تونس على صفيح ساخن.. سعيّد يتجه لرفض ختم قانون تعديل المحكمة الدستورية

تونس - ردت "الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين" في تونس، مشروع تعديل قانون المحكمة الدستورية إلى الرئيس قيس سعيّد، لعدم توافر "الأغلبية المطلوبة" لاتخاذ قرار بشأنه.
وأجرت الهيئة تصويتا بشأن إن كان مشروع تعديل القانون يتفق مع الدستور أم لا، لكن القرار لم يحصل على أغلبية 4 من أعضائها الستة.
وقال كاتب عام الهيئة حيدر بن عمر "الأغلبية المطلوبة لم تكن متوافرة للفصل في مشروع تعديل القانون، إذ يلزم الحصول على أغلبية أعضاء الهيئة البالغ عددهم 6، ما استدعى الرد إلى الرئيس قيس سعيّد وفقا لقانون الهيئة".
ويستبعد مراقبون أن يوقع سعيّد على القانون، وهو ما يزيد من حدة الأزمة السياسية في البلاد. وتثير إمكانية عدم قبول سعيّد لمشروع تعديل قانون المحكمة الدستورية مخاوف من إمكانية انزلاق الأزمة السياسية في تونس إلى مربعات أخرى، خاصة في ظل عملية استهدافه المفتوحة من قبل الغالبية التي تقود الحزام البرلماني الداعم لرئيس الحكومة هشام المشيشي.
وتخوض حركة النهضة صراعا مع الرئيس سعيّد بسبب دعمها لحكومة المشيشي ضد تحفظات الرئيس، ما جعلها تلجأ إلى مناورات في محاولة لفتح جبهات أخرى معه.
وتسبب غياب المحكمة في عدة مآزق قانونية ودستورية سابقة، بينها التعديل الحكومي المعطل منذ يناير الماضي، والخلاف حول قيادة الرئيس للقوات المسلحة والأمنية والعسكرية.
وباتت المحكمة الدستورية عنوان معركة فصولها محتدمة بين سعيّد وراشد العنوشي رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة الإسلامية، التي تسعى جاهدة لوضع يدها عليها بعد جملة من التعديلات التي ترمي إلى تركيز محكمة دستورية على مقاسها.
ووجه القيادي في حركة النهضة ووزير الصحة السابق عبداللطيف المكي رسالة إلى الرئيس دعاه فيها إلى إحداث ما اعتبره منعطفا.
وقال المكي متوجها بكلامه لسعيّد "لا أعتقد أنه يرضيك أو ترتاح لما آلت إليه الأمور في بلادنا وأنتم المسؤول الأول على تجميع كلمة التونسيين حول المشتركات الوطنية، حتى وإن اختلفوا فمسؤوليتكم الأولى هي المحافظة على حبل التواصل والحيلولة دون الانزلاق إلى القطيعة وخطابها ومناخاتها".
وطالب المكي رئيس الدولة بأن يكون القرار بشأن المحكمة الدستورية منعطفا إيجابيا يتم عليه بناء برنامج للخروج من الأزمة.
وقال القيادي بحركة النهضة الحبيب خضر، إن الرئيس أصبح الآن مطالبا بختم مشروع قانون تعديل المحكمة الدستورية.
وأضاف في تدوينة على فيسبوك ''الخلاصة أنه في كل الحالات ومهما كانت القراءة التي يعتمدها رئيس الجمهورية فإنه مطالب الآن بالختم والإذن والنشر، وكل خيار بخلاف ذلك هو تكريس للا قانون ولمواصلة خرق الدستور الذي أقسم على احترامه".
ولاحظ المقرر العام للدستور أن ''كل حديث عن اعتبار عدم اعتماد صوت الرئيس كصوت مرجّح خطأ، حديث لا أساس له في القانون والدستور''.
وكانت الهيئة تلقت في 8 ماي الجاري عريضة في الطعن في دستورية مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 50 المتعلق بالمحكمة الدستورية، من قبل أكثر من 30 نائبا، أغلبهم من الكتلة الديمقراطية ومن غير المنتمين.
وينصّ قانون الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين على أنّ الهيئة تنظر في دستورية مشاريع القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو من رئيس الحكومة أو من ثلاثين نائبا على الأقل، يرفع إليها في أجل أقصاه سبعة أيام من تاريخ مصادقة المجلس على مشروع القانون المطعون فيه أو المطعون في أحد أحكامه، وأنّ الطعون ترفع بعريضة كتابية تودع لدى كتابة الهيئة.
وفي 3 أبريل رفض سعيّد التصديق على تعديل القانون، ورده إلى البرلمان من أجل قراءة ثانية.
وبرر سعيّد رده للقانون بانتهاء آجال انتخاب أعضاء المحكمة، حيث تنص الفقرة الخامسة من الفصل 148 بالدستور على اختيارهم في أجل أقصاه سنة بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر 2019.
ومجددا، أقر البرلمان المشروع في 4 مايو الماضي بالتعديلات نفسها، وهي تجيز للمجلس الأعلى للقضاء ورئاسة الجمهورية اختيار 8 من أعضاء المحكمة دون انتظار استكمال البرلمان لانتخاب 3 أعضاء من أصل 4 ينتخبهم.
وتضم المحكمة 12 عضوا، 4 منهم ينتخبهم البرلمان، و4 يختارهم المجلس الأعلى للقضاء (مؤسسة دستورية مستقلة)، و4 يعيّنهم رئيس الجمهورية.
ووفق التعديلات، فإنه بإمكان البرلمان انتخاب بقية أعضاء المحكمة بأغلبية 131 نائبا، بدلا من 145 (كما كان سابقا).
ولجأ البرلمان إلى تعديل القانون بعد أن فشل 8 مرات في استكمال انتخاب أعضاء المحكمة، حيث انتخب عضوا واحدا فقط، في ظل عدم التوافق بين الكتل البرلمانية.
وليدخل القانون المعدل حيز التنفيذ، يحتاج إلى تصديق رئيس الجمهورية، وفي حال تعذر ذلك يتم العمل بالقانون قبل التعديل.
والمحكمة الدستورية هيئة قضائية تم إقرارها بموجب دستور 2014، وتراقب مشاريع تعديل الدستور، والمعاهدات ومشاريع القوانين، والقوانين، والنظام الداخلي للبرلمان، وتبت في استمرار حالات الطوارئ، والنزاعات المتعلقة باختصاصي الرئاسة والحكومة.