شبح مقاطعة قياسية يخيم على الانتخابات الرئاسية في إيران

خامنئي يستميل الناخبين في اقتراع على مقاس طرف واحد.
الجمعة 2021/05/28
اقتراع شكلي في ظل حكم دولة المرشد

انعكست خشية المتابعين من عزوف الإيرانيين عن التصويت في الانتخابات الرئاسية المرتقبة، والتي تعتبر بمثابة اختبار حقيقي للنظام، على المرشد الأعلى علي خامنئي الذي حاول استمالة الناخبين بحثهم على تجاهل دعوات المقاطعة التي من المرجح أن تكون قياسية مقارنة باستحقاقات سابقة بعد أن أضحى الاقتراع شبه محسوم لصالح التيار المتشدد.

طهران - تتصدر مسألة إقبال الناخبين الإيرانيين في الاقتراع الرئاسي المقرر الشهر المقبل عناوين تحليلات المراقبين بعد أن حسم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الخميس موقفه من عملية اختيار مجلس صيانة الدستور للمرشحين في السباق، والتي يرى كثيرون أنها شبه محسومة لصالح التيار المتشدد.

ومن بين سبعة مرشحين وافق عليهم المجلس هناك خمس شخصيات محسوبة على المحافظين وأبرزهم إبراهيم رئيسي رئيس السلطة القضائية، وكذلك محسن رضائي أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، بينما تدخل المنافسة شخصيتان من الإصلاحيين هما محمد مهر علي زادة النائب السابق للرئيس حسن روحاني، وعبدالناصر همتي محافظ البنك المركزي.

ويبدو توجس خامنئي من مقاطعة الناخبين الإيرانيين للاستحقاق الرئاسي، الذي يسير على مقاس طرف واحد، واضحا، إذ يعتبر المحللون أن هذه الانتخابات بالنسبة إلى النظام لحظة فاصلة قد ترسم مسار مستقبل الجيل القادم في دولة تقل سن قرابة 60 في المئة من شعبها البالغ تعداده 80 مليون نسمة عن الثلاثين.

ويُحاول المرشد الأعلى إثارة اهتمام الناخبين المتعبين بسبب تفشي الوباء والاقتصاد المتدهور بسبب العقوبات الأميركية، وذلك باعتبار أن النظام الإيراني يبني شرعيته بشكل جزئي على نسبة المشاركة في الانتخابات.

وفي مسعى لاستمالة الإيرانيين لإنجاح عملية الاقتراع بعد استبعاد شخصيات بارزة مرشحة، والتي تأتي في ظروف تمر فيها البلاد بضائقة مالية جراء إمعان السلطة في بناء ترسانة عسكرية ونووية تعد محل قلق لدول الشرق الأوسط، حث خامنئي على تجاهل الدعوات إلى مقاطعة الانتخابات.

المرشد الأعلى يُحاول إثارة اهتمام الناخبين المتعبين بسبب تفشي الوباء والاقتصاد المتدهور بسبب العقوبات الأميركية، وذلك باعتبار أن النظام الإيراني يبني شرعيته بشكل جزئي على نسبة المشاركة في الانتخابات

وقال خامنئي للمشرعين في كلمة عبر الفيديو نشرها حسابه الرسمي على “إنستغرام”، وهي رسالة أراد توجيهها في الوقت نفسه إلى عموم الإيرانيين “تجاهلوا الذين يشنون حملات ويقولون إن لا طائلة من التوجه إلى صناديق الاقتراع وإنه لا ينبغي لأحد أن يشارك” في الانتخابات.

وحض المرشد الأعلى طيلة الأشهر الماضية على مشاركة واسعة تقترن بـ”اختيار صحيح لرئيس فعّال”، في إشارة ضمنية إلى الأزمات الداخلية التي تعاني منها البلاد وأيضا على مستوى العلاقات مع دول الشرق الأوسط والمفاوضات النووية.

وتأتي كلمة المرشد بعد يوم على إعلان روحاني أنه طلب من خامنئي المساعدة في توفير “منافسة” أكبر في الانتخابات الرئاسية، والتي اعتبرها متابعون أنها انتقاد صريح لـ”ديمقراطية المرشد” التي تقصي المعتدلين والإصلاحيين من المنافسة رغم وجود هيئة دستورية تختار المرشحين.

ومن المقرر أن يختار الإيرانيون في الـ18 من يونيو المقبل خلفا للرئيس حسن روحاني وسط مشاعر استياء واسعة إزاء أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، وعقب احتجاجات استخدمت السلطات الشدة في التعامل معها، في شتاء 2017 – 2018 وفي نوفمبر 2019.

وتعد نسبة المشاركة نقطة ترقب، إثر امتناع الآلاف من الإيرانيين عن التصويت في انتخابات البرلمان العام والتي انتهت بفوز ساحق للمحافظين، وذلك في أعقاب استبعاد المجلس الآلاف من المرشحين للرئاسة لأسباب غير معلومة، العديد منهم كانوا من المعتدلين والإصلاحيين.

وتشير بعض استطلاعات الرأي لمواقع وصحف محسوبة على المعارضة الإيرانية إلى أن الإقبال الشعبي على التصويت سيكون عند أدنى مستوى له على الإطلاق. وقد تكون الأرقام أقل بكثير من انتخابات 2017.

وكانت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي فاز فيها الرئيس حسن روحاني المحسوب على التيار المعتدل بولاية ثانية، قد شهدت نسبة إقبال عالية بلغت 70 في المئة.

ومنذ أشهر تقوم المعارضة في المنفى بحملة على شبكات التواصل الاجتماعي تدعو الإيرانيين لمقاطعة الانتخابات تحت وسوم بالفارسية مثل “لا للجمهورية الإسلامية”.

أرقام حول الانتخابات

  • 58 مليون إيراني من بين 80 مليونا يحق لهم التصويت

  • 70 في المئة نسبة المشاركة في انتخابات عام 2017
  • 50 في المئة متوسط نسب المشاركة في الانتخابات منذ 1979

ويرى متابعون أن تصريحات خامنئي تشير على ما يبدو إلى أنه لا يعتزم التدخل في مسألة إجازة خوض مرشحين المنافسة بعد رفضهم من مجلس صيانة الدستور، كما فعل في 2005.

لكن في المقابل، تؤكد أن هناك مخاوف حقيقية للمرشد الأعلى الإيراني من تكرار سيناريو انتخابات مجلس الشورى في فبراير العام الماضي، حيث شهدت نسبة امتناع قياسية تجاوزت 57 في المئة.

وتظهر بعض التقديرات أن عدد الناخبين المصرح لهم بالاقتراع في الانتخابات الرئاسية يبلغ نحو 58 مليون إيراني، لكن من المرجح أن يقاطعها نصفهم على الأقل. ويقول المسؤولون إن نسبة المشاركة لم تقل عن 50 في المئة منذ أول اقتراع عقب الثورة في 1979.

وما يؤكد هذا الأمر أنه بعد انتهاء مهلة تسجيل المترشحين للاستحقاق الرئاسي عكست إصدارات الصحف الإيرانية مخاوف واسعة من عزوف نسبة كبيرة من الإيرانيين عن المشاركة في الاقتراع للانتخابات الرئاسية.

وعلى سبيل المثال، اعتبرت صحيفة “شرق” الإصلاحية في تقرير نشرته في وقت سابق هذا الشهر أن استطلاعات رأي مختلفة تشير إلى أن أكثر من نصف الناخبين لا يرغبون في المشاركة بعملية الاقتراع.

وقالت حينها إن “العدد المهم من المسؤولين أو القادة الحاليين والسابقين الذين تقدموا بترشيحهم، لم يساهم في رفع حرارة حماسة الناخبين التي لا تزال جليدية”.

كما حذرت صحيفة “إيران” الحكومية من “خطر الإصابة بالإحباط” في حال لم يوفر الذين تتم المصادقة على خوضهم الانتخابات، قدرة تمثيلية واسعة قدر الإمكان، معتبرة أن طهران “تحتاج إلى أن تبعث إلى العالم رسالة قوية عبر نسبة المشاركة”.

5