المغرب يعزز إجراءات الأمان الاجتماعي لحماية القدرة الشرائية

عزز المغرب إجراءات الأمان الاجتماعي لحماية القدرة الشرائية للمواطنين وذلك من خلال إقرار ضريبة تراعي نفقات التكفل العائلي وتعليم الأبناء بالنسبة إلى الطبقة الوسطى ورفع مداخيل المواطنين وتعزيز الدعم الحكومي للحفاظ على استقرار الأسعار.
الرباط - حددت الحكومة المغربية إجراءات لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال الرفع من مداخيل المواطنين عبر مراجعة عدد من الأجور ووضع سياسة جبائية ملائمة، والحفاظ على استقرار الأسعار.
وأكد وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون خلال جلسة بمجلس النواب الاثنين، أن الآليات غير المباشرة تتعلق بوضع برامج قطاعية اجتماعية، كالسكن الاجتماعي، وبرنامج تيسير، ومليون محفظة.
وأضاف بنشعبون أنه تم تحديد الأسعار وتسقيف هوامش الربح، لنحو 18 منتجا كالماء والكهرباء والأدوية، مشيرا إلى أن الدولة تتدخل كذلك عبر صندوق المقاصة لضمان استقرار غاز البوتان والسكر والدقيق حيث يكلف ذلك ما يقارب 15 مليار درهم، (حوالي 1.7 مليار دولار) سنويا.
وبخصوص المواد الأساسية كالحبوب والقطاني، تتدخل الدولة عبر مراسيم تقلص الرسوم الجمركية وتعلقها كما هو الحال بالنسبة للقمح اللين والصلب والقطاني، كما تعمل الحكومة على مراقبة الأسواق ووضعية تموينها عبر لجان مختلطة، حيث يتم تكثيف المراقبة للحدّ من المضاربات والاحتكار.

محمد بنشعبون: الدولة تتدخل عبر صندوق المقاصة لضمان استقرار الأسعار
وأفاد تقرير حول أنشطة الحكومة خلال الفترة (2017-2021) بأن السلطات عملت على تنزيل سلسلة من الإجراءات للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين ودعمها، والتي همت فئات واسعة من الأسر، سواء الفقيرة منها أو التي في وضعية هشاشة، أو أسر الطبقة المتوسطة.
لكن رئيس مجموعة حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب رشيد العبدي، كان له رأي آخر مسجلا “تزايد البطالة بنسبة 17 في المئة وإفلاس عدد من الشركات”.
وقال العبدي “إن المواطن المغربي أصبح يعيش أزمة متعددة الأوجه وبات عاجزا عن مسايرة متطلبات الحياة والزيادات المتتالية في المعيشة والأسعار”.
وسجل العبدي خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب الاثنين ما اعتبره انهيار القدرة الشرائية للمواطن، مشددا على أن الحكومة في تعاطيها مع الأزمة الاقتصادية لكورونا أظهرت فقدانها للابتكار والحلول الناجعة.
من جهته لفت سعدالدين العثماني رئيس الحكومة إلى أن “الإنجازات لا يمكن أن تحجب عنا صعوبة الوضعية الاجتماعية لبعض الفئات والشرائح من المواطنات والمواطنين، وهو ما يفرض علينا جميعا المزيد من التعبئة والتضحية، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من أجل مغرب أفضل، يتمتع بتنمية مندمجة ومستدامة، تضع المواطن في صلب أولوياتها“.
وأشارت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة إلى أن القدرة الشرائية للأسر المغربية ستبقى في مستوى جيد في ظل التوجه الإيجابي لمستويات الدخل بفضل الموسم الزراعي الجيد، واستمرار تحويلات المغتربين في الخارج.
وأبرزت معطيات مذكرة الظرفية الاقتصادية لشهر مايو الصادرة عن الوزارة أن “تقييم الوضع الاقتصادي الوطني على أساس آخر المؤشرات الظرفية المتوفرة يفيد بأن الوضع الاقتصادي يتجه نحو دينامية انتعاش مؤكدة“.
وذكرت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن الموسم الزراعي الجيد يعزز التوقعات الإيجابية، خاصة مع إنتاج جيد جدا من الحبوب بزيادة قدرها 206 في المئة مقارنة بسنة 2020 ليصل إلى 98 مليون قنطار.

إدريس الفينة: الحماية الاجتماعية ضرورية لإعادة توزيع الثروة وحماية الأسر
وبهدف تحسين مستويات العيش والتقليص من الفقر، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى ضرورة تعزيز القدرة الشرائية للطبقة الوسطى، من خلال سن ضريبة للأسرة تكون سانحة أكثر وتأخذ بعين الاعتبار نفقات التكفل العائلي، مع تعزيزها بتعويضات عائلية أكثر مواكبة للواقع الاجتماعي والاقتصادي للأسر، بما في ذلك نفقات تعليم الأبناء.
ولتمويل مشاريع الدعم الاجتماعي للعاملين في القطاع الموازي، فرضت الحكومة في قانون المالية برسم 2021، ضريبة اجتماعية تضامنية على الأرباح، سعيا منها في كبح تداعيات جائحة كورونا وتوفير موارد إضافية لصندوق التماسك الاجتماعي، حيث تتوقع وزارة المالية أن تتمكن من تحصيل 5 مليارات درهم، (544 مليون دولار)، من وراء هذه المساهمة التي حددت مدتها في سنة مالية واحدة.
وشدد إدريس الفينة أستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط في تصريح لـ”العرب”، على الحماية الاجتماعية الشاملة كإجراء مهم لإعادة توزيع الثروة، سيساعد في حماية الأسر من الانزلاق نحو الفقر والهشاشة وفي خلق المزيد من الاستقرار للأسر والأفراد في مواجهة مختلف المخاطر المرتبطة بالأمراض وفقدان الشغل وتربية الأطفال وتطبيبهم والتقاعد.
وكشفت المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، أن 38 في المئة من دخل الأسر المغربية مصدرها الأجور، وهي نسبة تمثل 44 في المئة في الوسط الحضري و23 في المئة في الوسط القروي.
ويتجلى من معطيات المندوبية أن نصف الأسر المغربية لها دخل شهري متوسط يفوق 5133 درهما، ونصف الأسر في الوسط الحضري يفوق متوسط دخلها 5609 دراهم (636 دولارا)، نصفها في الوسط القروي لديها 4237 درهما (481 دولارا).
وتتأتى 49 في المئة من هذه التحويلات من المؤسسات العمومية ونحو 40 في المئة من الأسر و11 في المئة من المؤسسات الخاصة.
وأوضحت المندوبية أن توزيع الدخل المستقل غير الزراعي يسجل الفجوات الأكثر اتساعا، إذ يمثل دخل خمس الأسر الأكثر يسرا 16.5 مرات دخل خمس الأسر الأقل يسرا. وتصل هذه الفجوة إلى 38.4 مرات بين العُشريين الأكثر يسرا والأقل يسرا.
ويتأثر مستوى الدخل بمجموعة من العوامل، لاسيما الخصائص السوسيواقتصادية لرب الأسرة، حيث يتضاعف متوسط الدخل الشهري عند التقاعد لينتقل من 4.2 درهم (477 دولارا)، لفئة “15-24” سنة إلى 8600 درهم (977 دولارا) لفئة 65 سنة فما فوق.