حذر أوروبي في التعامل مع اندفاعة تركيا لتبريد الخلافات

بروكسل - قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة إن التوترات مع تركيا خفت خلال الأسابيع القليلة الماضية لكن الدول الأوروبية ستظل حذرة، فيما دأب النظام التركي على المناورة كلما زادت عزلته الإقليمية والدولية.
وقال ماكرون في مؤتمر صحافي في بروكسل أثناء حديثه عن تركيا “التوترات خفت في الأسابيع الماضية”. وأضاف “سنواصل توخي الحذر… لكننا سنعاود العمل المشترك”.
وكثفت تركيا منذ مطلع العام الجاري، مبادرات التهدئة تجاه خصومها الغربيين والإقليميين للخروج من عزلتها المتزايدة على الساحتين الإقليمية والدولية، إلا أن التوجس من صدقية النظام التركي يغلب على ردود الأفعال تجاه هذه المبادرات، إذ لأنقرة سوابق عديدة في عدم الإيفاء بوعودها وتعهداتها وهو ما يجعل تصديقها أمرا صعبا.
وسبق لتركيا أن قدمت تعهدات بتخفيف التوتر شرق المتوسط والجلوس إلى طاولة المفاوضات مع أثينا وقبرص، لكنها لم تلتزم بذلك.
وبعد أشهر من التوتر، التقى مؤخرا الرئيس الفرنسي نظيره التركي الاثنين في بروكسل في “أجواء هادئة”، وتعهدا بـ”العمل معا” في ملفي ليبيا وسوريا وشرق المتوسط، بحسب باريس.
وتطالب فرنسا ودولا عديدة برحيل القوات الأجنبية والمرتزقة -قدرت الأمم المتحدة عددهم بنحو 20 ألفا في نهاية 2020- المنتشرين في ليبيا لترسيخ آمال السلام التي تم رسمها في الأشهر الأخيرة في هذا البلد.
ويتعلق الأمر بالقوات التركية والمرتزقة السوريين الذين نشرتهم تركيا وكذلك المرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية الخاصة.
وفي شرق المتوسط حيث وقعت حادثة بين قطع حربية تركية وفرنسية في يونيو 2020، دعمت باريس أثينا أمام طموحات أنقرة المتعلقة بالغاز.

إيمانويل ماكرون: التوترات مع تركيا خفت لكننا سنواصل توخي الحذر
وشكك أردوغان في أكتوبر، في “الصحة العقلية” لماكرون متهما إياه بشن “حملة كراهية” ضد الإسلام، لأنه دافع عن الحق في رسم صور كاريكاتورية للنبي محمد ولخطابه ضد التطرف الإسلامي في فرنسا.
وتطرق تركيا أبواب فرنسا صاحبة الثقل الاقتصادي والسياسي في الاتحاد الأوروبي باعتبارها البوابة الرئيسية لأي مصالحة مع الشركاء الأوروبيين وكسر العزلة التي تواجهها في الفضاء الأوروبي.
ويبدو الجانب التركي مستعجلا على تصحيح مسار العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لحسابات اقتصادية وسياسية وفي وقت يحتاج فيه لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية بعد أن أثارت تدخلات أردوغان خلال السنوات الأخيرة في السياسات النقدية وحالة الاضطراب السياسي وقمع المعارضة والحريات، مخاوف المستثمرين الأجانب وحولت تركيا إلى سوق عالية المخاطر.
ويرى مراقبون أن قيادة باريس حملة فرض عقوبات أوروبية على تركيا، جعل النظام التركي يدرك أن الدخول في صدام مع باريس رهان خاسر في وقت تعاني فيه البلاد من أزمات سياسية واقتصادية عميقة، الأمر الذي أجبر أنقرة على تخفيف لهجتها لاستمالة باريس.
وكانت فرنسا قد قادت مطلع ديسمبر الماضي جهود الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات تمهيدية على تركيا، على أن يتم فرض عقوبات مشددة أكثر بعد ذلك في ضوء التقييم الأوروبي لسلوك أنقرة في شرق المتوسط، حيث دأبت على إثارة التوترات مع كل من اليونان وقبرص في ما يتعلق بحقوق التنقيب عن النفط والغاز.
وتعكس اللهجة التصالحية لتركيا بشأن عديد الخلافات العالقة مع القوى الدولية، مخاوف أنقرة من تنامي عزلتها، ما يضر بمصالحها الاستراتيجية على المدى المنظور.
والخميس، أكد الاتحاد الأوروبي استعداده “لزيادة التعاون مع تركيا في العديد من المجالات التي تنطوي على مصالح مشتركة بشكل تدريجي ومتناسب”، لكنه طلب من الرئيس التركي إزالة العقبات أمام إحياء العلاقات مع أنقرة.
وأفاد بيان قمة الاتحاد الأوروبي التي انعقدت في باريس يومي الخميس والجمعة، عن استعداده لإجراء حوار رفيع المستوى مع تركيا حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل الهجرة والصحة والمناخ ومكافحة الإرهاب والقضايا الإقليمية.
وتناول بيان القمة الوضع الداخلي في تركيا، حيث أشار إلى أن “التطورات المتعلقة بسيادة القانون والحقوق الأساسية في تركيا كانت مصدر قلق”.
وأوضح البيان أن “الأحزاب السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان ووسائل الإعلام قد تم استهدافهم، وأن هذه التطورات تسببت في تراجع الديمقراطية، وسيادة القانون، وحقوق المرأة في البلاد”.
وسينظر الجانب الأوروبي في السياسات التركية المستقبلية لتقييم الوضع واتخاذ قرارات على أساسها.