انتكاسة ماكرون ولوبان في الانتخابات المحلية الفرنسية تحذير لرئاسيات 2022

حزب الجمهوريين والحزب الاشتراكي يستفيدان من ظاهرة الأرجحية الممنوحة للمسؤولين المنتهية ولاياتهم للفوز بالانتخابات.
الاثنين 2021/06/21
اختبار صعب لماكرون في الرئاسية

باريس - يطرح الأداء الضعيف لحزبي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في الانتخابات المحلية الأحد، تساؤلات حول سيناريو المواجهة المرجحة بينهما في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية عام 2022، غير أن نسبة المقاطعة التاريخية تجعل أي استخلاصات موضع تشكيك.

ويعتبر المراقبون منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2017 حين وصل ماكرون إلى السلطة، بعد استقطاب أصوات من اليمين واليسار إلى الوسط ملحقا هزيمة ساحقة بمارين لوبان في الدورة الثانية، أن هذا السيناريو قد يتكرر عام 2022، وهو ما رجحته أيضا استطلاعات الرأي، فيما بدت الأحزاب التاريخية غارقة في تناقضاتها والصراعات الشخصية بين قادتها.

ورسمت الدورة الأولى من انتخابات المناطق والمقاطعات الأحد، مشهدا مختلفا، بعد تصدر حزب "الجمهوريون" (اليمين الجمهوري) النتائج، فيما لم يحقق "التجمع الوطني" اليميني المتطرف النتائج المتوقعة له إلا في إقليم "بروفونس ألب كوت دازور". أما حزب ماكرون "الجمهورية إلى الأمام"، فلم يحقق نتائج جيدة قبل أقل من سنة على الانتخابات الرئاسية.

وكتبت صحيفة "لو فيغارو" اليمينية "عودة الشرخ بين اليمين واليسار بقوة"، غداة عملية الاقتراع التي تميّزت بنتائج لافتة لليمين واليسار التقليديين (حزب "الجمهوريون" والحزب الاشتراكي على التوالي)، اللذين استفادا إلى أقصى حد من ظاهرة الأرجحية الممنوحة للمسؤولين المنتهية ولاياتهم.

وأوضح الخبير السياسي برونو كوتريس أنه "كما في الانتخابات البلدية (عام 2020)، أثبت العالم القديم أنه لا يزال حاضرا"، ويأمل الجميع من اليسار واليمين على السواء أن يكون هذا الأداء مؤشرا إلى انتخابات 2020.

وأعرب مرشح حزب "الجمهوريون" في منطقة أو دو فرانس (شمال) كزافييه برتران، المرشح منذ الآن للانتخابات الرئاسية المقبلة، عن ارتياحه لتسديد "لكمة" لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف.

وصرّح رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور مساء الأحد، "لأول مرة منذ أربع سنوات شرحوا لنا خلالها أننا مقبلون حتما على مبارزة في الدورة الثانية بين ماكرون ولوبان (...) أثبتت النتيجة عكس ذلك تماما".

وحذر وزير الداخلية جيرالد دارمانين الاثنين متحدثا لشبكة "فرانس 2" من أنه "علينا عدم التسرّع في استخلاص عبر للانتخابات الرئاسية"، مضيفا "مع نسبة امتناع عن التصويت بلغت 70 في المئة، كل شيء يمكن أن يحصل في الدورة الثانية" الأحد المقبل.

والواقع أن الأمر الثابت الأهم الذي عكسته هذه الدورة الأولى من الانتخابات المحلية هو عدم اكتراث حوالي 48 مليون ناخب للاقتراع، وهو ما أكدته نسبة مقاطعة تاريخية قاربت 70 في المئة.

وقال دارمانين الاثنين "لا أريد إبداء شكل من الجدل السابق لأوانه وفي غير محله تماما، وسط أزمة ديمقراطية نعيشها".

ورأى ستيفان زومستيغ، خبير الانتخابات في معهد إيبسوس، أنه في ظل هذا المستوى من المقاطعة "ليس واضحا" أن النتيجة "مطابقة لواقع البلاد"، مشيرا إلى أن "القسم الأكثر تمسكا بالشرعية من الناخبين الفرنسيين، وهو في غالب الأحيان أكثر تقدما في السن" هو الذي توجه إلى مراكز الاقتراع.

وأوردت صحيفة "لا كروا" الكاثوليكية في افتتاحية بعنوان "شعب من المقاطعين"، أن "البعض يتحدث عن دورة استعدادية قبل عشرة أشهر من الانتخابات الرئاسية. نستيقظ بالأحرى على انطباع بأن محرك ديمقراطيتنا يدور على فراغ".

وأوضح المحلل السياسي بريس تانتورييه لإذاعة فرانس إنتر "إنها انتخابات مطبوعة بالخروج من الوباء، وبقلة اكتراث للرهانات الخاصة بها والتي يجد الفرنسيون صعوبة في تمييزها، وبأن الموعد الحقيقي بنظرهم لم يكن الأحد، بل هو الانتخابات الرئاسية بعد 11 شهرا".

ولا يحجب ذلك النكسة التي لحقت بحزب ماكرون "الجمهورية إلى الأمام"، وحزب "التجمع الوطني" بزعامة لوبان، وكلاهما لا يملك معقلا انتخابيا.

وكان "الجمهورية إلى الأمام"، الحزب الفتي الذي أنشئ حول شخص ماكرون للسماح له بالوصول إلى الرئاسة عام 2017، يسعى لتحقيق 15 في المئة من الأصوات، لكنه لم يتخط 10 إلى 11 في المئة وفشل وزراؤه المرشحون بصورة إجمالية.

وأقر رئيس الحزب ستانيسلاس غيريني عبر إذاعة "آر.تي.أل" "بالطبع أصبنا بخيبة أمل".

ورأت كريستيل لاجييه، الأستاذة المحاضرة في العلوم السياسية في جامعة أفينيون، "رغم النتائج هذا لا يعني أن ماكرون لن يخرج فائزا عام 2022، يجب التمييز بين انتخابات مرحلية وانتخابات وطنية بمرشحين يجب الفصل بينهما".

وعلق نائب رئيسة "التجمع الوطني" جوردان بارديلا صباح الاثنين عبر شبكة "بي.أف.أم.تي.في" أن "ناخبينا لم يتوجهوا" إلى صناديق الاقتراع، متهما القادة الذين تعاقبوا على السلطة بأنهم "جعلوا الناس ينفرون من السياسة".

وبعدما كانت استطلاعات الرأي تتوقع تقدم "التجمع الوطني" في عدد من المناطق، تراجع بتسع نقاط عن العام 2015.

واعتبر أنتوان بريستييل، من معهد جان جوريس، "سيكون من الخطأ أن نعتبر أن هذه الهزيمة حكما لمارين لوبان وأن الأمر سينعكس على حملتها للعام 2022. لا أعتقد أنه ينبغي الربط بين العمليتين الانتخابيتين. لكل منهما دينامية مختلفة تماما".