جلسة للنواب الليبي حول المناصب السيادية رغم مراوغة المشري

طبرق (ليبيا) - دعا رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح الأربعاء كافة الأعضاء إلى الحضور في الجلسة الرسمية التي سيعقدها بمقره في مدينة طبرق الاثنين المقبل، لمناقشة ملف المناصب السيادية والتداول في مشروع موازنة الدولة لعام 2021، الذي طرحته حكومة الوحدة الوطنية.
وجاءت الدعوة مع ظهور بوادر انفراج حول ملف المناصب السيادية الذي شهد خلافات حادة بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، حول طرق وآليات ومعايير اختيار شاغلي تلك المناصب، وذلك بعد وساطة مغربية انتهت بإعلان المجلس الأعلى للدولة برئاسة القيادي الإخواني خالد المشري، عن فتح باب تلقي طلبات وملفات المرشحين للمناصب السيادية.
ورغم التزام مجلس النواب الليبي باتفاق بوزنيقة المغربية حول توزيع وتقسيم المناصب السيادية على الأقاليم الليبية الثلاثة وطرق اختيار شاغليها، إلا أن مجلس الدولة راوغ ولم يقر ما قدم إليه حتى الآن.
وينص اتفاق بوزنيقة على أن يتلقى مجلس النواب ملفات المرشحين ويختار 7 من بينهم، ليحيلهم إلى مجلس الدولة ليزكي 3 يتم انتخاب أحدهم لكل منصب.
ونقلت وسائل إعلام ليبية عن مصدر، خيّر عدم الكشف عن هويته، قوله "إن إعلان مجلس الدولة الأربعاء بخصوص قبول ملفات تعيين بعض شاغلي المناصب السيادية غير الملحة والمؤجلة، هو مراوغة من المشري".
وأوضح المصدر أن المشري وضع بعض الشروط في الإعلان الذي نشره الأربعاء، بهدف بعث رسالة مفادها أنه يتمسك بنفس الشروط التي يجب أن تطبق لاختيار المناصب السيادية العليا، وأنه لن يتنازل عنها.
وأكد أن المشري يعترض على بعض الشخصيات المرشحة من مجلس النواب ممن هم في المنافسة، ولذلك يضع شروطا ضد هؤلاء الأشخاص مثل المنتمين إلى النظام السابق، من خلال شرط أن لا يكون المرشح أساء لثورة 17 فبراير، وأن يكون قضى 10 سنوات خبرة في القطاع، وهو بذلك يخرج الأكاديميين واستبعاد من تولى مهمة سيادية سابقة ليخرج مرشحين أقوياء لديهم علاقات واسعة.
ومن المتوقع أن تشهد الجلسة التي ستخصص لتعيين شخصيات جديدة على رأس المؤسسات الاستراتيجية في البلاد، تنافسا كبيرا، حيث اشتعل السباق على هذه الوظائف منذ أسابيع، لكن الصراع الأكبر سيكون حول مناصب محافظ المصرف المركزي ورئيس ديوان المحاسبة ورئيس المفوضية العليا لهيئة الانتخابات، حيث سيسعى كل طرف إلى تسمية حلفائه في هذه الوظائف.
والمناصب السيادية، التي يجري التفاوض بشأنها بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، هي محافظ البنك المركزي، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس جهاز الرقابة الإدارية، ورئيس المفوضية العليا للانتخابات، ورئيس هيئة مكافحة الفساد والنائب العام، ورئيس المحكمة العليا، والتي تم التوافق على توزيعها محاصصة بين أقاليم ليبيا الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان)، حسم منها منصبا النائب العام الذي سيتولاه الصديق الصور، والمحكمة العليا التي سيترأسها عبدالله أبورزيزة.
ويواجه ملف المناصب السيادية في ليبيا أزمة "شائكة"، ففيما يصر مجلس النواب على التمسك بمخرجات اتفاق بوزنيقة، وتوزيع المناصب السيادية وفق المعيار الجغرافي على أقاليم البلاد الثلاثة التاريخية، برقة وطرابلس وفزان، يسعى "الأعلى للدولة" لحسم أهم تلك المناصب لصالحه، دون مراعاة الاتفاق المشار إليه سلفا.
ويرتبط مصير مشروع موازنة الدولة لعام 2021 بالوصول إلى توافقات حول ملف المناصب السيادية، بعدما لوّح برلمانيون بعدم اعتماد الموازنة قبل حسم التعيينات في المناصب السيادية، معتبرين أنه "من غير المنطقي اعتماد الموازنة دون أدوات رقابية، مما يعرض موارد الدولة للفساد وإهدار المال العام".
وفشلت حكومة الوحدة الوطنية الليبية في انتزاع مصادقة البرلمان على مشروع الموازنة التي اقترحتها، والتي تعول عليها للبدء بتنفيذ المشاريع التي وعدت بحلّها وتعهدت بتنفيذها وتتصل أساسا بمعيشة المواطن، كأزمة الكهرباء والصحة والمواد الغذائية ومشاكل البنية التحتية، إلى جانب التحضير للانتخابات المزمع تنظيمها في 24 ديسمبر المقبل.
وكان رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة اقترح ميزانية تقدر بـ96.2 مليار دينار (21.5 مليار دولار)، قبل أن يعترض مجلس النواب على اعتمادها ويعيدها إلى الحكومة في 19 أبريل الماضي، لافتقارها إلى الشفافية وحجمها الضخم وعدم مراعاتها الوضع المالي والاقتصادي للدولة.
وعدّلت الحكومة موازنتها، حيث قامت بتخفيض حجمها إلى 93.8 مليار دينار ليبي بعد أن كانت تقدر بنحو 97 مليار دينار، بعد الضغط على بعض النفقات.
وأرجأ مجلس النواب الليبي مناقشة مشروع قانون موازنة البلاد لعام 2021 المثير للجدل، مع اعتماده بندا واحدا من الموازنة وهو البند الأول الخاص بالمرتبات بقيمة 14 مليار دينار ليبي، مع اعتماد القوانين الخاصة بزيادة رواتب العاملين بالتعليم والتعليم العالي والشرطة.