"جنة النساء" في أفغانستان بلدة صغيرة تقطنها الطائفة الإسماعيلية

لندن – ينظر إلى بلدة شغنان الصغيرة في أفغانستان، التي تقطنها غالبية من الطائفة الإسماعيلية، إلى كونها “جنة النساء” في أفغانستان قياسيا إلى ما تعانيه النساء الأفغانيات من حياة شاقة واضطهاد ديني يمارسه المتشددون والتقاليد القبائلية الصارمة مع جنس الأنثى.
ولا يبدو تعبير “جنة” دقيقا لكنه الأفضل عندما يقارن بباقي أوضاع النساء في المدن الأفغانية الأخرى سواء التي مازالت تحت سيطرة حركة طالبان المتشددة أو التي تخضع لسلطة الحكومة.
وتواجه النساء والفتيات أشكالًا عديدة من التمييز، بما في ذلك حرمان السلطات الأفغانية للمرأة من الحق في حضانة أطفالها بعد الطلاق وجعل الأطفال ملكًا للأب بشكل حصري.
ولا تزال العوائق التي تحول دون التعليم والعمل مشكلة كبيرة، لاسيما بالنسبة للنساء اللواتي يعشن في المناطق الريفية من البلاد. وبحسب اليونيسف، فإن 3.7 مليون فتاة أفغانية مازلن لا يذهبن إلى المدرسة.

كريم آغا خان: لا تغطوا النساء ولا تتزوجوا عليهن، بل علموهن
ويعيش مسلمو الإسماعيلية – وهم إحدى طوائف الشيعة – في أكثر من 25 دولة حول العالم. وزعيمهم هو الأمير كريم آغا خان، المعروف لدى الإسماعيليين بمولانا إمام هزار، ويشار إليه عادة باسم الآغا خان. ويعتبره أتباعه الإمام أو الزعيم الروحي الـ49 بالوراثة، والسليل المباشر للنبي محمد.
ووفقًا لإسلام الإسماعيلية، لا يُطلب من النساء ارتداء الحجاب، كما أن تغطية الرأس أو الوجه غير محبذة.
وسبق وأن أكد الآغا خان علنًا أن الحجاب لا علاقة له بالإسلام وأنه مجرد ممارسات ثقافية.
وقال “حجاب المرأة تقليد سبق الإسلام وقد تم تقديمه كدليل على احترام المرأة وليس على الخضوع على سبيل المثال، ضد مفهوم أن المرأة هدف في مجتمع الرجل”.
وتجولت جوانا هيغز الباحثة الأسترالية في الأنثروبولوجيا بالبلدة التي يقطنها غالبية من الإسماعيلية ونقلت انطباعاتها في تقرير تناقلته صحف ومواقع أسترالية.
وكتبت هيغز المدافعة عن حقوق المرأة “عند التجول في بلدة شغنان الصغيرة، على الأقل من ناحية المظهر، يبدو أن النساء يتمتعن بقدر أكبر من الحرية. تظهر النساء بشكل أكبر في الشوارع، وبينما يرتدين الأوشحة على شعرهن، لا يرتدين البرقع”.
وذكرت طالبة في المدرسة الثانوية تبلغ من العمر 19 عاما أن وضع النساء والفتيات في شغنان أفضل منه في أجزاء أخرى من أفغانستان.
وقالت الطالبة ولم تكن تغطي وجهها كما ترغم النساء في مدن أخرى “شغنان هي أفضل مكان للنساء. إنهم لا يضغطون على النساء ويمكنهن فعل كل ما يردن. يمكن للفتيات والفتيان الدراسة معًا ويمكن للفتيات المشاركة في جميع الحفلات والمهرجانات ولا أحد يرتدي البرقع”. ويمكن للفتيات في الطائفة الإسماعيلية الدراسة والقيام بنفس الشيء مثل الرجال، إضافة إلى العمل في المكاتب، فهن مديرات في المدرسة، وهن مدرسات ويعملن في عدة مؤسسات.
وتسمح لهن عائلاتهن بالرقص مع الأولاد في الحفلات. ومع ذلك، ففي حين أن الوضع قد يكون أفضل بالنسبة للنساء والفتيات في شغنان، إلا أنه بعيد كل البعد عن أن يكون مثاليا بالنسبة للمرأة بل تشوبه العديد من النقائص.

جوانا هيغز: يمكن للمسلمين التعلم من وسطية الطائفة الإسماعيلية في تعاملها مع المرأة
واستدركت الطالبة وهي تتحدث للباحثة الأسترالية “عندما أقول حرية، تكون النساء أكثر حرية من المحافظات الأخرى. لكننا لسنا أحرارًا كما هو الحال في أماكن أخرى لأننا متخلفون ونحن دائمًا في حالة حرب. نحن عالقون مثل طالبان وداعش والقاعدة وهناك مجموعات أخرى لا تترك النساء يتحررن. في الأسواق على سبيل المثال، من المعيب أن تخلع النساء الوشاح، لأن هناك بعض الأشخاص الغرباء من أجزاء أخرى من أفغانستان لذلك لا يمكنهن خلع الحجاب”.
وقالت طالبة أخرى تبلغ من العمر 17 عامًا من نفس المدرسة “في شغنان، هذا جيد للنساء لأنهن قادرات على الدراسة ولديهن إذن للذهاب إلى مناطق أخرى ودول أخرى. لكن في مناطق أخرى من أفغانستان، لا يمكنهن السفر أو الذهاب إلى أي أماكن. وفي بعض المناطق، لا يُسمح للنساء باستخدام الهواتف أو مشاهدة التلفزيون. يمكنني استخدام هاتفي كما لدي حساب على فيسبوك. لكن بعض العائلات الأخرى تقول إنه إذا كان للمرأة هاتف، فربما يكون لديها صديق وبالتالي لا يُسمح لها بامتلاك هاتف. ولا يجوز لها أن تحب”.
وقالت مدرسة في مدارس اللغة الإنجليزية المحلية “هناك فرق كبير بين الأماكن المختلفة في أفغانستان. غالبية الناس هنا يعرفون القراءة والكتابة. يمكننا التمييز بين الخير والسيء. لكن عندما تذهب إلى مقاطعات أخرى، فهناك فرق كبير. يقولون إنهم يتبعون القواعد الإسلامية لكنها ليست قواعد إسلامية. يقولون إن هذا هو الإسلام. لكن الأمر ليس كذلك. نحن هنا أكثر انفتاحًا وحرية. قد يكون هناك بعض الأشخاص الذين سيأتون إلى هنا من قندهار وسوف يرون رجالًا ونساء يسيرون معًا وسيقولون بسبب هذا أننا لسنا مسلمين”.
ويناشد آغا خان بشكل دائم عدم إرغام النساء على أمور غريبة الأطوار. وألا يحرمن من القيم الإنسانية.
ويقول “لا تخبئوا وتغطوا النساء، علموهن، لا تضغطوا عليهن، ولا تتزوجوا إلا زوجة واحدة”.
وشدد زعيم الطائفة الإسماعلية على أنه سعى بشكل دائم إلى تشجيع تحرر المرأة وتعليمها. مضيفا “في عهد جدي وأبي، كان الإسماعيليون متقدمون بفارق كبير عن أي طائفة إسلامية أخرى في مسألة إلغاء الحجاب الصارم حتى في الدول المحافظة للغاية. لقد ألغيته تمامًا الآن، ولا توجد أبدًا امرأة إسماعيلية ترتدي الحجاب”.
وأوضح “لقد شجعت دائمًا في كل مكان مدارس الفتيات، حتى في المناطق التي لم تكن معروفة تمامًا بخلاف ذلك. أقول بكل فخر إن أتباعي الإسماعيليين، في مسألة الرعاية الاجتماعية هذه، يسبقون بكثير أي طائفة إسلامية أخرى”.
بالإضافة إلى ذلك، أشار الآغا خان أنه في حال كانت بعض الأسر تعاني من مشاكل اقتصادية وعليها الاختيار بين دعم الفتاة أو الصبي، فخيارها يكون دعم الفتاة.
وقالت جوانا هيغز “يمكن للناس أن يتعلموا الكثير من النسخة الإسماعيلية للإسلام ومن تعزيز الآغا خان لحقوق المرأة. إنه درس لتعليمنا أنه بغض النظر عن مكان وجودنا في العالم سواء كان ذلك في أفريقيا أو آسيا أو الشرق الأوسط، فإن أشكال العنف والتمييز ضد النساء والفتيات لا ينبغي أبدًا أن تُعفى من الثقافة والدين”.
