لقاء تهدئة بين قيس سعيد والغنوشي قد يقود إلى التضحية بالمشيشي

حركة النهضة أكثر تفاؤلا باللقاء وأنصار الرئيس يقللون من نتائجه.
الجمعة 2021/06/25
إصغاء وانتظار

تونس – وصفت مصادر تونسية مطلعة اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي بأنه لقاء تهدئة ليس أكثر، وأن الطرفين لجآ إليه لامتصاص الأزمة السياسية الحادة التي تعيشها البلاد، والتي أثرت على صورة كل منهما في الداخل والخارج.

وأضافت المصادر أن اكتفاء الجهات الرسمية بوصف اللقاء بأنه كان لقاء إيجابيا يؤكد أن الهدف منه بالأساس هو الاجتماع في حد ذاته، وهو اجتماع مطلوب من دوائر خارجية مهتمة بتونس خاصة من الدول الأوروبية القريبة ومن الجهات المانحة التي ترفض أن تقدم أي شكل من أشكال الدعم للبلاد في ظل الصراع العلني بين قيس سعيد والغنوشي.

فتحي العيادي: اللقاء كان مطولا وإيجابيا ونأمل أن يساعد على حل الأزمة
فتحي العيادي: اللقاء كان مطولا وإيجابيا ونأمل أن يساعد على حل الأزمة

لكنها لم تستبعد أن تكون له نتائج لاحقة بهدف بناء الثقة بين قيس سعيد والغنوشي، من بينها وقف الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة تلك التي يديرها قياديون في حركة النهضة من بينهم صهر الغنوشي رفيق عبدالسلام، وهي الحملات التي أزعجت الرئيس سعيد وألمح لها في تصريحاته وكلماته الرسمية.

ولفتت المصادر إلى أن حركة النهضة قد تسرّع إجراءات بناء الثقة إذا وجدت تجاوبا واضحا من رئيس الجمهورية، وأنها قد تضع رئيس الحكومة هشام المشيشي على قائمة التنازلات التي تعرضها مقابل التوصل إلى توافق مع قيس سعيد شبيه بالذي كانت بنته في 2014 مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، ما مكنها من الحفاظ على دورها كمحرك رئيسي في الحكومات المتتالية، وسهل لها لاحقا مهمة تفكيك منافسها الرئيسي حزب نداء تونس، وإثارة الخلاف بين الراحل قائد السبسي ورئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد.

وكان المشيشي قد غاب عن الاجتماع الثنائي بين قيس سعيد والغنوشي، وهو ما زاد من الشكوك في أن يدفع رئيس الحكومة فاتورة التقارب بين الطرفين.

ويعتقد مراقبون أن النهضة يمكن أن توقف الحملات التي تستهدف رئيس الجمهورية، لكنها لا تقدر على منحه استقالة المشيشي على طبق من فضة، مشيرين إلى أن المشيشي بات محميا من كتل أخرى خاصة قلب تونس وائتلاف الكرامة ومجموعات المستقلين، فضلا عن رفضه الاستقالة من منصبه وتأكيده باستمرار أنه باق في منصبه.

يضاف إلى ذلك أن الوضع الصحي والاقتصادي المأزوم لا يتحمل إقالة رئيس الحكومة وانتظار مشاورات مطولة ومفاوضات لتقاسم السلطة، وهي خطوة مخاطرها أكثر من منافعها وفق المراقبين.

وأكد الناطق الرسمي باسم حركة النهضة فتحي العيادي أن “اللقاء كان مطولا وتناول الأوضاع العامة بالبلاد وكان إيجابيا ونأمل أن يساعد على زحزحة الأزمة السياسية في البلاد ووضعها على سكة الانفراج”، فيما قالت الرئاسة التونسية في بيان مقتضب إن “رئيس الجمهورية التقى الخميس الغنوشي بمناسبة الاحتفال بالذكرى 65 لانبعاث الجيش الوطني”.

وقال لطفي زيتون القيادي السابق في حركة النهضة، والذي توسط في عقد اللقاء بين الرئيس سعيد والغنوشي، “أن يتم اللقاء في يوم المؤسسة الوطنية العتيدة جيشنا الوطني هو فأل حسن نرجو أن يتحقق”.

هيكل المكي: يجب أن يكون الرئيس سعيد مرنا لكن المبادئ لا تتغير
هيكل المكي: يجب أن يكون الرئيس سعيد مرنا لكن المبادئ لا تتغير

وبدا قياديون في حركة النهضة أكثر تفاؤلا باللقاء ونتائجه، وهو أمر مفهوم لأن الخلاف الحاد مع الرئيس سعيد قد زاد الضغوط على البرلمان ورئيسه ورفع من منسوب الغضب الشعبي ضده، وبات يهدد إستراتيجية النهضة في السيطرة على المؤسسات في غياب قوة سياسية قادرة على مواجهتها، لكن قيس سعيد نجح في أن يلعب هذا الدور ويحرج النهضة مستفيدا من شعبيته ومن التفاف مجموعات سياسية ومدنية مناوئة للنهضة حوله.

وعلى غير عادته لم ينشر موقع رئاسة الجمهورية التونسية فيديو للقاء، وهو ما يسمح بالتأويلات المختلفة خاصة من جهة أنصار حركة النهضة الذين باتوا يروجون لاستنتاجات تفيد بوجود تقارب بين الطرفين.

وكان رياض الشعيبي المستشار السياسي للغنوشي قال الأربعاء “لقد حان الوقت لتجاوز الحواجز النفسية بين الغنوشي وقيس سعيد في انتظار المرور إلى الحوار السياسي، ومحاولة القيام بدور إيجابي لتجاوز الأزمة السياسية ووضع حد للأزمة الحكومية”.

وخلا بيان حركة النهضة الذي صدر الخميس من أي إشارة إلى اللقاء بين قيس سعيد والغنوشي ما يعكس رغبة في عدم تسريب أي معطيات أو استنتاجات يمكن أن تغضب رئيس الجمهورية الذي يبدو حريصا على أن يتعامل مع اللقاء كلقاء عادي شبيه بلقاءاته السابقة مع مسؤولين في الدولة.

وجاء في بيان النهضة تأكيد على “ضرورة التعاون والتضامن بين جميع مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والجلوس إلى طاولة الحوار دون شروط مسبقة ودون إقصاء”.

ويسود اقتناع لدى الحزام السياسي للرئيس سعيد وأنصاره بأن اللقاء يصب في مصلحة حركة النهضة، وأنه جزء من مناورات الغنوشي، وأن رئيس الجمهورية سيكون متضررا من أي تقارب مع الحركة في الوقت الحالي.

وقال هيكل المكي القيادي بحركة الشعب، في محاولة للتخفيف من نتائج اللقاء، “أعتقد أن رئيس الجمهورية ثابت في الموقف، ويجب أن يكون مرنا في الحركة لكن المبادئ لا تتغير”.

Thumbnail
1