السجالات بشأن رفع الحصانة عن نواب برلمانيين في تونس تتصاعد

تونس- عاد ملف رفع الحصانة عن نواب برلمانيين بقوة إلى الواجهة في تونس، حيث فجر حديث الرئيس قيس سعيد عن تلقي البرلمان العديد من الطلبات لرفع الحصانة عن نواب برلمانيين سجالات بين النواب، ففيما نفى بعضهم ذلك، أشار آخرون بأصابع الاتهام إلى رئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي -حسب رأيهم- “أخفى الطلبات لابتزاز النواب”.
وخلال ندوة صحافية عُقدت الخميس نفى مساعد رئيس مجلس النواب (البرلمان) المكلف بالإعلام ماهر مذيوب أن يكون البرلمان قد تلقى طلبات لرفع الحصانة عن نواب.
ويكتنف الغموض ما إن كان فعلا البرلمان قد تلقى طلبات لرفع الحصانة وعدد تلك الطلبات، ففيما تؤكد أحزاب سياسية وكتل معارضة ذلك نفى مذيوب أن يكون البرلمان قد تلقى مطالب لرفع الحصانة عن نواب.
البرلمان التونسي يواجه انتقادات لاذعة بعد تحوله إلى حلبة للصراعات بين القوى السياسية الممثلة فيه
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد طالب البرلمان الأربعاء بعرض طلبات رفع الحصانة عن النواب على الجلسة العامة، قائلا خلال كلمة له في استقبال رئيس الحكومة هشام المشيشي ووزير الدفاع الوطني إبراهيم البرتاجي إن “هناك 25 قضية مرفوعة ضد النواب، على المجلس عرض مطالب رفع الحصانة على الجلسة العامة”.
وبالرغم من حساسية الملف إلا أن تفاعلات اللاعبين في الساحة السياسية معه تضاربت، حيث أكد النائب ومساعد رئيس البرلمان المكلف بالإعلام ماهر مذيوب أن مجلس النواب “لم يرد عليه منذ 13 نوفمبر 2020 أي مطلب لرفع الحصانة” في إشارة إلى تاريخ تأدية النواب الجدد لليمين الدستورية ومباشرة مهامهم.
لكن هذه الرواية تتضارب مع ما أعلنت عنه أوساط قضائية تونسية ومنظمات وبرلمانيين بشأن تلقي البرلمان مطلبا لرفع الحصانة عن النائب عن حزب قلب تونس غازي القروي وهو شقيق رئيس الحزب ومؤسسه نبيل القروي الذي يقبع هو الآخر في السجن.
وكشفت منظمة “أنا يقظ” الأسبوع الماضي عن توجيه قاضي التحقيق الأول بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي مطلبا للبرلمان لرفع الحصانة عن النائب غازي القروي، موضحة أن ذلك يأتي على خلفية الشكاية التي تقدمت بها منظمة أنا يقظ ضد الشقيقين نبيل وغازي القروي.

نبيل حجي: توجد مطالب لرفع الحصانة تخص 29 نائبا
كما أكد الناطق الرسمي باسم القطب القضائي الاقتصادي والمالي محسن الدالي، أن “القطب القضائي الاقتصادي والمالي قد وجّه مطلبا رسميا إلى البرلمان لرفع الحصانة عن النائب غازي القروي منذ 7 جانفي 2021، إلا أن المطلب لم يُوجه مباشرة إلى البرلمان بل إلى وزارة العدل التي تمثل سلطة الإشراف الإدارية ولها توجيه مطالب رفع الحصانة إلى البرلمان”.
ولم ينف رئيس كتلة حزب قلب تونس بالبرلمان أسامة الخليفي ذلك، حيث أكد خلال ندوة صحافية أن المعني بالأمر متمسك بحصانته البرلمانية.
وبدوره، أعلن النائب البرلماني نبيل حجي عن تلقيه ردا من وزارة العدل بشأن مطلب للنفاذ إلى المعلومة بخصوص طلبات رفع الحصانة عن النواب قائلا “يفيد بوجود مطالب رفع حصانة تخصّ 29 نائبا على امتداد العهدة النيابية السابقة والحالية، ومن بين الـ29 نائبا الذين وردت بخصوصهم مطالب رفع حصانة لم يتمسك 9 منهم بها”.
وأضاف حجي في تصريحات لإذاعة محلية أنه “استنادا إلى رد وزارة العدل الذي تلقاه بتاريخ 15 أفريل الماضي فإن 10 نواب من المشمولين بمطالب رفع الحصانة فقدوا الصفة فيما لا يزال البقية نوابا أو تم انتخابهم خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة ومن بينهم نائب تتعلق به 4 مطالب رفع حصانة ونائب آخر 3 مطالب لرفع الحصانة“.
وينص الفصل 68 من الدستور على أنه “لا يمكن إجراء تتبع قضائي مدني أو جزائي ضد عضو بمجلس نواب الشعب أو إيقافه أو محاكمته لأجل آراء أو اقتراحات يبديها أو أعمال يقوم بها في ارتباط بمهامه النيابيّة”.
كما ينص الفصل 69 على أنه “إذا اعتصم النائب بالحصانة الجزائية كتابة فإنه لا يمكن تتبعه أو إيقافه طيلة مدة نيابته في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة، أما في حالة التلبّس بالجريمة فإنه يمكن إيقافه ويُعْلم رئيس المجلس حالا على أن ينتهي الإيقاف إذا طلب مكتب المجلس ذلك”.
الرئيس قيس سعيد طالب البرلمان بعرض طلبات رفع الحصانة عن النواب على الجلسة العامة
ويبدو أن نفي مساعد رئيس البرلمان المكلف بالإعلام لتلقي المجلس النيابي طلبات لرفع الحصانة عن نواب لم يُقنع الأوساط السياسية في تونس.
واتهمت النائب البرلمانية عن حزب التيار الديمقراطي رئيس البرلمان راشد الغنوشي بإخفاء تلك المطالب لابتزاز النواب، وهي تهم رفضها ماهر مذيوب ليتم الإبقاء على حالة الغموض التي تكتنف ما إذا كان البرلمان قد تلقى فعلا طلبات لرفع الحصانة عن نواب.
ويواجه البرلمان التونسي انتقادات لاذعة بعد تحوله إلى حلبة للصراعات بين القوى السياسية الممثلة فيه، فيما يواجه رئيسه راشد الغنوشي اتهامات بعدم القدرة على تسيير أشغال المجلس والعمل على ضرب المعارضة ممثلة في الحزب الدستوري الحر لكن خصومه عاجزون إلى حد الآن عن الإطاحة به.