واشنطن غاضبة من تعرض متظاهرين عراقيين للعنف والتهديد

الخارجية الأميركية تحثّ العراق على محاسبة الميليشيات على هجماتهم ضدّ العراقيين.
الجمعة 2021/05/28
مراقبة لمناطق الاحتجاجات

بغداد - دعت الولايات المتّحدة السلطات العراقية إلى محاسبة الميليشيات التي هاجمت المحتجين السلميين في بغداد، معربة عن سخطها لتعرّض التظاهرات لـ"تهديدات وعنف وحشي"، وذلك بعد يومين على مقتل متظاهرَين في بغداد.

وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان الخميس إنّ "الولايات المتّحدة ساخطة لواقع أنّ متظاهرين سلميين نزلوا إلى الشوارع للمطالبة بالإصلاح، قوبلوا بتهديدات وبعنف وحشي".

وأضاف أنّ "انتهاك السيادة العراقية وحكم القانون من قِبل ميليشيات مسلّحة يضرّ بالعراقيين أجمعين وببلدهم".

وتابع "نرحّب بكلّ جهد من قبل الحكومة (العراقية) لمحاسبة الميليشيات والبلطجية ومجموعات الدفاع الذاتي على هجماتهم ضدّ العراقيين الذين يمارسون حقّهم في حرية التعبير والتجمّع السلمي، وكذلك على انتهاكاتهم لسيادة القانون".

واحتشد الآلاف من العراقيين الثلاثاء وسط بغداد للضغط على سلطات بلادهم لملاحقة المتورطين في قتل المئات من المحتجين والناشطين، منذ بدء الحراك الشعبي بالبلاد في أكتوبر 2019.

والأربعاء قالت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق (مؤسسة رسمية ترتبط بالبرلمان)، إن عدد المصابين في تلك الاحتجاجات بلغ 150 شخصا من قوات الأمن والمتظاهرين، فيما لا يزال 11 شخصا قيد الاحتجاز.

واحتجاجات الثلاثاء جزء من حراك شعبي بدأ في أكتوبر 2019، ولا يزال مستمرا على نحو محدود، ونجح في الإطاحة بالحكومة السابقة، برئاسة عادل عبدالمهدي.

ويتهم المحتجون القوى السياسية الحاكمة بالضلوع في فساد مالي وسياسي وارتباط بالخارج على حساب مصالح العراقيين.

وشارك الآلاف في التظاهرة التي ضمّت أشخاصا من مدن جنوبية مثل الناصرية وكربلاء، رفعوا صور ناشطين اغتيلوا، لاسيّما إيهاب الوزني رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء الذي كان لسنوات عدّة يحذّر من هيمنة الفصائل المسلّحة الموالية لإيران.

ولم تعلن أيّ جهة مسؤوليتها عن اغتيال الوزني، وهو أمر تكرّر في هجمات سابقة في بلد تفرض فيه فصائل مسلّحة سيطرتها على المشهدين السياسي والاقتصادي.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق قبل نحو عامين، تعرّض أكثر من 70 ناشطا للاغتيال أو لمحاولة اغتيال، فيما خطف عشرات آخرون لفترات قصيرة.

وغالبا ما تُنسب الاغتيالات التي استهدفت ناشطين منذ انطلاقة "ثورة تشرين" في 2019، إلى فصائل مسلّحة موالية لإيران ومنضوية في هيئة الحشد الشعبي التابعة نظريا للحكومة.

كما شهت بغداد الأربعاء توترا بعد اعتقال قوة أمنية خاصة قاسم مصلح، قائد عمليات "الحشد الشعبي" في الأنبار (غرب)، بتهمة الإرهاب.

وأثار الاعتقال غضب قادة فصائل الحشد، وتطورت الأحداث إلى محاصرة قوات من الحشد منزل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ومواقع أخرى في المنطقة الخضراء، وسط بغداد، للضغط لإطلاق سراح مصلح، وهو ما حدث بالفعل، وفق مصادر في هيئة "الحشد الشعبي".

ويرى مراقبون أن الحشد الشعبي زاد نفوذه على نطاق واسع، وبات أقوى من مؤسسات الدولة الأخرى، ولا يخضع قادته لأوامر الحكومة العراقية بل لقادته المقربين من إيران.

وتضاربت الأنباء الخميس حول إطلاق سراح القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح، بعد الإعلان عن اعتقاله بتهمة اغتيال الوزني وناشط آخر هو فاهم الطائي.

وعلى إثر الإعلان عن توقيف مصلح، أغلقت المنطقة الخضراء في العاصمة بالكامل بسبب تهديدات من الفصائل الموالية لإيران. وانتشرت لاحقا قوات مسلحة من الحشد على مداخل المنطقة الخضراء في وسط بغداد، ما أثار مخاوف من تفاقم الوضع.

وانتشرت في المقابل قوات مكافحة الإرهاب داخل المنطقة الخضراء، فيما انتشر الجيش العراقي في مناطق أخرى في العاصمة وقطع بعض الطرقات.

وكانت حكومة مصطفى الكاظمي، وهي تتولى السلطة منذ مايو 2020، تعهدت بمحاكمة المتورطين في قتل المتظاهرين والنشطاء، لكن لم يتم تقديم أي متهم للقضاء حتى الآن.

ووفق إحصاء الحكومة، فإن 565 من المتظاهرين وأفراد الأمن قتلوا خلال احتجاجات 2019، بينهم العشرات من النشطاء تعرضوا للاغتيال على أيدي مجهولين.