عزوف الفرنسيين عن التصويت في انتخابات مجالس المناطق الـ15 يصب في صالح اليمين

ترجيحات بفوز حزب التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان بحوالي ربع الأصوات.
الأحد 2021/06/20
حزب ماكرون "الفتي" غير قادر على المنافسة

باريس – بدأ الفرنسيون الأحد التصويت لاختيار أعضاء مجالس مناطقهم، في دورة أولى تشهد نسبة امتناع كبيرة تصبّ لصالح اليمين القومي الذي يبدو في موقع قوي.

وترجح استطلاعات الرأي أن تصل نسبة الإقبال على التصويت 40 في المئة الأحد، في انتخابات تم تأجيلها من مارس الماضي، بسبب جائحة فايروس كورونا.

وتتنبأ باحتمال فوز حزب "التجمع الوطني" بقيادة مارين لوبان، بحوالي ربع الأصوات، واحتمال فوزه في منطقة واحدة أو عدة مناطق لأول مرة في جولة الإعادة، المقرر أن تجرى في 27 يونيو الجاري.

وخلال الانتخابات الأخيرة التي جرت في ديسمبر 2015، كان أداء حزب اليمين المتطرف جيدا وتقدم في الجولة الأولى، لكنه فشل في نهاية الأمر في الفوز بأي من المناطق.

وتشير استطلاعات الرأي الحالية إلى تقدم حزب التجمع الوطني في خمس من مناطق البر الرئيسي الـ13.

وذكرت وكالة "بلومبرغ" للأنباء الأحد أن حزب اليمين المتطرف، بقيادة مارين لوبان، يبدو أنه سيفوز بالسيطرة على منطقة فرنسية واحدة على الأقل، للمرة الأولى على الإطلاق.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة الثامنة (06:00 ت.غ) لهذه الانتخابات التي تأخرت ثلاثة أشهر بسبب الأزمة الصحية، وتجرى على أساس نسبي في دورتين، الأولى الأحد والثانية في 27 يونيو الجاري.

ودعي نحو 48 مليون فرنسي إلى مراكز الاقتراع لانتخاب أعضاء مجالس المناطق الفرنسية الـ15، وبينها اثنتان من أراضي ما وراء البحار، لولاية مدتها ست سنوات.

ويفترض أن يكون هؤلاء مؤهلين في القضايا التي تمس المواطنين بشكل مباشر، مثل النقل العام والكليات الجامعية والمدارس الثانوية أو إدارة الأراضي.

ومع ذلك، لا يجذب الاقتراع عادة حشودا من الناخبين. وقد امتنع نحو 51 في المئة عن التصويت في الدورة الأولى من انتخابات 2015، بينما قد تبلغ هذه النسبة 60 في المئة أو أكثر هذا العام، حسب توقعات مختلف مؤسسات استطلاعات الرأي.

وتأتي هذه الانتخابات قبل أقل من عام على الانتخابات الرئاسية، وستكون مؤشرا على التغيرات السياسية التي قد تطول فرنسا في الاستحقاق الرئاسي الذي سيجرى في الربيع المقبل.

وهذا العام بدأ الاقتراع إلى جانب انتخابات المقاطعات في نهاية حملة استثنائية جدا، فالإجراءات الصحية منعت التجمعات والتنقل بين المنازل، وتجول المرشحون في الأسواق لتوزيع منشورات، لكن بكمامات تغطي وجوههم.

وشهدت لقاءات مع الناخبين بعض الحوادث في بلد تفاقم فيه التوتر الاجتماعي بسبب أشهر الأزمة الصحية، فقد ألقي طحين على ثلاث شخصيات سياسية على الأقل، بينما تعرض رئيس الدولة نفسه لصفعة.

وقال يحيى ديكايو، التاجر في سوق سان دوني البلدة المتاخمة لباريس، "قد يكون لها (الانتخابات) تأثير على الاقتراع الرئاسي المقبل".

وبينما يبدو أن التجمع الوطني (يمين متطرف) الذي تقوده مارين لوبان المرشحة التي خاضت الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 2017، يحقق تقدما لاسيما أن امتناع الناخبين عن التصويت يصب في مصلحة المتطرفة، لا تشير التقارير الأولية إلى أن حزب الرئيس إيمانويل ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" الفتي ومن دون أي قاعدة حقيقية في المناطق، في وضع قوي.

وقال بونوا مانويل، الناخب في سان دوني، "ليس مضمون الانتخابات هو الذي سيعطي مؤشرا بل نسبة الامتناع عن التصويت. عدد الأشخاص الذين لن يحضروا للتصويت لأنهم لم يعودوا يؤمنون" بالتصويت.

وأكدت ماري كلير دياز، وهي ناخبة من سان دوني أيضا، أن "ما أخاف منه هو امتناع قياسي عن التصويت".

وحتى ظهر الأحد (10:00 ت.غ) لم تتجاوز نسبة المشاركة 12.2 في المئة، وهي أقل من تلك التي سجلت في 2015.

ورأى الخبير السياسي في جامعة السوربون بيار لوفيبور أنه "بقدر ما يزداد الامتناع عن التصويت، بنسب الأصوات التي تم التعبير عنها، تحقق العروض المتطرفة في الطيف السياسي مكاسب".

وأضاف أن هذا الأمر ينطبق "خصوصا على الجبهة الوطنية بناخبيها المتحمسين جدا والمدفوعين بمواد انتخابية تركز على صورة مارين لوبان، قبل عام واحد من الانتخابات الرئاسية".

ويقف حزب رئاسي فتي جدا، ليس لديه مرشحون منتهية ولايتهم، ويسار متفجر، من دون قيادة منذ 2017، ويمين منقسم حول الموقف الذي يجب تبنيه حيال حزب التجمع الوطني.

وفي هذه الظروف، يسعى التجمع الوطني فعليا إلى كسر الجبهة الجمهورية التي قطعت الطريق عليه في 2015، وللمرة الأولى، يمكن أن يقود مناطق عدة بفضل النظام النسبي الذي يمنح مكافأة تبلغ 25 في المئة من المقاعد إلى القائمة التي تحصل على أكبر عدد من الأصوات.

ويرجح فوز التجمع الوطني في الدورة الأولى في ست مناطق، ولاسيما في بروفانس - ألب كوت دازور، حيث كان اليمين المتطرف لاعبا مهما لأكثر من ثلاثين عاما.

ويرى برنار سانانيس، رئيس معهد إيلابي، أنه "ليس المهم التقدم على صعيد عدد الأصوات، بل زيادة فرص فوز التجمع الوطني" بالمقارنة مع انتخابات 2015.

ولم يعد الحزب يلقى النفور الذي كان يواجهه من قبل في مشهد سياسي تهزه في الأشهر الأخيرة قضايا كبرى من العلمانية إلى الهجرة وغيرها، فـ51 في المئة من الفرنسيين باتوا يرون أن فوز حزب التجمع الوطني في المناطق لن يشكل "خطرا على الديمقراطية".

وحذر أنطوان بريستيل، مدير مرصد الرأي في مؤسسة جان جوريس، من أن هذا الوضع يثير قلق الرئيس إيمانويل ماكرون حتى إذا لم يكن مرشحا رسميا لانتخابات 2022، وتليه من الآن منافسته في 2017 مباشرة، وحتى إذا كان عليه أن "يستخلص بدقة الدروس الوطنية والرئاسية الإقليمية" للاقتراع.

وفي 2015 تقاسم اليمين واليسار المناطق، لكنهما أخفقا في التأهل للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية بعد 15 شهرا.