المغرب يعول على المغتربين لتحقيق التنمية الاقتصادية

يعول المغرب على استثمارات المغتربين لتحقيق رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال وضع آليات لتوفير المزيد من الدعم للمبادرات الاستثمارية لهذه الفئة وإفساح مجالات جديدة أمامها لاسيما مع استغلال موقعها في الترويج للمنتجات المحلية في الخارج بالتعويل على شبكة علاقاتها.
الرباط - تتصاعد مطالب الأوساط الاقتصادية في المغرب لزيادة الاستفادة من أموال المغتربين عبر فتح مجالات استثمارية جديدة أمامهم خارج القطاع العقاري الذي يحتل نسبة كبيرة من استثماراتهم الحالية بهدف تحقيق رافعة اقتصادية واجتماعية.
وقال الخبير في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد محمود عربوش إن “المغاربة المقيمين بالخارج يشكلون رافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المملكة”.
وقال محمود عربوش في تصريحات صحافية إنه “بالنظر إلى الأهمية التي تضطلع بها الجالية المغربية في الخارج كرافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، يجب على السلطات أن تضع الآليات الملائمة لتوفير مزيد من الدعم للمبادرات الاستثمارية لهذه الفئة”.
وأوضح أن “ذلك يمرّ عبر تحديد القطاعات الرئيسية التي يمكن لمغاربة العالم الحاملين لأفكار استثمارية مبتكرة أن يستثمروا فيها، ولاسيما في قطاعات أخرى غير قطاع العقارات الذي يهيمن بالفعل على 70 في المئة من إجمالي استثماراتهم”.
واعتبر عربوش أن الجيل الجديد من المهاجرين المغاربة “حريص جدا” على إطلاق مشاريع استثمارية مبتكرة، شريطة أن يحصلوا على الدعم اللازم لتحديد المشاريع الواعدة وإقامة شراكات جيدة.
وأعلنت الحكومة المغربية عن اتفاقية تعاون مع المغاربة المغتربين بهدف حشد الدعم للحدّ من التفاوت الاجتماعي ومحاربة الفقر، حيث تحاول السلطات الاستفادة من الثروة الاقتصادية التي تمثلها شريحة المهاجرين.
70 في المئة من إجمالي استثمارات المهاجرين المغاربة تصب في القطاع العقاري
وأبرز الخبير محمود عربوش أن الجهود التي يبذلها المغرب من أجل تبسيط الإجراءات الإدارية ورقمنتها وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وإطلاق ميثاق الاستثمار المغربي هي مبادرات جديرة بالثناء يجب أن تدمج المغاربة المقيمين في الخارج.
كما شدد على أهمية التواصل من خلال اعتبار مغاربة العالم مصدرا للثروة، وذلك لتمكين المغرب من الاستفادة الكاملة من جاليته والسماح لهذه الفئة بالمساهمة المكثفة في تنمية بلدها الأم.
وأشار عربوش إلى أن المغاربة المقيمين في الخارج قادرون على لعب دور الميسرين المهمين للتجارة مع المغرب، سواء من حيث الواردات أو الصادرات بفضل شبكة معارفهم.
وقال “في الواقع، بالنسبة إلى بعض المنتجات يمكن لمواطنينا المقيمين في الخارج تحفيز الصادرات المغربية بشكل مباشر، لأنهم يميلون إلى الحفاظ على عادات الاستهلاك المغربية في بلدان الاستقبال، ويمكنهم أيضا تعزيز التجارة المغربية بفضل تأثير شبكة المعارف من خلال لعب دور ميسري التجارة بين مختلف الأطراف، بفضل المعلومات التي يتوفرون عليها حول البلدين الشريكين”.
ويمثل المغتربون ثروة اقتصادية للبلد حيث يمثلون مصدرا للعملة الصعبة ورافدا أساسيا للنمو، وتكشف بيانات بنك المغرب (البنك المركزي) أن تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج عرفت شبه استقرار في حدود 65.8 مليار درهم (حوالي 7.2 مليار دولار) عام 2020، فيما سترتفع إلى نحو 7.8 مليار دولار عام 2021 ثم 8 مليارات دولار عام 2022.
وسجل الخبير أن التوفر على جالية مهمة في الخارج ينعكس بشكل خاص على كثافة المبادلات التجارية الثنائية بين بلدان المنشأ والاستقبال، مضيفا أن تأثير الجالية على التجارة قد يكون أكثر وضوحا على تجارة المنتجات غير المتجانسة أو غير المتمايزة، من المنتجات المتجانسة مثل السلع الأساسية.

وقال عربوش إن صادرات المغرب غير متجانسة بشكل متزايد ويمكن للجالية المغربية بالخارج أن تلعب دورا رئيسيا في تسهيل التجارة لهذا النوع من المنتجات لأنه يحتل وضعا جيدا لسد أوجه عدم تناسق المعلومات في قطاعات محددة.
وأوضح أنه في الأوقات العادية تدعم الجالية المغربية الاقتصاد الوطني بشكل مباشر من خلال ثلاث قنوات رئيسية وهي التحويلات المنتظمة للأموال ومداخيل الأسفار المترتبة عن قضاء العطل في المغرب، فضلا عن الاستثمارات داخل المملكة.
وتابع عربوش أنه إذا كانت مداخيل سفر المغاربة في العالم قد عرفت انخفاضا كبيرا خلال أزمة فايروس كورونا حيث انخفضت من 78.6 مليار درهم في 2019 (8.84 مليار دولار) إلى 36.4 مليار درهم في 2020 (4.9 مليار دولار)، تحت تأثير إغلاق الحدود الدولية. وإذا كانت استثماراتهم في المغرب قد شهدت أيضا انخفاضا بسبب قيود السفر وغياب الرؤية في سياق الأزمة فإن تحويلاتهم المالية قد أظهرت، بالمقابل، قدرة كبيرة على الصمود.
وأبرز أن هذه التحويلات حققت زيادة مفاجئة بنسبة 5 في المئة في عام 2020 وحققت تطورا وصل إلى 68 مليار درهم (7.65 مليار دولار) مقابل 64.7 مليار درهم في عام 2019 (7.27 مليار دولار) خلافا لكل التوقعات التي راهنت على انخفاضها بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة.
وأشار عربوش إلى أن هذا التطور لم يكن متوقعا على الإطلاق ولكنه يظل منطقيا تماما بالنظر إلى السياق الخاص، مع مراعاة عدد من العناصر السياقية ذات الطابع الظرفي والهيكلي.
وبخصوص الأسباب ذات الطابع الظرفي أشار الخبير المغربي إلى أن إلغاء عملية مرحبا 2020 اضطر نحو مليوني مغربي حول العالم، كانوا يعتزمون العودة إلى المغرب لقضاء العطلة الصيفية، إلى العدول عن هذا القرار، وبالتالي تحويل جزء من ميزانية السفر إلى أقاربهم في المغرب.