مأسسة الطائفية في العراق: تعيينات السفراء أنموذجاً

أصبحت طائفية الحكم في العراق ومأسسة المحاصصة محركًا قويًا للصراع السياسي الدائر في البلاد في أعقاب الغزو الأميركي سنة 2003، وفي رأي المتابعين إذا تركت دون معالجة يمكن أن تصل إلى نقطة اللاعودة، خاصة وأن المحاصصة تسربت إلى الوظائف الدبلوماسية وباتت تستخدم كمقياس لتعيين السفراء، ما من شأنه أن يفاقم المتاعب الحكومية ويكرس تبعا لذلك تراجع المكانة الدولية للبلد.
على الرغم من المحاولات المستمرة فإن العشرات من مناصب السفراء لا تزال شاغرة لأكثر من عقد من الزمن داخل وزارة الخارجية العراقية. وهناك العديد من الأسباب التي أدت إلى الفشل في ملء هذه المناصب الهامة، بدءًا من العوائق الإدارية والقانونية والسياسية مروراً بضعف نوعية المرشحين وعدم قدرة وزارة الخارجية على التحقق من ملاءمتهم لتمثيل بلدهم على المستوى الدولي. ومع ذلك فإن أكبر عائق أمام التقدم يتعلق بالخلافات بين القادة السياسيين وقادة مؤسسات الحكم بشأن محاصصة مناصب السفراء على أسس عرقية وطائفية.
لقد أصبحت السياسة والحكم في العراق طائفیين إلى حد كبير، وهو أمر ليس بالسر، وأصبحت المحاصصة الطائفية مؤسساتية بشكل متزايد. ومن الواضح أن هذه الممارسة أفادت أقلية على حساب الدولة وغالبية العراقيين، وأضرت بفاعلیة مؤسسات الدولة والأداء العالي المتوقع من القادة المحترفين، خاصةً وأن العديد من التحديات التي تواجه العراق متشابكة ومعقدة. لذلك أصبحت هذه الظاهرة بالفعل محركًا قويًا للصراع، وإذا تركت دون معالجة يمكن أن تصل إلى نقطة اللاعودة.
القانون
نصت المادة 61 (خامساً – ب) من دستور العراق لعام 2005 على أن مجلس النواب مختص بالموافقة على تعيين السفراء، بناءً على اقتراح من مجلس الوزراء. وتنص المادة (80 – خامساً) على أن يمارس مجلس الوزراء صلاحیات التوصية بمرشحي السفراء إلى مجلس النواب. وتخضع هذه المواد الدستورية لقانون الخدمة الخارجية رقم 45 لعام 2008، والذي ينص في المادة 9 على أن التعيينات تتم بمراسيم رئاسية بناءً على توصيات وزارة الخارجية عبر مجلس الوزراء ومصادقة مجلس النواب.
يُسمح باستثناءات خارج الآلية المنصوص عليها في القانون لتعيين السفراء الجدد بنسبة تصل إلى 25 في المئة من العدد الإجمالي بناءً على التوصيات، وهو ما يُعرف بـ”التعيين السياسي”. ويمكن أن تختلف نسبة المعينين السياسيين من الدبلوماسيين المحترفين حسب الحاجة، طالما أنها لا تتجاوز 25 في المئة. بغض النظر عن مسار التعيين يجب أن يكون جميع السفراء مواطنين عراقيين، وأكبر من 35 عامًا، وحاصلين على شهادات جامعية أولية، ولديهم خبرة مهنية ومعروفين بنزاهتهم وقدراتهم. ويجب عليهم أيضًا إثبات إجادة إحدى اللغات الدولية (القانون 45 لعام 2008).
التعيين على دفعات
المحاصصة الطائفية للمناصب الحكومية وفرص الاستثمار أصبحت مؤسساتية بعمق في العراق وتستخدم كأدة من قبل الأحزاب وقادتها لاكتساب السلطة والثروة
وفقًا لمسؤولين في وزارة الخارجية (والموازنات في السنوات الأخيرة)، فإن هناك 109 مناصب سفراء بما في ذلك 82 بعثة دولية و26 منصبا بدرجة سفير داخل الوزارة والتي تضم كذلك 22 رئيس دائرة/ مدير عام وأربعة وكلاء للوزير. ومنذ تغيير النظام في عام 2003 تم تنفيذ تعيينات السفراء على دفعات. الدفعة الأولى سبقت الدستور عندما عينت وزارة الخارجية 49 سفيراً في 20 يوليو 2004. كان هؤلاء وإلى حد كبير معينين سياسيين بخلفيات مختلفة حینما استوفت الأقلیة منهم المعايير الحالية للمنصب، وكان هناك تباين كبير في صفاتهم الشخصية وجودتهم في العمل.
وعُينت الدفعة الثانية المكونة من 57 سفيرا في الثالث من سبتمبر 2009 بعد المصادقة على القانون رقم 45 لسنة 2008، كما عُين أربعة سفراء آخرين لاحقًا في 17 يناير 2010. مرة أخرى لم يكن من السهل التفريق بين الدبلوماسيين المحترفين والمعينين سياسيًا في هذه الدفعة، وتم إتباع الإجراءات القانونية الواجبة ولكن باعتبارها مجرد إجراء شكلي، بينما لعبت المحاصصة دورًا حاسمًا. وكان جميع المرشحين تقريبًا ينتمون إلى الأحزاب السياسية الرئيسية أو تم ترشيحهم من قِبلها، ولم تكن الأغلبية من وزارة الخارجية ولكنهم فرضوا على الوزارة من الساحة السياسية. ونتيجة لذلك واجهت وزارة الخارجية العديد من التحديات بما فیها عدم الفعالية والأزمات والفضائح من بعض السفراء ذوي الأداء الضعيف. وحتى الوزراء المتعاقبين في وزارة الخارجية اشتكوا علنًا من الأداء السيء للعديد من السفراء، الأمر الذي ألقوا باللوم فيه على عدم كفاءة عملية الاختيار والتعيين. وبالمقابل أثبت عدد قليل من السفراء الاستثنائيين قدرتهم على الأداء في ظل ظروف صعبة.
وبدأت عملية تعيين الدفعة الثالثة منذ ما يقرب من ست سنوات ولم يتم إنجازها حتى الآن. وفي عام 2017 قدم وزير الخارجية آنذاك إبراهيم الجعفري أسماء 28 مرشحًا إلى مجلس النواب للموافقة عليها، لكن تم رفض نصف هؤلاء بدون تردد وقبل التصويت الرسمي. واُنتقد الوزير في وقتها بأنه غير موضوعي للغاية في اختيار المرشحين على المستويين الشخصي والسياسي، كما أن بعض المرشحين ثبت تورطهم في الفساد. ومع ذلك ظلت قائمة المرشحين في مجلس النواب، وفي عام 2019 خلال ولاية الوزیر محمد علي الحكيم جُددت الدعوات لملء الشواغر. ومن المفارقات أنه منذ أوائل عام 2010 إلى يومنا هذا تم طرح مرشح واحد فقط هو محمد جعفر الصدر (ابن آية الله العظمى محمد باقر الصدر) للتصويت في أبريل 2019 وتم تعيينه في مايو 2019. كان تعيینە سياسيًا، وأُرسل إلى لندن كسفیر دون تدريب أو تأهيل داخلي كبير أو التحقق من إجادته للغة الإنجليزية.
وبدأت جولة جديدة من الطلبات في العام الجاري وشُكّلت لجنتان مخصصتان للتعيين. اللجنة الأولی شُكّلت من قبل رئيس الوزراء وتألفت من وزير الخارجية (الرئيس)، ورئيس ديوان مجلس الوزراء، ومدير عام الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، ونائب وزير الخارجية للعلاقات الثنائیة. بينما شُكّلت اللجنة الثانية من قبل وزير الخارجية للنظر في المرشحين الداخليين لوزارة الخارجية (أكثر من 200 مرشح) لمسار السلك المهني. وترأس هذه اللجنة الوزير نفسه وبعضوية وكلاء الوزارة الأربعة ومدير مكتب الوزير في الوزارة.
بشكل عام نظرت اللجنة الأولى في حدود 100 طلب مقدمةً من مرشحین مدعومین من الكتل السیاسیة البرلمانیة وجرى تصنيف المتقدمين بناءً على المعايير الشخصية، حيث شمل التصنيف مؤهلات المرشحين وخبراتهم وإنجازاتهم وصفاتهم القيادية ومظهرهم الشخصي، كما تضمن أيضًا التعليم العام للمتقدمين، والوعي السياسي للقضايا العالمية، والقدرة على تحليل والتعبير عن الرأي وإتقان اللغات الأجنبية. وبعد إجراءات مطولة قامت اللجنة المذكورة بإبعاد العديد من المرشحين الذين فشلوا في تلبية المتطلبات الأساسية أو إظهار الحد الأدنى من الكفاءات، وفي النهایة سیتم اختيار 35 مرشحًا من المدعومین سياسيا في القائمة النهائية.
الإفراط في الميزانية
تقع على عاتق وزارة الخارجية مسؤولية مراجعة احتياجاتها المستقبلية من السفراء وتبرير الموازنة التشغيلية السنوية التي تطلبها. وخلال ولاية رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وبعد تعيين الدفعة الثانية من السفراء في عام 2009، تضمن قانون الموازنة الاتحادية المصّدق عليه لعام 2010 ميزانية تشغيلية تصل إلى 110 مناصب سفراء. وارتفع هذا العدد إلى 115 في قانون موازنة 2019. أما قانون الموازنة الاتحادية لعام 2021 المقدم من مجلس الوزراء وحصلت موافقة مجلس النواب عليه فيخصص ميزانية لمناصب 131 سفيرا. وهذا يتجاوز الحاجة الحالية بـ16 سفيرا، ونعتقد أن أسباب الإفراط في الميزانية غير واضحة في ظل الصعوبات المالية الحالية. ومع ذلك فإنه يشير إما إلى سوء تخطيط الميزانية، أو التوزيع الطائفي، أو الفساد. ومهما كانت الأسباب فإن التكلفة على البلد مرتفعة للغاية. بالفعل، سيتطلب كل سفير جديد موظفين ومكاتب ومركبات جديدة بالإضافة إلى نفقات مكتب وسفر إضافية مع الأخذ في الاعتبار أنه ليس من الضروري أن يرأس كل سفارة سفير.
مخالفة القانون
إن القانون واضح بشأن نسبة المعينين السياسيين والتي لا تتجاوز 25 في المئة من مجموع تعيينات السفراء. ومع ذلك اتفقت الحكومة والقادة التشريعيون بشكل جماعي على تخصيص 65 في المئة من التعيينات الجديدة للمعينين السياسيين، حيث يُمنح كل 10 أعضاء في مجلس النواب (إجمالي 329) الحق في تسمية سفير واحد من مجموعتهم السياسية. فضلاً عن تقديم الرئاسات الثلاث 10 مرشحين إضافيين كحصة لهم. كما أن هذا لا يحجب حقيقة أن الغالبية العظمى من المرشحين الآخرين (المعينين غير السياسيين) مرتبطون ارتباطًا وثيقًا بالأحزاب السياسية نفسها، مما يعد انتهاكًا واضحًا للمعايير العالمية ومخالف للمادة 9 من قانون 45 لعام 2008. ومن المثير للاهتمام أن بعض المرشحين للمسار الدبلوماسي الوظيفي الذين لم تنطبق عليهم المعايير الأساسية لمنصب السفير وتم استبعادهم من قبل اللجنة أُعيد فرضهم على الوزارة وأُدرجوا في قائمة الفرز من قبل رعاتهم عبر مسار التعيين السياسي. بالإضافة إلى ذلك لوحظ أن غالبية المرشحين السياسيين لم تكن لديهم معرفة كافية باللغة الرئيسية الثانية.
هبوط المعايير
كشفت عملية اختيار السفراء أن معظم المرشحين بحاجة ماسة إلى مزيد من التعليم والتدريب الأساسي وبناء القدرات المهنية والقيادة، وأخفق العديد منهم في إظهار العمق المعقول من البصيرة في المهنة ومتطلباتها العالية أو اكتساب مهارات إدارية أو قيادية، فضلاً عن فشل العديد من المرشحين من جميع الفئات في إثبات إجادة أي لغة أجنبية قابلة للتطبيق.
ولضمان تكافؤ الفرص كانت النساء والأقليات العرقية والدينية ممثلة تمثيلاً ناقصًا بشكل لافت للنظر بين المرشحين المختارين، وكان هناك 10 من 80 مرشحا فقط برعاية سياسية قدمهم أعضاء مجلس النواب من النساء. أما بالنسبة إلى المكوّنات الإثنية والدينية فلم يتم النظر في اختيار سوى المسيحيين والتركمان في القائمة المختصرة، في حين لم يتم النظر بعين الاعتبار لترشيح الإيزيديين والشبك والصابئة المندائيين رسميًا في الوقت الحالي لشغل مناصب السفراء، وهذا التفاوت لا يعكس بأي حال من الأحوال نقص المرشحين الجيدين.
مأسسة الطائفية

من بين المرشحين الذين سیتم اختيارهم في القائمة المختصرة، والتي تعتزم وزارة الخارجية تقديمها في النهایة إلى مجلس النواب للموافقة عليها هناك:
أ – 35 دبلوماسيًا محترفًا تصادف أن معظمهم ينتمون إلى أحزاب سياسية، وهم 19 من الشيعة و9 من العرب السنة و6 من الكرد وواحد أو اثنان من الأقلية العرقية والدينية.
ب – 35 مرشحاً سياسيًا تم اقتراحهم من قبل مختلف الكتل البرلمانية، وهم 19 من الشيعة و9 من العرب السنة و6 من الكرد وواحد أو اثنان من الأقلية العرقية والدينية.
ج – 10 مرشحين سياسيين باقتراح من الرئاسات، رئيس الجمهوریة (2)، رئيس الوزراء (4) ورئيس مجلس النواب (2).
د – لا تتضمن القائمة أي مرشح مستقل.
واتهم بعض الأعضاء في مجلس النواب الأحزاب السياسية وقادة المؤسسات علانية بتحويل تعيين السفراء إلى فرصة أخرى لممارسة المحاصصة الطائفية والمحسوبية. وهي ليست من الظواهر الجديدة في لعبة سياسة القوة أو ینفرد العراق بها. ومع ذلك فإن المحاصصة الطائفية للمناصب الحكومية وفرص الاستثمار أصبحت مؤسساتية بعمق في العراق وتستخدم كأدوات من قبل الأحزاب السياسية وقادتها لاكتساب السلطة والثروة والاحتفاظ بها وزيادتها.
إن الطائفية لها مسار عمیق في تاریخ العراق على طول الانقسام العرقي والطائفي، حيث يرجع تاريخها إلى ما قبل تغيير النظام في عام 2003، لكن لم يتم إضفاء الشرعية عليها أو تضمينها رسميًا في الممارسات التنفيذية. وقد هيمنت جماعات المعارضة السياسية قبل عام 2003، والتي كان معظمها منظمًا على أسس عرقية ودينية، على السياسة بعد تغيير النظام وقادت عملیة تثبیت الدستور من الكتابة في 2005 إلى التنفيذ بعد ذلك.
ورغم أن دستور 2005 لم ينص صراحةً على توزيع السلطة على أسس طائفية، إلا أن الممارسات السائدة في العراق أدت إلى ديمقراطية طائفية، وتوزيع السلطة على الجماعات العرقية وفقًا لحجم السكان، مما أدى إلى سيطرة المجموعات التي تضم أكبر نسبة من السكان على الفروع التشريعية والتنفيذية والقضائية للحكم والتي تقودها بنهج طائفي علني. ومع مرور الوقت أصبحت الطائفية البوابة الرئيسة للنجاح والازدهار، وهي الآن البوابة الوحيدة للتوظيف الحكومي للنخبة والمهنيين العاديين على حدٍ سواء. ومن الواضح أن هذه التكاليف كانت باهظة لكل من الدولة وأغلبية المواطنين، مما يثير التساؤل بشأن فكرة الانتماء الوطني العراقي التي طالما نادى بها القادة.
وعلى عكس بقية العالم، أدت الطائفية شديدة الانقسام في العراق إلى صراع سياسي وثقافي معقد بين مجموعات متعددة، حیث أصبح تداركه صعباً إن لم يكن مستحيلاً. والأهم من ذلك أنه لا توجد جهود ملموسة داخل الحكومة أو مجلس النواب أو أصحاب القرار السياسي لمعالجتها على مستوى السياسة وصنع القرار، وبالتالي أصبح من الصعب للغاية على المحترفين غير المنتمين تأمين حياة أفضل أو تحقيق طموحاتهم خارج الحدود الطائفية.
التوصيات
أصبحت معالجة مشكلة المحاصصة الطائفیة في الوظائف الحكومية تحديًا هائلاً لأي مؤسسة أو قادتها للتعامل معها بمفردهم، وهذا يتطلب إرادة جماعية وجهدًا وتصميمًا، وإلّا في حال تركها دون معالجة، فمن المرجح أن تتفاقم مع مرور الوقت وتصبح غير قابلة للإلغاء. وعلى العكس من ذلك يوفر هذا التحدي فرصة فريدة وواضحة للغاية للقادة السياسيين وقادة مؤسسات الحكم لتحقيق تقدم ملحوظ في عملية بناء الدولة. ولحسن الحظ فإن المهمة ليست مستحيلة إذا بدأت بخطوات صغيرة على المستوى المؤسسي، وتتطلب فقط تطبيق الفطرة السليمة والمعايير العالمية والتشريعات القائمة.
ومن الواضح والبدیهي أن العراق لا يستطيع تحمل أعباء تعيين العدد غير المبرر البالغ 131 سفيرًا، كما هو مقترح في قانون الموازنة الاتحادية، ويجب على وزارة الخارجية إجراء مراجعة جذرية للحاجة الفعلية لعدد مناصب السفراء داخل الوزارة وخارجها. وفي الوقت نفسه يجب أن تركز على ملء الوظائف الشاغرة الحالية التي ظلت معلقة لفترة طويلة جدًا، ولا ينبغي فتح سفارات جديدة إلى حين تحسن الوضع المالي للبلد وعند توحيد الضوابط والمعاییر المؤسسية.
كما يجب على وزارة الخارجية ومجلس الوزراء ومجلس النواب الالتزام الصارم بعملية تعيين السفراء على النحو المنصوص عليه في القانون 45 لعام 2008، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالتعيينات السياسية.
ويتم تعيين السفراء بصفة دائمة بغض النظر عن طريق تعيينهم، ويجب أن تصر وزارة الخارجية، الوصي على العملية برمتها، على الجودة وألّا تتسامح مع انتهاكات القانون أو الاستثناءات من القاعدة، بما في ذلك المعينين السياسيين والوظيفيين على حد سواء، ولا ينبغي أن يكون الانتماء السياسي والطائفي جزءًا أساسيًا من عملية اختيار الدبلوماسيين المحترفين، ويجب ألا يُنظر إليه إلاّ ضمن المعايير الديمقراطية العالمية للمعينين السياسيين.
كما يجب تأمين الفرص المحمية بشكل فعّال لكل من النساء والأقليات العرقية والدينية التي تعاني حاليًا من نقص التمثيل بشكل كبير أو غير ممثلة على الإطلاق، فضلاً عن أنه يجب أن يكون المحترفون المستقلون قادرين على المنافسة في مجال ذي مستوى عادي على أساس الجدارة.
وقد عانت الجولة الأخيرة من اختيار المرشحين لتعيينات السفراء من أوجه قصور كبيرة تتطلب معالجة عاجلة قبل الانتهاء من القائمة لتقديمها إلى مجلس النواب. ويجب أن تستند عمليات القائمة المختصرة والمقابلة بالكامل على الصفات الشخصية والمهنية للمرشحين، حيث يتم رفض المتقدمين على أساس الجودة، ويجب ألا تكون هناك طرق مختصرة بديلة لتجاوز العملية.
كما يجب أن تكون عملية بناء القدرات مستمرة للسفراء الجدد والحاليين، وعلى وزارة الخارجية أن تستثمر في مجال تدريب السفراء والمعینین الجدد على مهارات الاتصال والقيادة، وتثقيفهم بشأن القضايا العالمية. كما يجب أن تكون هناك حوافز محددة بوضوح للاستثمار في التطوير الشخصي والمهني ومثبطات واضحة للإهمال أو الفشل المتعمد.
ومن المتوقع أن تعمل وزارة الخارجية على تعزيز الضوابط والمعاییر الإدارية، وإدخال نظام تقييم قوي للسفراء والمناصب العلیا الأخرى مع مراجعة أدائهم فصليًا وسنويًا.