ليبيا تدعم تونس لتجاوز أزمتها الاقتصادية المتفاقمة

طرابلس – وقعت تونس وليبيا اتفاقيات في مجالات النقل البحري والجوي والبري، فيما اتفقت حكومتا البلدين على تعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة مع نظيره التونسي هشام المشيشي السبت، في العاصمة طرابلس.
وأكد الدبيبة عزم حكومته على تسوية أوضاع العمالة التونسية في ليبيا ورفع القيود عن اعتمادات البضائع القادمة من تونس إلى ليبيا برا، مشيرا إلى سعيهما لحل بعض القضايا العالقة كالمشكلات الأمنية والديون.
وقال الدبيبة "هناك زخم كبير في العلاقات الليبية التونسية منذ استلام حكومة الوحدة مهامها، وسنعمل على تفعيل الاتفاقيات الموقعة ومراجعة ما يحتاج المراجعة منها، وسنقوم بإرسال معدات طبية لإخوتنا في جنوب تونس للمساعدة في مواجهة كورونا".
وأضاف "لن نترك تونس وحيدة في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة وسنقوم بكافة الخطوات اللازمة لمساعدة الأشقاء".
وتواجه تونس أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات جائحة كورونا، وشهدت منحنى تصاعديا لديونها وانكماش اقتصادها بنحو 8.8 في المئة في 2020، مع بلوغ عجز الموازنة 11.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما شرعت الحكومة في محادثات مع صندوق النقد بشأن حزمة مساعدة مالية.
وشدد رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي على رغبة بلاده في تحفيز التعاون الاقتصادي مع الجارة ليبيا، التي تحاول طيّ صفحة عقد من النزاع وانعدام الاستقرار.
وقال المشيشي إن الزيارة تهدف إلى "تأكيد عمق الروابط التاريخية السياسية والاقتصادية وخصوصا الروابط الإنسانية التي تجمع ليبيا وتونس".
وأضاف "مجالاتنا الاقتصادية متكاملة والذي يمس ليبيا من الناحية الاقتصادية ينفع أيضا تونس".
وهذه الزيارة الأولى لرئيس الحكومة التونسي إلى ليبيا والتي تستمر يومي السبت والأحد بدعوة من نظيره الليبي، يرافقه عدد من الوزراء ونحو مئة من أصحاب الشركات الذين سيشاركون في منتدى اقتصادي ومالي في طرابلس.
وتحمل الزيارة طابعا اقتصاديا بامتياز، حيث يرافق رئيس الحكومة كل من محافظ البنك المركزي مروان العباسي ووزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار علي الكعلي ووزير التجهيز كمال الدوخ ووزير التجارة (والصناعة بالنيابة) محمد بوسعيد وكاتب الدولة للشوون الخارجية محمد علي النفطي.
ويضم الوفد كلاّ من نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وسمير ماجول رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وعبدالمجيد الزار رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وألف رجل أعمال.
وبين تونس وليبيا علاقات اقتصادية وثيقة إضافة إلى ارتباطات عائلية بين جانبي الحدود، لكنها تضررت إثر سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. رغم ذلك، لا تزال تونس وجهة أساسية لليبيين للسياحة والعلاج، لاسيما لدى سكان غرب البلاد.
ويتركز برنامج زيارة رئيس الحكومة على تدشين الخط الجوي بين تونس وليبيا، علما وأنّ الرحلات قد انطلقت فعليا الاثنين مع وصول طائرتين للخطوط الجوية التونسية إلى طرابلس ومدينة بنغازي شرق البلاد، لتصير أول شركة طيران دولية تعود إلى ليبيا منذ أغسطس 2014.
وتولي السلطات التونسية اهتماما خاصا بالجارة ليبيا لانعكاسات أوضاعها المباشرة على تونس، وهي تتطلع إلى الحصول على حصة في مشاريع إعادة إعمار ليبيا وضمن سوق العمل.
وظلت ليبيا سوقا رئيسية ومتنامية للاقتصاد التونسي حتى عام 2011 قبل أن تنهار المبادلات منذ عام 2014. ثم صارت السلع التونسية تعاني منافسة حادة من نظيرتها التركية، لكن تونس تحاول استعادة حصة من السوق مع استتباب الهدوء في ليبيا.
وتراجعت المبادلات الاقتصادية بين البلدين الجارين خلال العام الماضي نتيجة الإغلاق المتكرر للحدود البرية لكبح تفشي فايروس كورونا، لكن أحدث المؤشرات الصادرة عن معهد الإحصاء بتونس تشير إلى أن الحركة التجاريّة على الطرقات استرجعت نسقها بين البلدين، وأن المبادلات مع ليبيا تطورت خلال مارس 2021 بنسبة 148.1 في المئة، مقارنة بشهر فبراير 2021.
والأربعاء الماضي، أكد رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، خلال إشرافه على مجلس وزاري لبحث علاقات التعاون بين تونس وليبيا، أن "السوق الليبية تعتبر اليوم سوقا استراتيجية واعدة لتونس، خاصة بعد التقدم الذي شهده المسار السياسي الليبي على طريق الاستقرار".