قمة بوتين - بايدن.. إذابة لجليد العلاقات دون تقديم تنازلات

الرئيسان الأميركي والروسي يتفقان على استئناف محادثات الحد من التسلح وعودة سفراء البلدين بعد سحبهما إثر توترات دبلوماسية.
الأربعاء 2021/06/16
قمة براغماتية

جنيف - اتفق الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في أول قمة براغماتية بينهما، على استئناف محادثات الحد من التسلح وعودة سفيري البلدين إلى واشنطن وموسكو، بعد سحبهما إثر توترات دبلوماسية بين البلدين.

وقال بوتين إن الاجتماع كان بناء وخلا من المشاعر العدائية وأثبت رغبة الزعيمين في فهم بعضهما البعض.

وأضاف أن روسيا والولايات المتحدة تتشاطران المسؤولية عن الاستقرار النووي، وستجريان محادثات بشأن التغييرات المحتملة لمعاهدة ستارت الجديدة للحد من التسلح، التي جرى تمديدها في الآونة الأخيرة.

ولم يبد الرئيس الروسي رغبة تذكر في تقديم تنازلات بشأن عدد من القضايا، رافضا بواعث القلق التي أبدتها واشنطن بشأن اعتقال المعارض أليكسي نافالني وتنامي الوجود العسكري الروسي قرب الحدود الشرقية لأوكرانيا، وتلميح واشنطن إلى أن مجهولين روسا مسؤولون عن سلسلة من الهجمات الإلكترونية في الولايات المتحدة.

وقال بوتين إن نافالني تجاهل القانون وكان يعلم ماذا سيحدث إذا عاد إلى روسيا من ألمانيا، حيث تلقى العلاج من محاولة داخل روسيا لقتله بالسم. كما اتهم كييف بخرق شروط اتفاق وقف إطلاق النار مع المتمردين الموالين لموسكو في شرق أوكرانيا.

وفي معرض رده على سؤال بشأن قضية حقوق الإنسان، حوّل بوتين القضية إلى الولايات المتحدة، مشيرا إلى "سجون وكالة الاستخبارات الأميركية" خارج أميركا، مثل السجن العسكري الأميركي في خليج غوانتانامو بكوبا، باعتباره غير قانوني ودليلا على مشكلات حقوق الإنسان في الغرب.

وقال بوتين "تطرقنا إلى قضية حقوق الإنسان بأكملها"، مشيرا إلى أن هذا حدث بناء على مبادرة من بايدن، دون إشارة إلى أي نقاط اتفاق.

وأضاف أن واشنطن وموسكو ستبدآن مشاورات بشأن أمن الإنترنت، وقال إن معظم الهجمات الإلكترونية على روسيا جاءت من الولايات المتحدة.

وأكد بايدن أنه ونظيره الروسي سيحاولان تحديد مجالات التعاون والمصالح المشتركة. وقال "من الأفضل دائما أن نلتقي وجها لوجه".

وفرضت الحكومة الأميركية عقوبات جديدة على روسيا بسبب هجوم سيبراني، وبسبب التدخل في الانتخابات الأميركية.

وتنفي موسكو الاتهامات الأميركية وتصف التدابير العقابية بأنها انتهاك للقانون الدولي، وقد ردت الحكومة الروسية بفرض عقوبات مضادة، وطردت دبلوماسيين أميركيين.

وتدهورت العلاقات بين البلدين على مدى سنوات، خاصة بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا وتدخلها في سوريا في 2015 واتهامات الولايات المتحدة لها، والتي تنفيها موسكو، بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016 التي أدخلت دونالد ترامب البيت الأبيض.

صورة

وتدهورت العلاقات بدرجة أكبر في مارس عندما قال بايدن إنه يعتقد أن بوتين "قاتل"، مما دفع روسيا إلى استدعاء سفيرها لدى واشنطن للتشاور، واستدعت الولايات المتحدة سفيرها في أبريل.

وأكد دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أن القضايا المطروحة على جدول أعمال القمة الموسع تمثل "إشكالية"، مضيفا "لدينا العديد من الأسئلة التي تم إهمالها منذ فترة طويلة والتي يجب الإجابة عليها. ولهذا السبب يأتي الرئيس بوتين لطرح هذه الأسئلة بصراحة وبطريقة بناءة، في محاولة لإيجاد حلول".

وشدد على أن لقاء الرئيسين، واتفاقهما على طرح الأسئلة والقضايا بين البلدين، "يعد إنجازا فعليا، ويمثل نتيجة إيجابية للقمة".

وأوضح بيسكوف أن القضايا الثنائية التي تريد روسيا مناقشتها مع الجانب الأميركي تشمل "الاستقرار الاستراتيجي، وسبل السيطرة على التسلح، والتعاون في النزاعات الإقليمية، والتعاون في جائحة كورونا وتغير المناخ".

وقال أندري كورتونوف، رئيس مجلس الشؤون الدولية الروسي، وهو مركز أبحاث أكاديمي ودبلوماسي مقره موسكو، تأسس بموجب مرسوم رئاسي، إن نتيجة القمة بين بوتين وبايدن تعتمد على كيفية مواجهة الرئيسين صعوبات الأسئلة الخلافية.

وأوضح أنه في حالة تمكن الرئيسان من التوصل إلى اتفاق على قضايا الحد من التسلح، والاستقرار الاستراتيجي، وبعض نقاط الصراع الإقليمي، "يمكن اعتبار القمة ناجحة".

وأضاف "قضية الحد من التسلح لديها أفضل فرصة مقارنة بغيرها من المسائل، بما في ذلك نشر الأسلحة النووية في أوروبا، والأمن السيبراني، وعسكرة الفضاء الخارجي".

وأشار إلى حقيقة أنّ الوقت لم يكن كافيا للإعداد للقمة، قائلا "الواضح أنه لن يتم التوصل إلى اتفاقيات رسمية في القمة، فلم يكن هناك وقت للإعداد المناسب، لكنها فرصة لإعطاء الضوء الأخضر لبدء المشاورات والمفاوضات بين الدبلوماسيين والخبراء والعسكريين والمسؤولين. وإذا بدأ هذا العمل فسيكون بالفعل إنجازا".

ورأى كورتونوف أن بإمكان بوتين وبايدن التنازل لاسيما في بعض القضايا الإقليمية، على وجه الخصوص، مثل الممرات الإنسانية في سوريا من أجل التوصل إلى حلول.

وأشار إلى أن مواقف موسكو وواشنطن "متشابهة" في ما يتعلق بكوريا الشمالية، ويتعاونان بشكل جيد في القطب الشمالي، بينما هناك بعض الخلافات بشأن أفغانستان.

وقد تكون القضايا المطروحة مزعجة، لكن المكان سيكون هادئا خلال اجتماع الرئيسين في فيلا "لا غرانج"، وهي قصر فخم مقام على أرض مساحتها نحو 75 فدانا تطل على بحيرة جنيف.

وفرضت إجراءات عزل عام صارمة على موقع انعقاد القمة الأربعاء بحضور أمني كثيف. وعقب اجتماعهما الثنائي سيواصل بايدن وبوتين مشاوراتهما مع الوفدين الأميركي والروسي، ومن بينهما وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الروسي سيرجي لافروف بالإضافة إلى المترجمين.

وكان الحد من التسلح من بين المجالات التي يسهل إحراز تقدم فيها تاريخيا، على الرغم من الخلافات الأوسع نطاقا.

وفي فبراير الماضي مددت روسيا والولايات المتحدة لمدة خمسة أعوام أجل معاهدة نيو ستارت التي تحد من عدد الرؤوس النووية والصواريخ والقاذفات الاستراتيجية، التي تنشرها روسيا والولايات المتحدة.