاسات الثلاث جعلت الأزمة الصحية تتذيّل سلم اهتمامات صناع القرار، لينشغلوا بالقطيعة القائمة بينهم والخلافات التي حالت دون تغليبهم المصلحة العامة على سباق المصالح الضيّقة.

وكتب أبوبكر خشين، وهو مواطن تونسي أصيل ولاية القيروان، على الموقع الاجتماعي فيسبوك "أشم رائحة أرقام مفزعة بداية من اليوم في القيروان... مندوب الصحة فاشل، الوالي فاشل، رئيس البلدية فاشل... وكل شخص لا يقوم بمهامه فاشل... المشيشي يتفرج وساكت، رئيس الدولة كذلك... بلادنا تبكّي، لم نعد نعرفها.. بلاد عصابات يدعمها الحكام".

وتشهد القيروان المدينة التاريخية التي تقع وسط تونس والمعتمديات القريبة منها عدد إصابات يومية يفوق 400 لكل 100 ألف ساكن، وهي أكثر المناطق تضررا بالوباء وتصنف ضمن مستوى إنذار "مرتفع جدا"، إلى جانب عدد آخر من الولايات في البلاد.

وزادت البنية التحتية المتداعية للصحة العمومية في الجهة الوضع الوبائي تعقيدا، حيث لا يتوفر في القيروان التي تأوي أكثر من نصف مليون ساكن، سوى 20 سرير إنعاش و120 سرير أكسجين مع نسبة إشغال فاقت طاقة الاستيعاب القصوى. وهي حالة تشترك فيها القيروان مع كافة ولايات تونس التي تقاوم الوباء بمنظومة صحية هشّة للغاية.

وأعلنت تونس الجمعة توسيع حظر التجوال على المدن المصنفة ذات إنذار خطير، في حين تركت حرية اتخاذ القرارات المناسبة لرؤساء الولايات، وذلك بعد إعلانها عن تسجيل 6 إصابات بالسلالة المتحورة الهندية "دلتا" التي تعدّ شديدة الفتك بالمرضى وسريعة العدوى.

وفي ظل غياب قرارات صارمة، نظمت جمعيات حملات للتبرع من أجل المستشفيات، بينما لجأت منظمات وطنية إلى المجتمع الدولي مطلقة نداء استغاثة من أجل تأمين إمدادات طبية عاجلة إلى المدن التي تشهد تدهورا خطيرا للوضع الوبائي، المرتبط بتفشي فايروس كورونا المستجد.

ودعت المنظمات المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لإيقاف نزيف الكارثة الصحية في تونس.

ويطالب الكثير من التونسيين السلطات بفرض حظر صحي شامل، لكن الحكومة ترفض اتباع هذا الإجراء نظرا للأزمة الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد منذ نحو سنتين، وجعلتها عاجزة حتى عن دفع ديونها التي تجاوزت الـ80 في المئة من الناتج الداخلي الخام.

واستنكرت الناشطة السياسية عن اتحاد القوى التونسية منية الغزلاني خريف عدم اتخاذ رئيسي الجمهورية والحكومة قرار الحجر الصحي الشامل، وكتبت في تدوين على موقع فيسبوك "ألو ألو سعيّد... ألو ألو المشيشي.. البلاد أصبحت خرابا. إعلان الحظر الشامل مع إنزال الجيش لتطبيقه... مع إعانة بالمؤونة مباشرة للعائلات المعوزة".

وأصيب رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الجمعة بكوفيد - 19، رغم تلقيه جرعتين من لقاح مضاد للفايروس، ما جعله محلّ سخرية تونسيين ومحلّ استهجان آخرين رأوا أن هذه الحادثة ستزيد من عزوف التونسيين عن تلقي التطعيم بتعلة أنه لا يمنع المرض.

وكتبت النائبة السابقة بالبرلمان عن حزب نداء تونس فاطمة المسدي في تدوينة على موقع فيسبوك، "خبر إصابة رئيس الحكومة لا بد أن يتم توضيحه رسميا.

أولا: ما هو نوع اللقاح الذي تلقاه المشيشي؟ هل له أمراض مزمنة؟  نسبة الإصابة بكورونا في حالة تلقيح وعند إنسان طبيعي بصحة جيدة ضعيفة جدا، فهل هذا مطابق علميا؟".

وتساءلت المسدي "إذا فرضنا أن حالة رئيس الحكومة تستوجب الراحة فمن سينوب رئيس الحكومة وهو وزير الداخلية أيضا بالنيابة؟ هل الإعلام هذا ليس له تأثير على أمن الدولة؟".

ويعد قرار المشيشي إقالة وزير الداخلية وتعيين نفسه وزيرا بالنيابة، من بين الإجراءات التي أججت الخلافات بينه وبين رئيس الجمهورية قيس سعيّد، الذي ما زال مصرا على رفض تحوير وزاري أجراه رئيس الحكومة منذ يناير الماضي، كما يرفض استقبال الوزراء لأداء اليمين الدستورية لشبهات فساد تتعلق ببعض منهم.