مغاربة يجوبون الصحراء بحثا عن الجسيمات الفضائية

صيادون من نوع خاص في الصحراء المغربية بحثا على قطع من الأحجار النيزكية المتساقطة من السماء، تثير اهتمام العلماء وشغف الرحّل.
الخميس 2021/06/24
الرصد والاستكشاف ليسا مهمة العلماء فقط

يساعد عدد من هواة البحث عن النيازك في الصحراء المغربية على تقريب هذه الأحجار السماوية من الباحثين والطلبة، إذ يعمل الدارسون جنبا إلى جنب مع صائدي النيازك على حفظ هذا الموروث العلمي والجيولوجي.

أكادير (المغرب) – يحمل علي المغاري جهازا للرصد والاستكشاف وعدسة مكبرة، ويقضي الشهور متجولا بين الكثبان الرملية في الصحاري القريبة من قرية تامري في أكادير (جنوب المغرب) بحثا عن النيازك.

ويقتنص المغاري الفرصة بمجرد أن يلتقط الإشارة ويتأكد من وجود صيد ثمين، ويعد بطاقة بالتفاصيل الفنية للنيزك، ويصوره ويسجل إحداثيات المكان على النظام العالمي لتحديد المواقع (جي.بي.إس).

ويتوجه بعد ذلك إلى المتحف الجامعي للنيازك في جامعة ابن زهر كي يجري المتخصصون في علوم الجيولوجيا المزيد من الاختبارات على الجسيم الفضائي.

ويجوب صيادون من نوع خاص شعاب الصحراء المغربية آملين في العثور على قطع من الأحجار النيزكية المتساقطة من السماء، والتي تثير اهتمام العلماء وشغف الرحّل.

وأوضح المغاري “نقوم بمسح الصحراء ونقضي بكل منطقة منها نحو الشهر، لكن النتيجة لا تكون دائما إيجابية فأحيانا لا نعثر على النيازك، وفي حال وجدناها نلتقط لها صورا ونعمد من فورنا إلى تحديد مكانها عبر النظام العالمي لتحديد المواقع”.

وأضاف “نقصد بعد ذلك مختبر الدكتور عبدالرحمن إبهي في المتحف الجامعي للنيازك، لتحليل العينات، ورغم نقص المعدات بالمكان، فإنه يستقبل إلى جانب النيازك التي يعثر عليها في المغرب عينات من بلدان مختلفة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط”.

وبحسب وكالة المغرب العربي للأنباء (ماب)، أكدت حسناء الشناوي أستاذة بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، خلال مداخلة حول “نيازك الصحراء المغربية: تراث مميز في العالم في خدمة التنمية الجهوية”، على أهمية النيازك التي هي عبارة عن أحجار سماوية وعينات من مجموعة من الكواكب أو الكويكبات.

وأفادت الشناوي أن المغرب يتوفر على أزيد من ثلاثة عشر ألف عينة من النيازك المعترف بها عالميا، معظمها تم العثور عليه في الصحراء المغربية، مما منح إشعاعا عالميا إيجابيا للمملكة.

Thumbnail

أما عبدالرحمن إبهي الأستاذ في قسم الجيولوجيا بجامعة ابن زهر فيعتبر أن أكثر من 50 في المئة من النيازك في المتاحف والمختبرات العالمية مصدرها المغرب. ولهذا السبب أنشأت الجامعة متحفا للنيازك مهمته توسيع آفاق البحث العلمي وتقديم الدعم لصائدي النيازك.

وتكمن أهمية هذه الأحجار المتساقطة من السماء للعلماء في ما تختزنه من أسرار حول تشكل النظام الشمسي قبل أربعة مليارات و500 مليون سنة، وظروف نشأة الأرض ومكوّناتها الجيولوجية.

وأشار إبهي إلى أن “هناك نيازك منحتنا معلومات علمية مهمة للغاية، وعلى هذا الأساس تم تأسيس المتحف سنة 2016، ويضطلع بثلاثة أدوار تتمثل في البحث العلمي وتطوير البحث إما في علم الفلك عامة أو علم النيازك خاصة، ومساعدة صائدي النيازك، لأن هذا يعتبر موروثا جيولوجيا مهما”.

ولا يكتفي المتحف الجامعي الذي تم تأسيسه للحفاظ على هذا الموروث العلمي والجيولوجي من النيازك وتقريبه من الباحثين والطلبة، بجمع النيازك وتقييمها علميا بل ويقوم بعرضها على الزائرين، على أمل وقف تهريبها خارج المملكة.

ولفت إبهي إلى أن “المتحف الجامعي للنيازك في أكادير هو أول متحف من نوعه في العالم العربي وأفريقيا”. وتابع “منذ حوالي سبعة عشر عاما ونحن نعمل جنبا إلى جنب مع صائدي النيازك خصوصا في الصحراء، ونعمل على ذلك تحت شعار أن هناك موروثا ويجب الحفاظ عليه”.

وتعد مناطق أرفود وطاطا وزاكورة بالجنوب المغربي قبلة للمئات من هواة هذه المغامرة وبعض المتخصصين الأجانب، ويعود هذا الإقبال إلى خصوصيات طبيعية تسهل العثور على الأحجار النيزكية.

وشهدت السنوات الأخيرة سقوط نيازك كثيرة من الفضاء في الصحاري المغربية، في ظاهرة حظيت باهتمام باحثين في جامعات ومتاحف، كما كانت محط تقارير إعلامية مغربية وعالمية. ومن أشهرها نيزك تيسنت الذي سقط في صيف عام 2011 بإقليم طاطا (جنوب شرق)، وينتمي إلى كوكب المريخ.

24